هل ينهي تعيين "العثماني" أزمة تشكيل حكومة المغرب؟ (شاهد)

بتعيينه رئيس المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية، ووزير خارجية المغرب 2011 ـ 2013، سعد الدين العثماني رئيسا للحكومة وتكليفه بتشكيلها، يكون العاهل المغربي قد التزم بتعهد بلاغ الديوان الملكي من خلال تعيين شخص ثان من حزب العدالة والتنمية.

وكان بلاغ الديوان الملكي صادر ليل الأربعاء الماضي قد أعلن إعفاء رئيس الحكومة عبد الإله بن كيران من مهمة تشكيل الحكومة، وأعلن أن تعيينه شخصا آخر من نفس الحزب لشغل نفس المنصب التزاما بالدستور.
 
وذهب عدد من الباحثين استقت آراءهم "عربي21" إلى أن تعيين سعد الدين العثماني قد يكون عاملا مساعدا على إنهاء أزمة تشكيل الحكومة التي امتدت أزيد من 5 أشهر.

اقرأ ايضا: ملك المغرب يكلف وزيرا سابقا للعدالة والتنمية بتشكيل الحكومة

تكليف في ظرف دقيق

وأعلن سعد الدين العثماني اعتزازه بثقة الملك محمد السادس بتعيينه رئيسا للحكومة وكلفه بتشكيلها، مضيفا "إن شاء الله لن يكون سوى الخير".
 
وأضاف العثماني، في تصريح للصحافة، أمام بيت رئيس حكومة تصريف الأعمال وأمين عام حزب العدالة والتنمية، عبد الإله بن كيران، أن هذا التكليف هو "مسؤولية ثقيلة في هذه الظرفية السياسية الدقيقة، وسأبذل ما بوسعي من أجل أن أكون عند حسن ظن الجميع"، شاكرا جميع المواطنين والمواطنات الذين وضعوا تقثتهم في حزب العدالة والتنمية وكذا الذين بادروا بالاتصال به وتهنئته والدعاء له.
 
وحول مدى إمكانية إشراك حزب الاتحاد الاشتراكي في الحكومة المقبلة، قال العثماني إن "كل هذه الأسئلة سابقة لأوانها الآن"، مشيرا إلى أنه "بعد التعيين سنجلس وأقوم باللقاءات الضرورية ثم بعدها نحدد الموقف".
 
وعلاقة بانعقاد الدورة الاستثنائية للمجلس الوطني المرتقبة السبت، أوضح العثماني، أن "المجلس الوطني لا زال مبرمجا غدا، ولن يغير هذا التعيين من جدول أعمال المجلس الوطني". 
 
                                              

تعامل أخلاقي.. ولكن

وقال أستاذ العلوم السياسي والقانون الدستوري، خالد يايموت، إن تعيين الملك لسعد الدين العثماني، مؤشر على استمرار العلاقة الاخلاقية بين الملك وبين حزب العدالة والتنمية، مستدركا أن موقف الأحزاب الأخرى هو الذي سيحسم مستقبل الحكومة.

وتابع خالد يايموت في تصريح لـ"عربي21"، إن "مستقبل تشكيل الحكومة يرتبط بضرورة انتظار تفاعل الأحزاب الأخرى خاصة التجمع الوطني للأحرار مع السلوك الأخلاقي والدستوري للملك".

وأوضح يايموت "أن الأمر لم يتضح بعد، ومن شأن استمرار الشروط السابقة للتجمع الوطني للأحرار، أن يفرغ السلوك الملكي من معناه السياسي وإن احتفظ بالطابع القانوني".

وسجل يايموت أن اختيار لسعد الدين العثماني يأتي في إطار "استمرار التعامل الأخلاقي الجيد للملك مع حزب العدالة والتنمية، بعد استبدال ابن كيران. هذا التعامل الأخلاقي شكل تجسيدا للسلوك السياسي الملكي وتعبيرا عن طبيعة السلطة بالمغرب التي تعتمد على سمو الملك الشيء الذي يفسر عدم استقبال ابن كيران؛ وفي نفس الوقت عدم الاستعجال الملكي في اختيار شخص آخر قبل معرفة رأي قيادة العدالة والتنمية".

