يتوجه الناخبون
الجزائريون الخميس المقبل، إلى صناديق الاقتراع للمشاركة في انتخابات تشريعية، يتوقع أن يحافظ فيها حزب الرئيس عبد العزيز
بوتفليقة وحلفاؤه على الأغلبية، بينما الرهان الأهم بالنسبة للحكومة هو نسبة المشاركة.
وقامت الحكومة بحملة واسعة عبر وسائل الإعلام، وفي المساحات الإعلانية، للدعوة إلى التصويت، تحت شعار "سمع صوتك" من أجل "الحفاظ على أمن واستقرار البلاد"، كما طلبت من الأئمة في المساجد حث المصلين على مشاركة كثيفة في الانتخابات.
وشارك بوتفليقة في حملة الدعوة إلى التصويت بقوة بمناسبة انطلاق الاقتراع بالنسبة لحوالي مليون جزائري في الخارج (763 ألف ناخب في فرنسا)، السبت والأحد الماضيين، إضافة إلى الخميس.
ودعا الجزائريين للمشاركة في الانتخابات، لأنها "تسهم في استقرار البلاد"، وطمأنهم بأن "المسؤولين والأعوان العموميين" المكلفين بتنظيم الانتخابات، سيتحلون "بالحياد التام".
ويبدو حزب جبهة التحرير الوطني الذي يرأسه بوتفليقة في طريقه للحفاظ على الأكثرية مع حليفه في الحكومة التجمع الوطني الديموقراطي، حزب مدير ديوان الرئاسة ورئيس الوزراء الاسبق أحمد أويحيى.
وقال الأمين العام لجبهة التحرير الوطني، جمال ولد عباس، صراحة، إن حزبه سيحكم البلاد "مئة سنة أخرى على الأقل"، لأنه هو الذي استلم السلطة من المستعمر الفرنسي في 1962، ولم يتركها أبدا.
في انتخابات 2012، حصل حزب الرئيس بوتفليقة على 221 مقعدا من أصل 462، وتلاه التجمع الوطني الديموقراطي بـ70 مقعدا، في حين حلت قائمة الجزائر الخضراء (إسلاميون) في المركز الثالث، بحصولها على 47 مقعدا. وبلغت نسبة المشاركة 42.9 في المئة.
اقرأ أيضا: الجزائر: إسدال الستار على الحملة الانتخابية للبرلمان
وقال المحلل السياسي شريف دريس: "إننا نتجه نحو الحفاظ على هذا الترتيب، لكن بتقليص الفارق بين حزبي السلطة"، أي التجمع الوطني وجبهة التحرير.
ومنذ استقلال الجزائر عن الاستعمار الفرنسي في 1962، ظل حزب جبهة التحرير الوطني مسيطرا على السلطة حزبا وحيدا إلى 1989، ثم كحزب الأغلبية منذ بدء العمل بالتعددية الحزبية إلى اليوم، باستثناء الفترة الممتدة بين 1997 و2002 التي حصل خلالها التجمع الديمقراطي على الأكثرية.
وكان هذا الحزب نشأ في خضم الحرب الأهلية "العشرية" بدفع من الرئيس اليامين زروال.
وجاء فوزه بعد خمس سنوات من إلغاء الجيش انتخابات فاز بدورتها الأولى إسلاميون، ما تسبب بدخول البلاد حربا سقط فيها مئتا ألف قتيل.
وسلكت أغلب الأحزاب الجزائرية منحى الحكومة ذاته، لجهة التركيز في الحملة الانتخابية التي دامت ثلاثة أسابيع دون أن تشكل ضجة كبيرة، على ضرورة المشاركة في عملية الاقتراع، إذ دعا معظم رؤساء الأحزاب الستين المشاركة في الانتخابات، إلى المشاركة القوية دون تقديم أي برامج بارزة.
ويشير شريف دريس إلى أن "أغلب الأحزاب تبنت برنامج رئيس الجمهورية، ما يعني أنها مقتنعة بأن البرلمان لا دور له، وأن السلطة التنفيذية (ممثلة في رئيس الجمهورية) هي الأساس".
ويقاطع هذه الانتخابات حزبا طلائع الحريات برئاسة رئيس الحكومة الأسبق علي بن فليس، الخاسر في الانتخابات الرئاسية سنة 2014، وحزب "جيل جديد" برئاسة سفيان جيلالي، وكلاهما يعتبر أن "الانتخابات التشريعية القادمة لن تحمل أي تغيير".
أما حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية الذي قاطع انتخابات 2012، فعاد للمشاركة لينافس حزب جبهة القوى الاشتراكية (27 نائبا حاليا) في منطقة القبائل، التي تضم خمس دوائر انتخابية.
أحزاب المعارضة
ويشكل النواب الإسلاميون حاليا أكبر قوة معارضة في البرلمان المنتهية ولايته (حوالي 60 نائبا)، ويشاركون في الانتخابات بتحالفين يضم أحدهما ثلاثة أحزاب هي
العدالة والبناء، والنهضة، ويضم الآخر حزبين هما حركة مجتمع السلم وجبهة التغيير.
ويتشكل
البرلمان الجزائري من غرفتين، المجلس الشعبي الوطني ويضم 462 نائبا يتم انتخابهم كل خمس سنوات بالاقتراع السري والمباشر في دورة واحدة، ومجلس الامة الذي يتم اختيار أعضائه بالاقتراع غير المباشر بالنسبة للثلثين، بينما يعين رئيس الجمهورية الثلث الأخير.
ويشارك في الانتخابات حوالي ألف قائمة. ويبلغ عدد الناخبين المسجلين 23 مليونا ناخبا من 40 مليونا هو عدد سكان البلاد، نسبة 45 في المئة منهم نساء، بحسب ما أعلنت الهيئة العليا لمراقبة الانتخابات.
وتجري الانتخابات في وقت يبقى بوتفليقة (80 سنة) منذ خمس سنوات شبه غائب عن الأحداث العلنية، بسبب تعرضه لجلطة دماغية أقعدته، وأضعفت قدرته على الكلام. وكان وعد في آخر خطاب له بإجراء إصلاحات سياسية، وبتسليم المشعل للشباب.