نشرت صحيفة فيلت الألمانية مقترحا غير مألوف قدمه رئيس
النمسا ألكسندر فان دير بيلين للرد على انتشار ظاهرة
الإسلاموفوبيا في البلد.
ودعا فان دير بيلين، للتضامن مع المسلمين بيوم
الحجاب، ففي هذا اليوم ترتدي كل النساء الحجاب، وذلك في رد ذكي على انتشار ظاهرة الإسلاموفوبيا.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إن رئيس النمسا، تقدم باقتراح غير مألوف، حيث دعا جميع النساء النمساويات إلى ارتداء الحجاب على الطريقة الإسلامية، في مسعى لإظهار التضامن مع النساء المسلمات. وعلى الرغم من أن هذه الفكرة تعرضت لبعض الانتقادات، إلا أن الرئيس مُصر على أهمية ورمزية هذه الحركة.
وذكرت الصحيفة أن الرئيس الفيدرالي النمساوي الجديد ألكسندر فان دير بيلين، الذي تسلم دفة الحكم في 26 كانون الثاني/ يناير سنة 2017، يأمل في أن يأتي يوم ترتدي فيه جميع النساء في بلاده الحجاب كنوع من التعاطف مع النساء المسلمات. وهذا بالضبط ما عبر عنه خلال لقاء تلفزي في العاصمة فيينا مع قناة "أو آر إف"، وقد خلفت هذه التصريحات ردود فعل متباينة على مواقع التواصل الاجتماعي.
ونوهت الصحيفة بأنه أثناء نقاش جرى في مجلس البرلمان الأوروبي، قال الرئيس المنتمي لحزب الخضر: "إذا تواصلت هذه الموجة من الكراهية، وتواصل انتشار ظاهرة الإسلاموفوبيا، سيأتي يوم نطلب فيه من كل النساء ارتداء الحجاب، كلهن دون استثناء، للتعبير عن التضامن مع من يرتدينه لدوافع دينية".
وقد أكد الرئيس أن المقترح يشمل كل النساء، وشدد على أهمية مشاركة الجميع في هذا المقترح. وأقر أيضا بأن كل النساء يجب أن يتمتعن بالحق في حرية اللباس، مهما كان نوعه، وهذا يجب أن يشمل جميع النساء بما في ذلك المسلمات وغير المسلمات.
وأشارت الصحيفة إلى أن التصريح الذي أدلى به الرئيس الفيدرالي للنمسا أطلق موجة من النقاشات وردود الفعل المتشنجة، وذلك مباشرة بعد نشره في وسائل الإعلام. وقد وجه له بعض المعارضين انتقادات كبيرة وعبروا عن معارضتهم للمقترح، ونعتوه بأوصاف مشينة، حيث قال أحدهم: "هذا هو الوجه الحقيقي لحزب الخضر". في المقابل، كانت بعض ردود الفعل الأخرى أكثر اعتدالا ولم ترفض هذا المقترح.
وأوردت الصحيفة أنه كان هناك ردود فعل أكثر تعصبا، إذ طالب البعض باستقالة الرئيس المنتخب علما بأنه لم تمضِ أكثر من 100 يوم على تنصيبه، بعد أن حقق انتصارا على المرشح اليميني الشعبوي، نوربرت هوفر من حزب الحرية النمساوي، في كانون الثاني/ يناير الماضي.
وأفادت الصحيفة أن مقترح ارتداء الحجاب لاقى انتقادات من عدة جهات سياسية في النمسا، حيث عبرت عديد النساء النمساويات عن استهجانهن لهذه الفكرة. كما تعرض للهجوم خاصة من قبل اليمين المتطرف الذي استغل الفرصة لمهاجمة المسلمين بشكل عام. فضلا عن ذلك، لم يترك حزب البديل من أجل ألمانيا، المعروف بكونه حزبا شعبويا يرفع الشعارات المعادية للمسلمين في ألمانيا، الفرصة تمر دون إقحام نفسه في هذا الجدال الدائر في النمسا.
وحذر الرئيس النمساوي من اقتراب اليوم الذي ستسيطر فيه الإسلاموفوبيا ومشاعر العداء تجاه المسلمين على كامل أرجاء النمسا، ولكن هل يمكن أخذ كلامه حرفيا وتوقع حدوث ذلك؟
وقالت الصحيفة إن هذه التصريحات تلت الخطاب الذي ألقاه بيلين أمام الاتحاد الأوروبي، وقد وجه كلامه للنساء النمساويات المنتميات للديانة الإسلامية، وتحدث عن حقهن في ارتداء الحجاب على الطريقة الإسلامية، بعد أن تم توجيه السؤال له حول ما يعتزم فعله للتصدي لظاهرة منع النساء من ممارسة حريتهن الدينية.
وأفادت الصحيفة أن الرئيس النمساوي دافع بشدة وعلانية على هذا المقترح المثير للجدل، إذ أنه يعتبر حرية التعبير لا تقل أهمية عن حرية ارتداء اللباس بالنسبة للنساء.
علاوة على ذلك، أكد بيلين أنه لا يفهم سبب هذه الردود العدائية حول هذا الموضوع، إذ قال: "هناك مشاكل أكثر أهمية وتعقيدا من مسألة ارتداء الحجاب، أنا لا أطالب النساء بارتداء الحجاب، ولكنني أطالبهن فقط بالدفاع عن حرية التعبير في النمسا والأمر سيان بالنسبة لحرية اللباس، لأن الأمرين مرتبطان ببعضهما. الأمر هنا يتعلق بحق كل امرأة بتقرير الشيء الذي تضعه على رأسها".
ونوهت الصحيفة بأن التقديرات في النمسا تشير إلى وجود حوالي 600 ألف من المنتمين إلى الدين الإسلامي. وتتميز النمسا بوجود "قانون إسلامي" يهدف إلى تنظيم حياة المسلمين في البلاد، وقد تم وضعه ودخل حيز التنفيذ منذ سنة 1912، ووقع إدخال بعض التعديلات عليه لتحديثه منذ سنتين، وهو ما جعله يمثل نموذجا يحظى بالإعجاب في ألمانيا المجاورة، حيث تقدم حزب الاتحاد المسيحي الديمقراطي بمقترح لسن قانون مماثل.
وأشارت الصحيفة إلى أن هذا القانون الموجود في النمسا ينظم منذ أكثر من قرن، مسائل شرعية مثل دفن الموتى على الطريقة الإسلامية، ويسمح للمسلمين بالاستعانة بالأئمة بكل حرية. ولكن تدور الآن نقاشات حول منع التمويل الخارجي للمساجد، بالإضافة إلى فرض استعمال اللغة الألمانية على كل رجال الدين المسلمين. وهي مقترحات جديدة تشير إلى حالة الارتياب والعِداء التي بات يعاني منها المسلمون.
وفي الختام، ذكرت الصحيفة أن النمسا تشهد جدلا واسعا حول حق النساء في ارتداء الحجاب أثناء ممارسة بعض الوظائف. وعلى إثر قرار محكمة العدل الأوروبية في آذار/ مارس، الذي يسمح لأصحاب المؤسسات في دول الاتحاد الأوروبي بمنع ارتداء الحجاب، اندلع هذا الجدل مجددا في الأوساط السياسية والأكاديمية في النمسا. وخلصت الأغلبية في النهاية إلى أن النموذج النمساوي المبني على الحياد يعد كافيا في الوقت الحالي، ولا حاجة لتبني أية تغييرات.