في ظل قرار
تركيا الساري منذ أكثر من عام؛ بفرض تأشيرات دخول على السوريين، يضطر كثير من
اللاجئين السوريين في
أوروبا للقيام برحلة محفوفة بالمخاطر، مشابهة لتلك التي قادتهم من تركيا إلى أوروبا، ولكن هذه المرة رحلة عكسية؛ تهدف للوصول إلى تركيا مجددا لزيارة عائلاتهم التي تركوها خلفهم.
وبحسب لاجئين اضطرروا للقيام بهذه الرحلة العكسية، تحدثوا لـ"
عربي21"، فقد انتهى بهم المطاف بأيدي عصابات بعد دفع تكاليف كبيرة للمهربين.
سامي عبد الرحمن بوادقجي، شاب سوري من مدينة حلب، وهو أحد العائدين سرا إلى تركيا عبر طرق التهريب العكسية، يقول في حديث لـ"
عربي21": "مر عام على محاولاتي بشتى الطرق الممكنة للحصول على فيزا تمنحني ولو زيارة قصيرة لعائلتي في تركيا".
ويضيف: "غادرت تركيا باتجاه ألمانيا مطلع عام 2015، أمضيت عاما كاملا أنتظر الإقامة وجواز السفر كي أستطيع التنقل بحرية بين الدول، إلا أنه وعندما صدر الجواز كان الأوان قد فات، فتركيا منعت دخول السوريين إلا بتأشيرة رسمية، ورغم التقدم للحصول عليها لأكثر من سبع مرات، إلا أن السلطات بدأت ترفض معظم الطلبات المقدمة للحصول على تأشيرة".
وقال: "بعد فشلي عدة مرات في الحصول على التأشيرة التركية، بدأت أبحث عن المخرج الوحيد الذي اقترحه عليّ بعض الأصدقاء: عُد كما أتيت، حيث تواصلت مع أحد المهربين وأخبرني بأن طريق التهريب عبر البر سالكة، وأنه أوصل العديد من الأشخاص إلى تركيا، وأنه يعرف الطريق جيدا".
يقول سامي: "تفاوضنا على الأجور، وتم الاتفاق على مبلغ 1500 دولار للشخص الواحد"، مشيرا إلى أنهم خرجوا بداية إلى النمسا باتجاه هنغاريا، على أن يتخطوا الحدود الهنغارية سيرا على الأقدام وصولا إلى رومانيا التي ستنطلق القوارب من سواحلها الشرقية على البحر الأسود باتجاه شمال تركيا.
ويشرح قائلا: "تخطينا الحدود النمساوية باتجاه هنغاريا (المجر) بطريقة نظامية بموجب الجواز والإقامة التي نحملها (من ألمانيا)، إلا أنه وبعد دخولنا المجر، أخبرنا المهرب بأننا نسير بمحاذاة الحدود الشمالية الشرقية للدولة؛ لأننا لا نستطيع الخروج من داخل المدينة باتجاه رومانيا، فهذا الطريق بات محظورا أمام اللاجئين، لأنه يعد أحد أهم منافذ البلقان إلى تركيا، وقد تم تكثيف دوريات الأمن والجيش عليه بموجب الاتفاقيات الدولية، لذا سرنا بحسب ما قاله لنا المهرب لعدة ساعات، قبل أن نتفاجأ بمجموعة من المسلحين تحاصرنا في إحدى الغابات الحدودية الفاصلة بين رومانيا وهنغاريا وتطلب منا تسليم أنفسنا، حيث قاموا بتجريدنا من كل شيء بما في ذلك الملابس، واحتفظنا بثيابنا الداخلية، واقتادونا إلى أحد المعسكرات القريبة التابعة لهم".
أما قتيبة حمامي، وهو من مدينة أريحا بريف إدلب، وكان مرافقا لسامي في ذات الرحلة، فقد روى لـ"
عربي21" ما تعرضوا له في معسكر المسلحين الذين تبين فيما بعد أنهم مليشيا شكلتها الحكومة الهنغارية للمساعدة في ضبط الحدود، ويطلق عليهم بالمجرية اسم "határon halászok"، أي "صيادو الحدود"، وقد تم توظيفهم وتسليمهم أسلحة لمنع تدفق اللاجئين إلى أوروبا عبر الحدود الهنغارية، مشيرا إلى أن المسلحين قاموا بضربهم بشدة بخلفيات البنادق وركلهم بالأحذية العسكرية، متهمين إياهم بمحاولة الوصول إلى
سوريا والانتماء لتنظيم الدولة.
واستطرد: "اعتقلنا لمدة أربعة أيام، قبل أن يتم تقديمنا لمحاكم مكافحة الإرهاب، التي قررت تركنا نذهب في حال سبيلنا، ولكن بعد أن تعهدنا بعدم العودة إلى أوروبا مجددا، وقد تم تسجيل معلوماتنا الشخصية الواردة في الجواز الألماني والإقامة، ومن ثم أوصلونا إلى الحدود الرومانية ومنها التقينا بالمهرب من جديد، الذي أنكر مسؤوليته عما حدث، مبررا ذلك بأنه لا يمكنه السير مع المجموعة في المناطق الحدودية"، مشيرا إلى أنهم استقلوا قوارب مطاطية (بلم) للوصول للسواحل التركية التي بلغوها بعد رحلة استغرقت 13 يوما.