ما زالت حملة الاعتقالات متواصلة في مدينة
الحسيمة (شمال
المغرب) معقل "
حراك الريف" الذي وصل شهره الثامن، حيث أكد نشطاء اعتقال 3 أشخاص، أمس الجمعة، لينضموا إلى أزيد من 140 معتقلا بحسب منظمات حقوقية، في الوقت الذي تعالت فيه الأصوات للإفراج عن كافة المعتقلين على خلفية الحراك وإطلاق سياسة تنموية بالمنطقة لرفع "التهميش" عنها.
ودخلت الأمم المتحدة على الخط، بعدما كشف مجلس حقوق الإنسان بجنيف، التابع للمنظمة، عن استعداده لإرسال مراقبين دوليين إلى الريف للتأكد من التزام المغرب بتعهداته الدولية حول احترام حقوق الإنسان.
وقال نشطاء أعضاء في التنسيقية الأوروبية لدعم حراك الريف، من خلال تدوينات "فيسبوكية"، إن ممثلين عن مجلس حقوق الإنسان، عبروا عن استعدادهم لإرسال بعثة مراقبة إلى الحسيمة، شرط موافقة الحكومة المغربية، للتأكد من التزام المغرب باحترام حق التظاهر وكل ما يهم مساطر إنفاذ القانون.
وأضاف النشطاء، أن موقف المجلس، جاء في اجتماع انعقد، أمس الجمعة، بجنيف بين مسؤولين في مجلس حقوق الإنسان وممثلين عن التنسيقية الأوروبية لدعم حراك الريف.
مناظرة وطنية
خرجت المناظرة الوطنية حول الوضع بإقليم الحسيمة، التي انعقدت أمس الجمعة بطنجة، بمجموعة من التوصيات، أبرزها "إطلاق سراح جميع المعتقلين، وإيقاف المتابعات، وإلغاء مذكرات البحث في حق المبحوث عنهم، ورفع مظاهر الحضور الأمني، واستعادة الثقة بين كافة الأطراف؛ وفتح تحقيق قضائي بشأن جميع الانتهاكات التي طالت حقوق الأفراد، بما فيها التعذيب".
وأعلن المشاركون في المناظرة، عن "التضامن المطلق واللامشروط مع المطالب العادلة والمشروعة التي ترفعها
الاحتجاجات السلمية بإقليم الحسيمة"، و"اعتماد مقاربة تنموية جديدة تُشْرك ساكنة الإقليم في بلورة تصور يستحضر بعد النوع الاجتماعي، ووضع وتنفيذ ومتابعة وتقييم كافة المشاريع الجاري تنفيذها. أو المزمع إنجازها بالإقليم والتفعيل المستعجل والجاد لدور مؤسسة الجهة باعتبارها أحد الممثلين، دستوريا، لساكنة الإقليم وتمتيعها بكل الصلاحيات المنصوص عليها قانونا".
الاعتقالات
أعلنت الحكومة المغربية، أول أمس الخميس، في ندوة صحفية، أن إجمالي عدد الموقوفين على خلفية الحراك بلغ حتى اليوم 107 أشخاص.
وأوضح الناطق باسم الحكومة المغربية، الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان، مصطفى الخلفي، عن وجود 69 موقوفا قيد المحاكمة حاليا.
وأكد الخلفي صدور أحكام قضائية ابتدائية، الأربعاء الماضي، في حق 32 شخصا من طرف المحكمة الابتدائية بالحسيمة، حيث قضت بالسجن النافذ 18 شهرا في حق 25 شخصا، وستة أشهر موقوفة التنفيذ في حق 3 أشخاص، وشهرين اثنين موقوفي التنفيذ في حق 4 أشخاص.
ولفت الوزير إلى وجود 13 شخصا رهن الحراسة النظرية، حيث لم تتم إحالتهم بعد إلى المحكمة، كاشفا عن وجود 14 شخصا آخر يتم التحقيق معهم في حالة سراح، فيما تم حفظ القضية بحق 10 آخرين.
فيما أكدت مجموعة من المنظمات الحقوقية أن عدد المعتقلين تجاوز 140 شخصا، وما زالت الحصيلة مرشحة للارتفاع، على حد تعبيرهم.
وقرر الوكيل العام للملك بالدار البيضاء، أمس الجمعة، منح السراح المؤقت لمتابعين اثنين في ملف حراك الريف.
وكان وزير الداخلية المغربية عبد الوافي لفتيت حمّل مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع بمناطق الريف وإقليم الحسيمة، إلى نشطاء حراك الريف.
واعتبر اعتقال النشطاء يدخل في واجب الدولة بفرض سلطة القانون تحت رقابة القضاء، وعندما يلجأ البعض لخرق القانون فإن الدولة ملزمة بتطبيق القانون من منطلق صلاحيتها لتوفير ظروف مواتية لممارسة جميع الحقوق.
حالة السجناء
مع تناقل منابر إعلامية لخبر إضراب بعض معتقلي الحراك عن الطعام ووضعهم في زنازين انفرادية، خرجت إدارة السجون عن صمتها وأكدت في بيان أنها تحترم بدقة حقوق المعتقلين، نافية "الشائعات التي تفيد أنهم يقومون بإضراب عن الطعام".
