نشرت مجلة "فوربس" الأمريكية، تقريرا سلطت من خلاله الضوء على دراسة جديدة قام بها المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في لندن، أكدت أن منطقة
الشرق الأوسط تعد الأكثر خطرا ودموية في العالم، نظرا لتفاقم
الحروب وظاهرة الإرهاب والحركات الانفصالية، وهو ما أدى إلى ارتفاع عدد اللاجئين، وتدهور الأوضاع الاقتصادية في المنطقة.
وقالت المجلة في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إن الشرق الأوسط يُعد المنطقة الأكثر خطورة في العالم عندما يتعلق الأمر بالصراعات المسلحة، حيث شهدت المنطقة سقوط 82 ألف قتيل خلال السنة الماضية.
ووفقا لهذه الدراسة؛ فإن الصراع السوري هو الأكثر فتكا في المنطقة للسنة الخامسة على التوالي، حيث سجل ما لا يقل عن 50 ألف حالة وفاة في عام 2016، لتبلغ الحصيلة الإجمالية للقتلى منذ اندلاع الحرب في سنة 2011 حوالي 290 ألف شخص.
وبينت الدراسة أن سبعة من أكثر 10 دول تعيش في ظل صراعات دموية؛ توجد في منطقة الشرق الأوسط، وهي
سوريا، والعراق، وأفغانستان، واليمن، والصومال، والسودان، وتركيا.
وأضافت أن الحرب في
العراق حصدت أرواح 17 ألف شخص، وفي أفغانستان 16 ألفا، خلال عام 2016، وبلغ عدد الوفيات في تركيا العام المنصرم، جراء أعمال العنف التي قامت بها منظمة حزب العمال الكردستاني، حوالي ثلاثة آلاف شخص، علما بأنها تعد الحصيلة الأعلى منذ 1997.
وأوضحت أن من بين الصراعات الأخرى التي تعد الأكثر خطورة في العالم؛ المعارك المتنامية في جنوب السودان ونيجيريا، علاوة على المواجهات الدموية بين عصابات تجارة المخدرات في المكسيك.
وقالت الدراسة إن هذه الصراعات التي تدور رحاها في 10 دول، معظمها في منطقة الشرق الأوسط، أسفرت عن مقتل أكثر من 80 بالمائة من مجموع عدد قتلى المعارك والحروب في العالم بأسره في 2016، لافتة إلى أنه "بالإضافة إلى سقوط عدد ضخم من الضحايا؛ تعرض الآلاف من الأشخاص للتهجير، وقد أصبحوا نتيجة ذلك لاجئين، سواء داخل حدود بلدانهم أو خارجها".
وذكرت أنه بين شهري كانون الثاني/يناير، وآب/ أغسطس 2016؛ اضطر 900 ألف سوري للنزوح داخل حدود بلادهم. وفي الوقت نفسه؛ ارتفع عدد النازحين داخل العراق وأفغانستان ليبلغ على التوالي 234 ألف نازح، و260 ألف نازح.
وتطرقت الدراسة إلى التبعات الاجتماعية والاقتصادية لهذه الصراعات، التي ساهمت في تعميق معاناة المدنيين، لافتة إلى أن تقريرا لصندوق النقد الدولي في السنة الماضية، أشار إلى أن الناتج المحلي الإجمالي في سوريا انخفض إلى النصف في الفترة الممتدة بين سنة 2010 و2015، فيما خسرت اليمن حوالي ربع الناتج المحلي الإجمالي خلال سنة 2015 فقط، وانخفضت هذه النسبة في ليبيا إلى ما لا يقل عن 24 بالمئة في سنة 2014.
وأوردت "فوربس" أن هذه الصراعات أدت إلى ارتفاع وتيرة التضخم وانهيار قيمة العملة، الأمر الذي زاد من حدة المشاكل التي تواجهها هذه البلدان التي مزقتها الحروب، "وقد امتدت هذه الآثار الجانبية إلى دول الجوار التي عانت بدورها من الركود الاقتصادي وارتفاع الأسعار، فقد سلطت هذه الحروب ضغوطا متزايدة على الحكومات والسكان في الدول المجاورة، بالإضافة إلى الشركات والمنظمات الإغاثية، التي عجزت عن مجاراة الاحتياجات المتزايدة والكبيرة للمدنيين في هذه الدول المنكوبة".
ونقلت المجلة تصريحات لأستاذ الدراسات الأمنية والتنموية في جامعة لندن، البروفسور ماتس بيردال، أكد فيها أن "عمليات حفظ السلام تكلف سنويا ميزانية ضخمة تبلغ ثمانية مليارات دولار، بينما تواجه الجهات التي أخذت على عاتقها مسؤولية تنفيذ مثل هذه المهمة؛ العديد من التحديات، في ظل سعيها للاستجابة لمختلف الحالات التي ما فتئت تتفاقم وتتزايد يوما بعد يوم، والتي تتطلب التدخل السريع، في مختلف أنحاء العالم".
وذكرت المجلة أن من بين الظواهر التي تزامنت مع ارتفاع وتيرة الصراعات في هذه البلدان؛ أن أغلب اللاجئين أصبحوا يفضلون الانتقال إلى المناطق الحضرية عوضا عن البقاء في مخيمات اللاجئين التي يتم تجهيزها خصيصا لهم، أو في المناطق الحدودية.
ووفقا للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين؛ استقر حوالي 90 بالمائة من اللاجئين السوريين الذين انتقلوا للدول المجاورة في المدن والبلدات، عوضا عن المخيمات.
وذكرت المجلة أن الصراعات المسلحة بدورها أخذت تزحف شيئا فشيئا نحو البلدات والمدن، مما جعل عمليات الإغاثة والدعم للمتضررين من تبعات الحروب أكثر تعقيدا وصعوبة، في ظل تشتت السكان وسط هذه المعارك.
ونقلت عن مدير المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، جون شيبمان، قوله إن "طبيعة الصراع في المنطقة تغيرت، ففي ظل هروب النازحين نحو المدن؛ انتقلت المعارك بدورها إلى هناك. فضلا عن ذلك؛ يتركز جزء هام من الصراعات التي تتسم بالدموية في المناطق الحضرية".
وأضاف شيبمان أنه "في الماضي كانت المعارك تدور في الجبال والغابات والمساحات الخالية. أما الآن؛ فأصبحت المجموعات المسلحة تتموقع بشكل أكبر في المدن. ويشكل هذا الأمر تحديا إضافيا للمنظمات الإغاثية التي تسعى إلى الوصول إلى أماكن النازحين لتقديم يد العون لهم. فضلا عن ذلك؛ يزيد هذا المعطى من تعقيد الأمور بالنسبة للمقاتلين، حيث يصعب عليهم التفريق بين المدنيين والمسلحين".
وفي الختام؛ قالت المجلة إنه "في ظل هذه البيانات والحقائق الكئيبة؛ لا يمكن إنكار حقيقة إيجابية، وهي أن العدد الإجمالي لضحايا الصراعات المسلحة شهد تراجعا في السنة الماضية. وعلى الرغم من ارتفاع حدة وتيرة المعارك والانتهاكات في العالم؛ إلا أن عدد القتلى في صفوف المدنيين بلغ 157 ألف قتيل، أي أقل نسبيا من حصيلة سنة 2015 التي سجلت 167 ألف قتيل، وسنة 2014 التي قتل خلالها 180 ألف شخص".