وتابع أن "بلاغ الأمانة العامة الأخير فهم الإشارة الملكية وتجاوب إيجابيا مع رسالة الملك، وتعيين سعد الدين العثماني، يمزج من جديد بين سمو المؤسسة الملكية، ومنح حق النقاش والتقرير الحزبي للمجلس الوطني للعدالة والتنمية".

واعتبر أن "اختيار سعد الدين العثماني وهو شخص لا يقل أهمية تنظيمية وقيادية عن ابن كيران، هذا الاختيار الملكي، مبني على تعامل مباشر مع شخصية وزير الخارجية السابق في قضايا استراتيجية مهمة".

وأفاد الباحث أنه "يمكن استحضار جانب أخلاقي آخر وهو تفادي الملكية -من الناحية الاخلاقية- أي سوء فهم قد ينتج عن اقتراح وزير العدل الحالي انطلاقا من رأي الرميد الذي سبق وأن عبر عنه سابقا".

ورأى أن "تعين العثماني يعني أن الملك يؤكد من جديد رغبة في استمرار ثقافة وسلوك التوافق بينها وبين العدالة والتنمية، وبين العدالة والتنمية والأحزاب التي تمثل الدولة في الحقل السياسية المغربي".

وشدد على أن "تعين سعد الدين العثماني يعني كذلك ردا مباشرا على ما تم تداوله من تدخل لأطراف خليجية لعزله وإخراجه من وزارة الخارجية بالمغرب سنة 2013".

وخلص الباحث إلى أن هذا "يظهر أن الملكية لا تفصل بين الأخلاق والسياسة خاصة مع الأحزاب المستقلة، كما أنها ترعى التوافق وتدعم الشخصيات التوافقية خصوصا وقت الأزمات السياسية، وهذا ما يجعل من التحكيم آلية سلطوية تجعل المؤسسة الملكية مؤسسة المؤسسات بالمغرب".

نهاية العرقلة

وقال الباحث في قضايا الإسلام السياسي، بلال التليدي، إن "تعيين سعد الدين العثماني رئيسا للحكومة يعني بداية نهاية عمليات عرقلة تشكيل الحكومة".

وأوضح بلال التليدي في تصريح لـ"عربي21"، "إن كان تقدير الجهات التي تفاوض العدالة والتنمية أن ابن كيران سبب المشكلة، فسنكون أمام نهاية الأزمة السياسية".

وتابع التليدي، وعلى العكس من ذلك "أما إذا كان القصد هو ترتيب خريطة سياسية لا تعكس نتائج الانتخابات، فستستمر عرقة تشكيل الحكومة".

وشدد الباحث على أن "المرحلة التي يجتازها المغرب حرجة جدا"، ورجح أن "رئيس الحكومة الجديد سيجد التيسير من الأطراف الأخرى من أجل إنجاح مهمته".

الحرص على التوافق

واعتبر أستاذ القانون الدستوري والعلوم السياسية عبد الرحيم العلام، أن "تعيين سعد الدين العثماني يعني حرص القصر على التوافق من أجل تسهيل مهمة الحزب في تشكيل الحكومة الجديدة".

واعتبر عبد الرحيم العلام في تصريح لـ"عربي21"، أن "القصر يريد حزب العدالة والتنمية في الحكومة وقائدا لها، لكنه بدون قوته الضاربة المتمثلة في أمين عام الحزب عبد الإله بن كيران".

وشدد العلام على أن "القصر يرفض وجود الحزب في المعارضة للكلفة السياسية التي يحملها استبعاد حزب قوي تمرس على الحكومة خلال سنوات صعبة خرج فيها بزيادة عدد المؤيدين له".

ويعيش المغرب على وقع أزمة حكومية منذ إجراء انتخابات 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2016 بعد رفضت الأحزاب السياسية جميع عروض رئيس الحكومة عبد الإله بن كيران، معلنة في كل مرة اشتراطات جديدة تزيد من عرقلة مهامه.