نشرت صحيفة فايننشال تايمز البريطانية، تقريرا حول تقدم زعيم
حزب العمال البريطاني
جيريمي كوربين في استطلاعات الرأي حول
الانتخابات المبكرة التي ستشهدها بريطانيا في الثامن من حزيران/ يونيو المقبل.
وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إن مستشاري زعيم حزب العمال جيريمي كوربين، تعهدوا بتحسين صورته أمام الرأي العام، وإعطائه زخما شعبيا جديدا، باعتماد أسلوب مشابه لما قام به دونالد ترامب، "وذلك رغم أن زعيم حزب العمال يتبنى مواقف غير رافضة للمهاجرين، ولا يحب الظهور أمام عدسات الكاميرا، وبالتالي لا يمتلك الكثير من نقاط قوة ترامب".
وأضافت أن مركز فابيان للدراسات السياسية، أعلن في شهر كانون الثاني/ يناير؛ أن فوز كوربين في أي انتخابات مقبلة هو أمر غير وارد تماما، وهو نفس الرأي الذي يتبناه المحلل السياسي لين ماكلوسكي، الذي اعتبر أن حزب العمال سيخسر في أفضل الأحوال 30 مقعدا في البرلمان.
ولكن بحسب الصحيفة؛ فإن كوربين بصدد تكذيب كل هذه
التوقعات، وتحقيق صعود هام في استطلاعات الرأي، التي أظهرت مؤخرا أن حزب العمال قلص الفارق الذي كان يفصله عن المحافظين إلى خمس نقاط، وهو أقل فارق يحققه منذ شهر تموز/ يوليو الماضي. وتزامنا مع هذا النجاح؛ احتفل كوربين بعيد ميلاده رقم 68، وألقى بهذه المناسبة خطابا حماسيا أمام أنصاره.
وذكرت الصحيفة أن كوربين الذي كان البعض يصفه بأنه أسوأ زعيم في تاريخ السياسة البريطانية؛ يبدو قادرا على تحقيق نتائج أفضل مما حققها سلفه إيد ميليباند، مضيفة أنه لأول مرة منذ انتخابه زعيما لحزب العمال في أيلول/ سبتمبر 2015، أصبح يثير مخاوف خصومه السياسيين، الذين باتوا ينظرون إليه على أنه منافس جدي في الانتخابات المبكرة.
ونقلت الصحيفة في هذا السياق موقف أندرو ليليكو، الخبير الاقتصادي المحافظ الذي شارك في حملة مغادرة بريطانيا للاتحاد الأوروبي، والذي قال حول تقدم كوربين: "إذا كان 38 بالمئة من الناخبين يساندون فعلا مواقف جيريمي كوربين المعارضة للطاقة النووية، والمساندة للجيش الجمهوري الإيرلندي؛ فهذا يعني أن الناخبين البريطانيين ليسوا ناضجين، وغير مستعدين للديمقراطية.. لماذا نغادر الاتحاد الأوروبي أصلا إذا كنا سننتخب جيريمي كوربين؟".
وأشارت "فايننشال تايمز" إلى أن كوربين استفاد من كونه يعتبر دخيلا على عالم السياسة ككل، ووجها جديدا في أروقة حزب العمال، وهو ما لعب لصالحه في هذه الفترة. ونقلت عن توم بالدوين، مستشار رئيس الحزب السابق إيد ميليباند، قوله: "استفاد كوربين من كون الجميع في البداية اعتقدوا أنه لا يملك أي فرصة ليصبح رئيس وزراء.. هذا التقليل من شأنه ساعده على تجنب الاهتمام والانتقادات".
وأكدت الصحيفة أن حزب المحافظين في بريطانيا يشعر بقلق كبير خلال هذه الفترة، ويواجه صعوبة في إقناع الناخبين بعدم التصويت لكوربين، بعد أن فشل في إظهار ضعف البرنامج الانتخابي لحزب العمال، وفشل في تخويف الناخبين من تبعات الفوز المحتمل لكوربين.
واعتبرت أن كوربين أحسن إدارة ظهوره الإعلامي في الفترة الأخيرة، حيث ظهر فقط في مرات قليلة، ومع وسائل إعلامية اختارها بعناية، وكان يتم تصويره في كل مرة وهو يلقي خطابا أمام جموع من المواطنين المساندين له، وهي خطة اتصالية ذكية وفعالة.
ولفتت إلى أن المحافظين في المقابل ارتكبوا أخطاء عديدة في الجانب الإعلامي، حيث إن رئيسة الوزراء البريطانية تريزا ماي غيرت موقفها تماما في موضوع الرعاية الصحية، ثم قدمت أداء مهزوزا في لقاء مع الصحفي أندرو نايل الاثنين الماضي على قناة بي بي سي، في برنامج شاهده حوالي ثلاثة ملايين بريطاني. وفي وقت لاحق؛ تمت استضافة كوربين في نفس البرنامج، إلا أنه أحسن عرض مواقفه دون إثارة حفيظة الناخبين، حيث أكد أنه طالما عارض استعمال العنف من قبل الجيش الجمهوري الايرلندي، ولم يلتق أبدا بأي عضو في هذه المنظمة.
وفي المقابل؛ تمسك كوربين بموقفه المنتقد لحلف الناتو، وكرر التصريحات التي أدلى بها في سنة 2014، والتي اعتبر فيها أن هذا الحلف أصبح يمثل "وحشا خطيرا جدا"، وأنه على غرار أي منظمة أخرى؛ يجب أن يخضع للمحاسبة.
واعتبرت الصحيفة أن حظوظ كوربين لا تزال ضعيفة رغم التقدم الهام الذي حققه، إذ تشير أغلب التوقعات الحالية إلى أن احتمالات فوزه في الانتخابات المقبلة لا تتجاوز 20 بالمئة، لافتة إلى أن جميع استطلاعات الرأي التي أجريت خلال العام الماضي أظهرت تقدم المحافظين على حزب العمال.
وأضافت أن كوربين حتى لو لم يفز؛ فإن تقليصه الفارق مع المحافظين، وتجنيبه حزب العمال هزيمة ساحقة؛ سيمثل إنجازا هاما يمكنه من البقاء على رأس الحزب، ويضمن له وزنا هاما في مواجهة مخططات تريزا ماي التي تسعى لتقوية نفوذها مع انطلاق مباحثات الانفصال عن الاتحاد الأوروبي.
وأشارت الصحيفة إلى أن المحافظين في المقابل؛ قد يستفيدون في الأيام المقبلة من الهجوم الإرهابي الذي تعرضت له مدينة مانشستر، خاصة وأن كوربين تعرض لانتقادات لاذعة بعد أن ربط هذا الهجوم بالإجراءات التقشفية التي فرضتها الحكومة، وحمل الدول الغربية المسؤولية بسبب تدخلها في العالم الإسلامي، وتعهد بأن يكون "قويا ضد الإرهاب، وقويا أيضا ضد جذور الإرهاب".