نشرت صحيفة "جيوبوليس" الفرنسية تقريرا؛ سلطت من خلاله الضوء على الزيارة الرسمية لرئيس الحكومة
التونسي، يوسف الشاهد، إلى الولايات المتحدة التي انطلقت في التاسع من تموز/ يوليو الجاري وتنتهي في الثاني عشر من نفس الشهر.
ويرافق الشاهد وفد من رجال الأعمال، فيما من المتوقع أن يجتمع بنائب الرئيس الأمريكي، مايك بنس، تسعى تونس إلى التقرب من الولايات المتحدة، التي أعلنت من جهتها عن التقليص من المساعدات التي تقدمها للبلد الأفريقي.
ونقلت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"؛ عن أمريكي متخصص في
العلاقات الدولية، يتابع عن كثب الملف التونسي، أن "الإدارة الأمريكية الجديدة يحدوها الفضول من أجل التعرف على رئيس الحكومة الجديد والشاب، والاستماع إلى تحليلاته بشأن الوضع في بلاده وفي المنطقة، بالإضافة إلى فهم الرؤية التي يحملها للمستقبل".
وأشارت الصحيفة إلى أن الشاهد لم يتردد خلال الأشهر الأخيرة في شن هجوم شرس على الفساد؛ الذي وصفه في 4 حزيران/ يونيو الماضي بأنه "متفش على نطاق واسع". وأضاف الشاهد أن "هدفنا يتمثل في تفكيك أنظمة الفساد. لكن مكافحته بمثابة حرب مستمرة مدعومة سياسيا وتستغرق وقتا طويلا".
ولم يكتف الشاهد بإطلاق الشعارات فحسب، بل أقدمت حكومته خلال شهر أيار/ مايو الماضي؛ على اعتقال العشرات من رجال الأعمال والمهربين المشتبه بتورطهم في قضايا فساد، وطالت الحملة طلت مسؤولا أمنيا سابقا. ووعد رئيس الحكومة بأنه لن يكون هناك أحد بمأمن من هذه "الحرب".
وأوضحت الصحيفة أن هذه المساعي لاقت استحسان الرأي العام في بلد أججت فيه المحسوبية والفساد ثورة سنة 2011. ونشر حوالي 50 شخصية بارزة من المجتمع المدني؛ عريضة تؤيد سياسة رئيس الحكومة.
في المقابل، "يبدو يوسف الشاهد اليوم وحيدا تماما"، وفق سهير بلحسن، الرئيسة الشرفية للفدرالية الدولية لحقوق الإنسان على موقع "جيستيس أنفو". بالتالي، تمثل زيارة واشنطن فرصة للتخفيف من وطأة الوضع غير المستقر في بلاد الشاهد، إذ تعدّ الزيارة الأولى من نوعها التي يؤديها بصفته رئيسا للحكومة التونسية، وفق الصحيفة.
وبينت الصحيفة أن الاقتصاد سيكون إحدى أبرز النقاط التي سيتم الحديث بشأنها في واشنطن، وهو ما أشار إليه موقع ليدرز بقوله إن "الالتزام بتحسين مناخ الأعمال والاستثمار يقدم إشارة قوية للقطاع الخاص الدولي".
وأضافت الصحيفة أنه "إلى جانب التركيز على جذب المستثمرين الأمريكيين، ستشمل أحد المطالب الرئيسية لتونس رفع الحواجز الجمركية على النسيج التونسي الذي يخضع لضريبة تبلغ نسبتها 17 في المئة في السوق الأمريكية". بالإضافة إلى ذلك، سيلتقي الشاهد بمسؤولين بارزين في صندوق النقد الدولي والبنك الدولي للحصول على التمويلات اللازمة.
وأوردت الصحيفة أن ملف الأمن والدفاع سيكون على رأس المناقشات التي ستجمع الشاهد بمحاوريه في واشنطن.
وتعدّ تونس شريكا أساسيا للغرب في شمال أفريقيا في إطار مكافحة المتطرفين. وفي هذا الصدد، لا يعتبر منح الولايات المتحدة لتونس صفة "حليف أساسي خارج حلف شمال الأطلسي" سنة 2015؛ من قبيل الصدفة، فهذه الصفة تمنح بطريقة محدودة للغاية.
وليس من قبيل الصدفة أيضا أن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، قد التقى بالرئيس التونسي، الباجي قايد السبسي، في مناسبتين منذ دخول ترامب البيت الأبيض في كانون الثاني/ يناير 2017.
وأضافت الصحيفة أن هذا الاهتمام الذي تبديه الإدارة الأمريكية يتناقض بشكل صارخ مع الإعلان الأخير لميزانية البيت الأبيض، والتي تعتزم من خلاله الولايات المتحدة تقليص مساعداتها الموجهة إلى تونس بنسبة 67 في المئة.
وفي افتتاحيتها التي تحمل عنوان "تونس وترامب: حب من طرف واحد"، تستنكر الصحيفة التونسية الناطقة بالفرنسية "لابراس" هذا التناقض، حيث أشارت إلى أن "الدعم المعروض من قبل الإدارة الأمريكية يقف في مواجهة أوامرها المتعلقة بالتقليص من حجم المساعدات".
ونقلت "لابراس" عن سفيان بن نصر، التونسي الأمريكي المقيم في الولايات المتحدة منذ 34 سنة والخبير في الضغط السياسي الأمريكي، أن "دونالد ترامب يرغب في تغيير العقيدة التي أنشئت منذ 50 سنة في السياسة الأمريكية الخارجية". وتجدر الإشارة إلى أن الجمهوريين يميلون إلى التقليص من حجم المساعدات الأمريكية المقدمة إلى الخارج، إلا أن الاستثناء الوحيد لهذه السياسة يتمثل في المساعدات الأمريكية لإسرائيل التي تشهد ارتفاعا مستمرا.
وأكدت الصحيفة أن المفارقة في موقف ترامب تجاه تونس لم تمر مرور الكرام، خاصة من قبل مؤسسة كارنيغي الشهيرة التي نشرت بحثا للباحثة سارة يركس، تحت عنوان "نحن بحاجة إلى تونس في الحرب ضد تنظيم الدولة". وقد احتجت الباحثة على التقليص في الميزانية، حيث وصفتها بـ"غير الحكيمة والخطيرة"، وأن ذلك يتعارض مع مشروع الميزانية الذي قدمه ترامب، والذي يحد من المساعدات المالية الموجهة إلى تونس مع نوايا تدمير تنظيم الدولة. بالإضافة إلى ذلك، سيكون لهذا القرار عواقب وخيمة بالنسبة للولايات المتحدة وحلفائها.