نشر المركز الأمريكي للشفافية على موقعه الرسمي تقريرا حول تعيين دونالد
ترامب لمسؤول ينتمي للوبي السعودي في واشنطن، ضمن اللجنة الرئاسية لفرص الزمالة في البيت الأبيض، في تناقض واضح مع مبادئ الشفافية، وقانون منع وكلاء الحكومات الخارجية من العمل ضمن السلطة التنفيذية.
وذكرت المنظمة، في تقريرها الذي ترجمه "عربي21"، أن دونالد ترامب عين مؤخرا سياسيا أمريكيا عرف بعمله لفائدة
السعودية، حيث أنه يتقاضى مئات الآلاف من الدولارات للدفاع عن سياسات الرياض في واشنطن، وذلك بحسب سجلات وزارة العدل الأمريكية التي اطلعت عليها المنظمة.
وأضاف التقرير أن وزارة الخارجية السعودية دفعت منذ شهر كانون الثاني/يناير الماضي مبالغ طائلة للسياسي الجمهوري ريتشارد هولت، تصل إلى 430 ألف دولار، في مقابل تقديم خدمات تحت يافطة "تقديم الاستشارات في مجال الاستراتيجيات التشريعية والعامة ".
واعتبر التقرير أن قيام ترامب بتعيين شخص يعمل لحساب أطراف خارجية، ضمن اللجنة الرئاسية لمنح الزمالة في البيت الأبيض، يمثل تناقضا صارخا مع ما تعهد به ترامب سابقا من تنظيف للبيت الأبيض من
هذه الممارسات، ومكافحة أصحاب النفوذ الذين يخدمون مصالح خاصة.
وأشار التقرير أن ترامب هاجم في السابق هذا النوع من اللوبيات، الذين يعملون لمصلحة حكومة أجنبية، وطالب بمنع هؤلاء الأشخاص من تقديم مساهمات في الحملات الانتخابية، إلا أن ريتشارد هولت نفسه كان قد قدم تبرعا سخيا لترامب، قبل أن يشرع في تقديم خدماته للمملكة السعودية.
وأوضح التقرير أن هذه اللجنة تمثل هيئة استشارية مسؤولة عن إبداء الرأي عند اختيار المرشحين للحصول على فرص الزمالة في البيت الأبيض، وهي لجنة تحظى بأهمية كبرى، منذ إحداثها على يد الرئيس السابق ليندون جونسون في سنة 1964.
وأوضح التقرير أن من يحصلون على هذه الفرصة يتم منحهم وظائف وفرص تدريب في البيت الأبيض والوكالات الفيدرالية، وهذا يؤهلهم لاكتساب خبرة كبيرة في إدارة الشأن العام وبالتالي تقلد مناصب هامة في المستقبل، ومن المرشحين السابقين الذين حصلوا على هذه الزمالة في بداية مسيرتهم، وزيرة النقل إيلين كاو، ووزير الخارجية السابق كولن بأول، والنائب عن الحزب الجمهوري جو بارتون، وكبير المراسلين الطبيين في قناة سي أن أن، الصحفي سنجاي غوبتا.
وذكر التقرير أن هولت نفى قيامه بدور جماعات الضغط في الإدارة الأمريكية لفائدة المملكة السعودية، التي تحاول التقرب من ترامب منذ وصوله إلى البيت الأبيض في كانون الثاني/يناير الماضي.
واعتبر التقرير أن هذه التصريحات غير مقنعة، لأنه لا يوجد تفسير آخر لانضمامه لهذه اللجنة المقربة من الرئيس، حيث كانت وزارة العدل الأمريكية قد كشفت أن ريتشارد هولت مسجل كأحد الوكلاء لدى وزارة الخارجية السعودية منذ تشرين الأول/أكتوبر الماضي، وهو يوفر لها المشورة في المجالات التشريعية والعامة.
وذكر التقرير أن هولت أقر في المقابل بأنه اتصل بأعضاء في الكونجرس في أيار/مايو الماضي وحزيران/يونيو، فيما يتعلق بصفقة بيع سلاح، كما أوضح أنه يعمل لفائدة السعوديين ولكن دون وجود تعاقد رسمي بين الطرفين.
وأشار التقرير إلى أن ترامب يركز كثيرا على عقد الصفقات مع السعوديين، حيث أنه كان قد افتخر "بالعقود الضخمة" التي خرج منها في زيارته الأخيرة للرياض، ومنها اتفاق لبيع أسلحة بقيمة 100 مليار دولار. وكان السعوديون حينها قد عبروا عن إعجابهم بترامب، حيث وصفه وزير الخارجية عادل الجبير بأنه "شخص صاحب نظرة وقوة وحسم".
ونقل التقرير عن هولت تأكيده أنه كان قد كشف عن علاقاته مع السعودية وقيامه بالضغط لفائدتها لدى الإدارة الأمريكية، خلال مرحلة اختيار أعضاء هذه اللجنة الرئاسية، أي قبل توليه المنصب.
وأشار التقرير إلى أن ترامب كان لدى تسلمه الرئاسة قد أصدر أمرا تنفيذيا يتضمن حظرا مدى الحياة لانتداب أي شخص في السلطة التنفيذية يكون بصدد العمل في أنشطة اللوبيات المنضوية تحت "قانون تسجيل وكلاء الخارجية". ولذلك اعتبر خبراء أخلاقيات الحوكمة بأن قرار ترامب بتعيين ريتشارد هولت يمثل تناقضا مع تصريحاته السابقة والقوانين التي أصدرها.
وأكد التقرير أن هولت هو في الواقع ليس إلا أحد المتبرعين لدونالد ترامب، حيث كان قد دفع له مبالغ مالية في حملته الانتخابية في أغسطس/آب الماضي وفي أيلول سبتمبر، ضمن الحدود القصوى للمبالغ المسموح بها في هذه الحالة في القانون الأمريكي.
ونقل التقرير عن كاثلين كلارك، أستاذة القانون في جامعة واشنطن، قولها: "إن الأشخاص المعينين في مثل هذه المناصب يؤثرون على السياسات، ولذلك لا يمكن التقليل من أهمية اختيار شخص من اللوبي السعودي في واشنطن، ضمن هذه اللجنة التي تبدي رأيها في ترشيحات أشخاص سيحتلون في المستقبل مناصب هامة في الإدارة الأمريكية".
وأشار التقرير إلى أن ريتشارد هولت حاول التقليل من أهمية هذا التعيين لدى سؤاله من قبل الصحفيين، حيث قال إنه يقوم بالعمل ضمن اللجنة الرئاسية لمنح الزمالة في البيت الأبيض كدوام جزئي، وأكد بأنه سياسي محنك وخبير، يحسن الفصل بين عمله ضمن اللوبيات وعمله خارجها.