يصف نازحون من محافظة
الرقة السورية؛ أوضاعهم بأنها بمثابة "سجن كبير يحوي عشرات الآلاف من العائلات المهجرة قسرا عن منازلها بسبب الحرب المستمرة بين تنظيم الدولة وقوات
سوريا الديمقراطية.
فقد وجد النازحون أنفسهم ضحية حصار مطبق تفرضه هذه القوات التي تشكل
الوحدات الكردية عمودها الفقري؛ في مخيم عين العيسى، الذي يقع في منطقة رملية صحراوية يفتقر لأبسط مقومات الحياة الطبيعة.
ومع حلول شهر رمضان المبارك، يشكو النازحون من غياب المساعدات الإغاثية من المنظمات الدولية، في ظل استمرار المعارك والقصف في مدن محافظة الرقة، ما يدفع بمزيد من
النازحين، وهي أزمة يتوقع أن تتفاقم مع اقتراب انطلاق معركة مدينة الرقة.
ويقول مازن حسون، محرر في موقع "الرقة بوست" الالكتروني: "أي نازح قادم من مدينة الرقة باتجاه الريف يتم إيقافة لساعات، والتحقيق معه ومصادرة أوراقه الثبوتية من قبل قوات قسد، والتأكد بأنه غير مطلوب لديهم ومن ثم يتم نقله الى مخيم عين عيسى".
وأوضح في حديث لـ"عربي21" أن أعداد النازخين في
المخيمات تزداد نتيجة تقدم المليشيات الكردية تجاه الرقة وريفها، لكنه توقع أن يكون عدد النازحين أقل من ريفها، نظرا لضغط تنظيم الدولة على الأهالي ومنعهم من الخروج منها.
وذكر حسون أن الأهالي يتوجهون إلى مخيم عين عيسى ليبقوا قريبين من منازلهم للرجوع إليها عند انتهاء المعارك، ولكن قوات قوات سوريا الديمقراطية (قسد) تمنعهم من العودة إليها كما حدث مع سكان قرى بخنيز، والكالطة، وسويدية وغيرها من القرى. وأشار إلى أن هذه القوات تسمح للنازحين بالخروج من المخيم في حالتين، الأولى وهي الخروج مباشرة إلى مناطق الجيش الحر بجرابلس، والثانية هي وجود كفيل كردي خارج المخيم، حيث يقوم بعض الأهالي بدفع مبالغ كبيرة، وخصوصا مع وجود سماسرة، لتأمين الكفيل، وفق حسون الذي ذكر أن هذه الظاهرة ما زالت محدودة لأن الوحدات الكردية تعاقب عليها.
وقال إن قوات البيدا تمنع نازحي الرقة من الدخول إلى معظم المدن والقرى التي تسيطر عليها حتى لو كان هناك كفيل، مشيرا إلى أن الوحدات الكردية تستخدم نظام الكفيل للتحكم في أعداد المهجرين المسموح لهم بدخول المناطق التي تسيطر عليها، وقد أصدرت مؤخراً قرار بتقييد الكفالة أيضا.
ويلفت حسون إلى أن الوحدات الكردية "تسمح فقط للإعلام الموالي لها بالدخول إلى المخيم والتصوير، فيما تمنع النشطاء والصحفيين غير الموالين لها، وعندما يتم ضبط أي ناشط إعلامي داخله فسوف يتعرض للاعتقال وربما الضرب"، وفق قوله.
واعتبر حسون أن طيران التحالف الدولي الذي يدعم قوات سوريا الديمقراطية؛ "كان له دور كبير في تهجير الناس من منازلهم أيضا، فسابقا كان يستهدف مقرات التنيظم، ولكن الآن يتبع سياسة الطيران الروسي باستهدافه الأحياء المكتظة بالسكان، ما أدى إلى ارتفاع أعداد القتلى المدنيين".
وأضاف: "في عهد أوباما بلغ عدد القتلى 350 مدنيا بالخطأ أغلبهم في قرية التوخار، أما في عهد ترامب، وخلال الأشهر الأولى من توليه الحكم، سقط 1000 قتيل مدني، متوزعين بين الطبقة والرقة ومحيطهما".
من جهته، يقول ممثل محافظة الرقة لدى الائتلاف الوطني السوي، محمد حجازي، إن "المخيم يعاني من نقص في الطعام والماء الصالح للاستخدامات اليومية وأيضا يعاني من نقص بالخيم، حيث تعيش أكثر من عائلتين في خيمة واحدة دون خدمات".
ويوضح حجازي أن المنظمات الإغاثية المحلية تقدم المساعدات للمخيم "بشكل خجول، وهي عبارة عن خبز وماء فقط، فيما باقي المواد الضرورية يتم شراؤهاعن طريق باعة متجولين تحت رقابة وإشراف شديد من قبل الوحدات الكردية داخل المخيم".
ويقع مخيم عين عيسى في ريف الرقه الشمالي، وتم إنشاؤه في 22 أيلول/ سبتمبر 2015. ويحتضن المخيم أكثر من 50 ألف نازح حتى هذه اللحظة (10 آلاف عائله تقريبا).
ويرى طبيب داخل المخيم، رفض الكشف عن اسمه، أن طبيعة منطقة المخيم الرملية تسببت بإصابات بين النازحين نتيجه الغبار الكثيف وانخفاض درجات الحرارة ليلا، كمرض الربو القصبي. كما لا تتوفر دورات مياه كافية في المخيم، ما أدى إلى انتشار مرض اللشمانيا بين النازحين، وأكثر المصابين به من فئة الأطفال، حيث بلغ عددهم أكثر من 1200 مريضا، كما توجد مئات الحالات من المرضى بحاجة ملحة للدواء والعلاج، وفق قوله.
ويقول الطبيب لـ"عربي21": "المخيم يفتقر إلى وجود كادر طبي لعلاج المرضى، وقليلا ما يزور الأطباء المخيم بشكل دوري"، مضيفا: "وضع المخيم صعب وسيئ جدا، في ظل انعدام الخدمات الصحية".
وأشار إلى وجود عشرات الحالات المرضية من أطفال ونساء بحاجة إلى إجراء العلاج اللازم، "حيث تنعدم جميع المستلزمات والأدوات الطبية والدوائية مع انتشار مستمر للأمراض والأوبئة"، وفق قوله.