وكان المحامي رشيد بن علي، منسق لجنة الدفاع عن معتقلي الحسيمة، قال إن نوعية الغذاء المقدمة للمعتقلين سيئة، لافتا إلى أن "الحقوق الأساسية للسجناء لا تُحترم". فيما قال المحامي عبد الصادق البوشتوي إن المعتقلين وضعوا في زنزانات انفرادية، "الأمر الذي يُعتبر أقرب إلى الإجراء العقابي في حين لم تتم إدانتهم بعد".
أوراش تنموية
كشف رئيس الحكومة، سعد الدين العثماني، أن وفدا وزاريا زار مدينة الحسيمة خلال بداية هذا الأسبوع، مؤكدا أن زيارات أخرى مرتقبة ومبرمجة في الأيام والأسابيع المقبلة لمدينة الحسيمة والإقليم.
وشدد العثماني، خلال الاجتماع الأسبوعي لمجلس الحكومة، على أن الحكومة تتابع باهتمام مختلف الأوراش التنموية المفتوحة بمدينة وإقليم الحسيمة، مشيرا إلى أن أزيد من ثلثي البرامج التي هي قيد الإنجاز سيتم استكمالها قبل المواعيد المقررة سلفا لإنهاء الأشغال، لذلك فلن يحصل أي تأخر فيما يتعلق بتسليم المشاريع المقررة.
ولفت العثماني إلى أن الحكومة ستعمل على التواصل بشكل مستمر مع الرأي العام بخصوص هذا الموضوع.
الملك والحراك
أعرب العاهل المغربي، الملك محمد السادس، عن تفهمه لمطالب نشطاء حراك الريف لافتا إلى أنه يتابع عن كثب الاحتجاجات التي اعتبرها مشروعة، بحسب ما أفاد الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، للصحافة، الأربعاء.
اقرأ أيضا: ماكرون: ملك المغرب متفهم لاحتجاجات نشطاء حراك الريف (شاهد)
وأكد الرئيس الفرنسي، الذي زار المغرب، الأربعاء والخميس الماضيين، أن الملك محمد السادس أخبره أن هذه الاحتجاجات التي تشهدها المنطقة عادية بما أن الدستور المغربي يضمن حق التظاهر.
وشدد ماكرون على أن العاهل المغربي أعرب له عن نيته في تخفيف التوتر والاستماع لمطالب نشطاء "حراك الريف" لاسيما فيما يتعلق بالسياسات العمومية، وأنه سيقر مستقبلا العديد من الإصلاحات.
مبادرات بالجملة
وتوالت المبادرات لحل الأزمة بمنطقة الريف، حيث دعت "المبادرة المدنية من أجل الريف" (غير حكومية)، الخميس، إلى تلبية مطالب نشطاء الحراك، مؤكدين على ضرورة الإفراج عن جميع المعتقلين لـ"إرساء الثقة"، وإيقاف المتابعات في حقهم.
اقرأ أيضا: أحكام قاسية لنشطاء "الريف" بالمغرب وتوالي مبادرات الحل
وكانت فعاليات مدنية وطنية، قد وجهت نداء أطلقت عليه "نداء من أجل الوطن" إلى مجموعة من الشخصيات الوطنية الوازنة، من أجل المساهمة في حل الاحتقان التي تعرفها مدينة الحسيمة ونواحيها.
ودعا أصحاب المبادرة، حوالي 41 شخصية وطنية وازنة، على رأسها الوزير الأول السابق عبد الرحمان اليوسفي ومحمد بنسعيد آيت ايدر، من أجل حث العاهل المغربي، الملك محمد السادس، بصفته رئيس الدولة، على التدخل بشكل مباشر أو غير مباشر لطمأنة الرأي العام الوطني، تغليبا منه للغة الحوار المنتج والتفاعل الإيجابي على غرار خطاب 9 آذار/ مارس 2011.
وخرج مئات الآلاف من المغاربة في مسيرة وطنية، الأحد الماضي بالرباط، مطالبين بإطلاق سراح كافة المعتقلين السياسيين وعلى رأسهم معتقلو الحراك، ودعوا إلى رفع "الحكرة" والتهميش عن إقليم الحسيمة كما باقي المدن المغربية.
اقرأ أيضا: مئات الآلاف من المغاربة يحتجون تضامنا مع حراك الريف (شاهد)
ويعيش إقليم الحسيمة على وقع احتجاجات بعد مقتل بائع السمك "محسن فكري" في تشرين الأول/ أكتوبر 2016، ويطالب المحتجون برفع "التهميش" عن المنطقة.
يذكر أن القوات الأمنية اعتقلت منذ 26 أيار/مايو الماضي، أكثر من 100 شخص من قادة "حراك الريف"، وفي مقدمتهم زعيمه ناصر الزفزافي.
وقد مثل منهم نحو 86 شخصا أمام القضاء سجن 30 منهم بعد اتهامهم بـ"بالمس بالأمن الداخلي" للدولة.