قال خبيران روسيان في قضايا الشرق الأوسط، إن الأزمة الخليجية أفضت إلى أن تصبح موسكو أقرب للدوحة من الرياض.
وقال الأستاذ المساعد في جامعة سان بطرسبورغ الأوروبية نيقولاي كوجانوف، وكبير أساتذة قسم العلوم السياسية في مدرسة الاقتصاد العليا ليونيد إيسايف، في مقال مشترك نشرته صحيفة "نيزافيسيمايا غازيتا" إن موسكو مهتمة بالطبع في الحفاظ على علاقة الشراكة مع كلا طرفي النزاع في الأزمة. لكن موسكو، على الرغم من اتخاذها منذ الأيام الأولى للنزاع موقفا محايدا، فإنها بدت أكثر تعاطفا مع الدوحة، وليس مع الرياض وحلفائها. وفق موقع "روسيا اليوم".
ويرى الخبيران أن هذا الوضع فائق الغرابة في حد ذاته، ولا سيما أن الدوحة سببت صداع رأس لموسكو أكثر من الرياض في السنوات الأخيرة. وقنواتها التلفزيونية تحديدا بثت دعايات ضد روسيا، حمل بعضها عناوين مثل "بوتين ديكتاتور القرن الحادي والعشرين" وروسيا "العدو رقم واحد للعالم الإسلامي".
وقالت الصحيفة إن الدوحة وموسكو حافظتا على حوار وثيق على المستويات كافة، وهو أمر ينطوي على مغزى معين، كما يرى الخبيران.
أولا، على الرغم من التغطية المحايدة جدا للنزاع في الفضاء الإعلامي الروسي، فإن تعاطف الساسة والخبراء في المجتمع الروسي هو إلى جانب قطر. ويجد ذلك تفسيره، كما يرى كاتبا المقال، في موقف قطر النشيط للغاية والموجه نحو المحافظة على حوار مستمر مع موسكو، وتفوق قطر على خصومها في المجال الإعلامي.
ثانيا، إن الكرملين يسعى لضم الدوحة إلى استراتيجية التوازن العالمي للشرقين الأوسط والأدنى، إلى جانب جميع اللاعبين الإقليميين الرئيسيين، على أساس مبدأ الحوار الإيجابي والفعال. وبالنسبة إلى القيادة الروسية، كما يقول كوجانوف وإيسايف، تبقى قطر اليوم شريكا أكثر ملاءمة لها، خلافا للسعودية.
ويلاحظ الخبيران أن موقف قطر البراغماتي جدا، على سبيل المثال في العلاقة مع إيران، أقرب إلى روسيا كثيرا من السياسة الحتمية الجامدة، التي تمارسها الرياض. ومن حيث الجوهر، فإن روسيا وقطر تنطلقان من وجهة نظر النفع في السياسة الخارجية، ومحاولة الحد من اعتماد المصالح الوطنية على المعايير الإيديولوجية.
ثالثا، إن إمكانات إيجابية كبيرة للتعاون الاقتصادي تراكمت لدى موسكو والدوحة، بعد اعتلاء الأمير تميم بن حمد آل ثاني سدة السلطة. وكما جاء في المقال، تعد قطر من بين أكبر المستثمرين في المشروعات الاقتصادية الروسية، والمستثمر الأكبر من بين الأنظمة الملكية العربية في الخليج.
كما يلفت الخبيران الانتباه إلى أن السعودية منذ عشر سنوات إلى الآن "تكتفي بالوعود" بتوظيف استثمارات كبيرة بمليارات الدولارات في الاقتصاد الروسي، (مع حلول عام 2017، بلغ حجم الاستثمارات السعودية 0.6 مليار دولار مقابل 2.5 مليار دولار من جانب قطر).
وأخيرا، بحسب رؤية نيقولاي كوجانوف وليونيد إيسايف، يوجد في خبايا الوضع الراهن لأزمة الخليج عناصر تنافس جيوسياسي بين موسكو وواشنطن. ففي الوقت الذي اتخذت فيه الأخيرة موقفا مؤيدا للسعودية، حسنت موسكو علاقاتها مع قطر. هذا، فضلا عن أن إيران وتركيا، اللتين تربطهما بموسكو علاقة شراكة، كانتا من بين البلدان التي أعربت عن تأييدها للدوحة.
إلى ذلك، وعلى ضوء تشديد واشنطن عقوباتها الاقتصادية ضد روسيا، من المهم جدا بالنسبة للقيادة الروسية إرسال إشارة إلى واشنطن بأن الغرب عاجز عن حل النزاعات الدولية منفردا، كما خلص إلى القول كاتبا المقال.