شهدت محافظة ادلب خلال الأشهر الخمسة المنصرمة ازديادا كبيرا في عدد النازحين بسبب التهجير القسري من قبل النظام السوري؛ القادمين من أرياف دمشق وحمص وأحياء حلب الشرقية.
هذا العدد الكبير من النازحين سبب ضائقة سكنية في مخيمات اللجوء على الحدود السورية التركية وكذلك الأمر في قرى وبلدات ادلب، ما دفع المنظمات والجهات المعنية البحث عن أماكن أفضل من المخيمات، بحيث تساعد في إيواء المهجرين والنازحين، فكانت فكرة إنشاء
قرى طينية لإيجاد حل بديل للخيام.
وافتتح "الهلال الأحمر القطري" قرية طينية بالقرب من الحدود السورية التركية بريف
إدلب الشمالي الاثنين 27-2-2017، لإيواء النازحين، بدلا من الخيام التي لا تقي من حر الصيف ولابرد الشتاء.
وقال الأستاذ علي الشواخ، مدير المشروع ومنسق مشاريع السكن الطيني في "الهلال الأحمر القطري" في تصريح خاص لــ"
عربي21": نظرا لتزايد عدد النازحين والمهجرين بشكل قسري في إدلب وسوء أحوال النازحين في الخيم التي أنشئت للحالات الطارئة، سعى الهلال الأحمر القطري لايجاد سكن مؤقت لهم، وهي القرى الطينية التي تؤمن العيش الكريم لهم نوعا ما مقارنة بالخيام.
وبدأت التجربة الأولى من نوعها بقرية طينية في شهر شباط/ فبراير 2016 في ريف إدلب الجنوبي، وتضم90 وحدة سكنية، حيث لاقت الفكرة قبولا كبيرا لدى النازحين، لذلك استمر العمل على تطوير هذه القرى وزيادتها، وهناك قرية بدأ العمل بها في ريف إدلب الشمالي وتضم 1100 شقة، أغلبها وصل إلى مرحلة الإكساء، ومن المقرر أن تكون جاهزة للسكن مطلع شهر حزيران/ يونيو 2017، بالإضافة لـ1000 شقة سيتم افتتاحها أواخر صيف 2017 .
ويضيف الشواخ، "تتوزع القرى الطيينة على أماكن متفرقة في الريف الشمالي لإدلب، وكل قرية تحتوي
على ما يقارب 200 شقة سكنية تبلغ مساحة كل شقة 60 م2، تضم ثلاثة غرف ومنافع وحديقة صغيرة، بالإضافة لشقق مساحتها 24 م2 وأخرى 40 م2، بحيث تحصل كل عائلة على شقة تتناسب مع عدد الأفراد.
كما تحتوي القرية على مرافق كاملة من حدائق وملاعب للأطفال وصالات للتدريب المهني ومدارس.
وتتميز هذه الشقق بقدرتها على عزل الحرارة الشديدة في الصيف والبرد القارس في الشتاء، بالإضافة إلى كونها محصنة بشكل جيد بحيث تمنع تسرب الأمطار، كما أنها تتميز بتكلفتها البسيطة لأنها بنيت من مادة الطين المتوفرة في كل مكان، بالإضافة إلى أنها لا تعتبر سكنا دائما وإنما مؤقت كي لا ينسى النازح بيته الأصلي، "هذه الأسباب دفعت الهلال القطري الى بنائها من طين وليس من اسمنت مسلح". حسب تعبير الشواخ.
أما عن الفئات التي تستهدفها هذه القرى، قال الشواخ: إن أسر الشهداء والأيتام والأسر المهجرة قسرا والنازحين الذين لا يملكون مأوى والمخيمات العشوائية هم الذين لهم الأحقية بالسكن في هذه القرى، كما أ هناك معايير أخرى تعتمد على مدى حاجة الأسر لهذه المساكن.
وأكد الشواح أن هذه القرى تؤمن أكثر من 3 آلاف فرصة عمل للمهجرين والنازحين من خلال العمل في تجهيز القرى وبالتالي تأمين مصدر رزق لهذه العائلات، تقيهم الحاجة وتجنبهم الاعتماد على السلة الإغاثية التي يحصلون عليها كل شهر.
من جهته، رحب خالد العكل، النازح من ريف دمشق باتجاه إدلب هو وعائلته المؤلفة من ثمانية أشخاص، بفكرة القرى الطينية، وبدت على وجهه معالم الفرح عندما علم أنه يستطيع العيش فيها بعد معاناة مريرة مع العيش في الخيام.
يقول العكل في حديث لـ"
عربي21": تم تهجيرنا قسرا قبل ثلاثة أشهر من ريف دمشق إلى محافظة إدلب، وعندما وصلنا إلى هنا استقبلتنا المنظمات وعدسات الناشطين لساعات ثم تركونا وغادروا دون أن نعرف إلى أين نذهب، حيث اضطررت للجوء إلى أحد المخيمات على الحدود السورية التركية والعيش في خيمتين قمت بشراءهما.
يضيف العكل: "عانينا الكثير خلال هذه المدة من البرد القارس وتسرب المياه إلى داخل الخيم، حيث أن الغلاء الكبير لأجار المنازل حال بيني وبين انتقالي للعيش في إحدى القرى على الحدود السورية التركية، ما أجبرني على الصبر على عيشة المخيم، لتأتي هذه القرى الطينية وتخلصنا من هذه المعاناة".
وأشار العكل إلى أن العيش في المنزل الطيني أفضل بالآف المرات من العيش في الخيام، إذ أن المنزل الطيني يمنع تسرب مياه الأمطار في الشتاء، كما أن الطين معروف بطبيعته كونه عازلا، فهو بارد في الصيف ودافئ في الشتاء، بالإضافة إلى أنه يتميز باحتوائه على دورات مياه، وهذه من أهم الاحتياجات". حسب وصفه.