نشرت صحيفة "البايس" الإسبانية تقريرا؛ تحدثت فيه عن عمليات إزالة حي شيعي في شرق
السعودية، شهد اضطرابات واشتباكات في الفترة الماضية، في ما تقول السلطات إنها "عملية تطوير".
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إنه خلال الفترة الأخيرة، انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي صور لمبان مدمّرة، وآثار لإطلاق نار في أحد الأحياء الشعبية. لكن هذه الصور لم تأت من سوريا أو من العراق، وإنما من بلدة
العوامية السعودية، الواقعة على بعد حوالي 400 كيلومتر شرق الرياض.
وبينت الصحيفة أن الاشتباكات التي وقعت في هذه البلدة، قد اندلعت منذ العاشر من الشهر الحالي، على خلفية إقرار خطة رسمية بهدم هذه البلدة القديمة. وقد أثار هذا القرار غضب سكان المنطقة الذين اعتبروا أن هذه العملية هي بمثابة عقاب وتهميش لمجتمعهم.
وسكان هذه البلدة ينتمون إلى الأقلية الشيعية بالمملكة. وتعد العوامية مركزا لتاريخ طويل من النضال ضد الحكومة السنية.
ونظرا لصعوبة الوصول إلى المنطقة، فإن الأخبار المتناقلة مبنية فقط على الروايات المتضاربة تماما من قبل الطرفين.
ووجهت الحكومة السعودية أصابع الاتهام نحو "الجماعات الإرهابية" في المنطقة، متهمة إياها باستخدام الصواريخ؛ والعبوات الناسفة والألغام بهدف عرقلة عمل مشروع التنمية في حي المسورة الواقع ببلدة العوامية، فضلا عن الهجوم على أفراد الأمن والعمال.
وفي المقابل، يلقي سكان المنطقة باللوم على قوات الأمن السعودية. ونقلت الصحيفة عن أحد الناشطين في المنطقة؛ اتهامه السلطات السعودية باستخدام الأسلحة الثقيلة خلال عملية هدم الحي. ووفقا لروايته، قامت قوات الأمن بمحاصرة المدينة، في حين عمدت عناصر أخرى إلى بث الرعب والخوف لدى سكانها من خلال السيطرة على مداخل ومخارج المنطقة.
وندد هذا الناشط بـ"الحملة الطائفية" التي تشنها السلطات ضد الطائفة الشيعية من خلال وسائل الإعلام السعودية ومواقع التواصل الإجتماعي، كما يقول. وفي هذا الإطار، أشار ناشطون آخرون إلى سقوط ستة قتلى خلال هذه العملية.
وتجدر الإشارة إلى أن حي المسورة، يمثل روح المدينة العتيقة في بلدة العوامية، وهي بلدة تضم حوالي 25 ألف نسمة وتقع في شرق المملكة العربية السعودية. لكن مع مرور الوقت، أصبحت هذه المنطقة مركزا للمقاومة الشيعية، تخللها إعدام رجل الدين الشيعي، المعارض، نمر النمر.
وذكرت الصحيفة أن بعض معالم ومباني هذا الحي تعود إلى حوالي أربعة قرون، وهو يعتبر بمثابة نموذج تاريخي لمدينة محاطة بأسوار تضم بين 2000 و3000 شخصا. كما يضم حي المسورة مزيجا من المنازل والمحلات الصغيرة، إلى جانب دور العبادة والأسواق. وفي مطلع هذه السنة، أشار الحاكم الإقليمي لمنطقة
القطيف، خالد الصفيان إلى أن "عدد المنازل المقرر هدمها في هذه البلدة يقدر بحوالي 488 منزلا".
وذكرت الصحيفة أن عدم إدراج العقارات السكنية ضمن خطة إعادة تهيئة المنطقة، قد زاد الأمر تعقيدا مما أثار قلق سكان هذا الحي، خاصة وأن هذه الخطة تهدف فقط إلى تحويل المنطقة إلى فضاء تجاري ومركز خدمات. وبالتالي، سوف يؤدي ذلك إلى تفاقم أزمة السكن وغلاء الأسعار، وهو ما أجبر الكثيرين على مغادرة المدينة، فيما يرى سكان أن هذه الخطة ليست سوى استهداف مباشر لهم.
وأشارت الصحيفة إلى أن الأمم المتحدة التي عبرت عن رفضها لهذا المشروع، وانتقدت في نيسان/ أبريل عمليات هدم المنازل وطرد أصحابها منها عنوة. وقالت المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بالحقوق الثقافية، كريمة بنون، إن "هذا الدّمار لا يهدف سوى إلى محو آثار التراث الثقافي والتاريخي للمنطقة، وهو ما يعكس الانتهاك الواضح لالتزامات المملكة السعودية بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان".
في المقابل، بررت الحكومة السعودية عمليات الهدم؛ بأنها جزء من خطة تحديث المنطقة والقضاء على الملاذ، الذي تقوم من خلاله بعض العناصر المسلحة بمهاجمة قوات الأمن. وفي غضون الأشهر الأخيرة، أعلنت وسائل الإعلام السعودية عن شن عدة هجمات على مسؤولين محليين، من بينهم قاض شيعي، في كانون الأول/ ديسمبر الماضي.
ووفقا للحاكم الإقليمي لمنطقة القطيف خالد الصفيان، فإن قيمة الميزانية التي تهدف لتعويض المتضررين؛ تُقدّر بحوالي 764 مليون ريال سعودي، أي نحو 182 مليون يورو. في المقابل، لم يشف هذا القرار غليل سكان المنطقة، حيث أعربوا عن رفضهم لهذا التعويض، وطالبوا بتقديم المساعدة بهدف ترميم المباني التي تمّ تدميرها.
وأشارت الصحيفة إلى أن وتيرة الضغوط التي مارستها السلطات السعودية على سكان هذا الحي قد ارتفعت، منذ شهر كانون الثاني/ يناير، وذلك بهدف إجبارهم على مغادرته. ومن هذا المنطلق، تدخلت المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بالحق في السكن، ليلاني فرحة، ونددت بما يحدث في منطقة المسورة معتبرة أن السلطات بصدد ممارسة سياسة "الإخلاء القسري".