نشر معهد واشنطن للدراسات تقريرا، أشار فيه إلى احتمالات اندلاع
حرب شاملة في
ليبيا بعد دحر
تنظيم الدولة من عدة أماكن في البلاد.
وقال المعهد إن القوات الثورية -التي مقرها في
مصراتة- حقّقت نصرا بارزا، الشهر الماضي، ضد الفرع الليبي لتنظيم الدولة في سرت، لكن، "عوضا عن تهدئة الوضع الأمني المتردي في البلاد، تسبّبت النتيجة مرة أخرى بجعل ميليشيتيْن متناحرتيْن تتقاسمان الخطوط الأمامية".
وفي الوقت ذاته، أحرز الجنرال خليفة
حفتر نضرا ضد بعض المجموعات الثورية في بنغازي، ليصبح حفتر ومن يلونه في الشرق على استعداد لاستئناف القتال ضد معسكر مصراتة والقوات الثورية التي تتخذ من طرابلس مقرا لها، الأمر الذي دفع بممثل الأمم المتحدة الخاص إلى ليبيا لإصدار بيان في 4 كانون الثاني/ يناير، حثّ فيه "جميع الأطراف على ضبط النفس".
وقال المعهد إن جميع الآليات السياسية الرامية إلى رأب الانقسامات في البلاد باءت بالفشل، من بينها "الاتفاق السياسي الليبي"، الذي توسطت فيه الأمم المتحدة في كانون الأول/ ديسمبر 2015 و"المجلس الرئاسي" اللاحق، الذي حاول أن يجعل "حكومة الوفاق الوطني" تنهض وتباشر أعمالها. "وتندلع المناوشات، ويوشك كل من الاتفاق السياسي و"حكومة الوفاق الوطني" على فقدان أهميتهما".
وأوضح المعهد أنه في 3 كانون الثاني/ يناير، رفض حفتر اجتماعا مقترحا مع رئيس "المجلس الرئاسي" ورئيس "حكومة الوفاق الوطني" فائز السراج، معتبرا أنه يجب دحر التطرف قبل أن تدرس ليبيا احتمال إرساء عمليات ديمقراطية، فيما كتب القائد السابق لـ «الجماعة الإسلامية الليبية المقاتلة» سامي الساعدي في 8 كانون الثاني/ يناير ردا على حفتر: "لا تلوموا الثوار [في طرابلس ومصراتة] على الحرب القادمة".
وضع سياسي بائس
وقالت المعهد إنه تمّ تأسيس "حكومة الوفاق الوطني" لتكون حكومة انتقالية ثالثة يتمّ فرضها على حكومتين متنافستين: "مجلس النواب" في طبرق (تحت قيادة حفتر، ويشمل "الحكومة المؤقتة" في البيضاء)، وبقايا "المؤتمر الوطني العام"، ومعظمهم من الإسلاميين في طرابلس. وقد لعب كلا الجانبين دورا هداما".
وأضاف أنه بموجب "الاتفاق السياسي الليبي" يتعيّن على "مجلس النواب" الموافقة على "حكومة الوفاق الوطني" والدستور، لكنه صوّت مرتين ضد لائحة "المجلس الرئاسي" لوزراء "حكومة الوفاق الوطني"، علما بأنه لطالما افتقر إلى النصاب.
ولفت إلى أنه "في الوقت نفسه، أعاد معظم أعضاء "المؤتمر الوطني العام" بناء قوتهم لتأسيس "المجلس الأعلى للدولة" برئاسة من مدينة مصراتة عبد الرحمن السويحلي. وفي حين تمّ وضع تصوّر لهذه الهيئة الاستشارية بموجب "الاتفاق السياسي الليبي"، إلا أن "المؤتمر الوطني العام" سيطر عليها عبر صلاحية قانونية مشكوك بها، ومن دون مصادقة "مجلس النواب".
الوضع الأمني
وعلى الجبهة الأمنية، أشار "مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة" إلى أن مئات الآلاف من الليبيين لا يزالون يعيشون في ظروف غير آمنة، وهو وضع فاقمه عدم إحراز "المجلس الرئاسي" تقدّما على صعيد نزع سلاح عناصر المليشيات وتسريحهم وإعادة دمجهم في جيش جديد. كما أن "حكومة الوفاق الوطني" منقسمة حول من سيتولى قيادة الجيش.
وأضاف أنه بموجب "الاتفاق السياسي الليبي"، من المفترض أن يقوم "المجلس الرئاسي" بدور القائد الأعلى للجيش، ولكن هناك القليل من القيادة والسيطرة على الجماعات المسلحة الموالية ظاهريا لـ"حكومة الوفاق الوطني".
وكانت الحكومة المؤقتة في البيضاء دعت المواطنين إلى دعم «الجيش الوطني الليبي» في "تطهير ليبيا من الإرهاب"، في حين أصرّ وزير الخارجية المقترح من قبل "حكومة الوفاق الوطني" طه سيالة على أن يشكّل «الجيش الوطني الليبي» بقيادة حفتر نواة الجيش الجديد. غير أن "المجلس الأعلى للدولة" رفض فكرة سيالة.
كما أن وزير الدفاع المقترح من قبل "حكومة الوفاق الوطني"، المهدي البرغثي، وهو ضابط سابق في «الجيش الوطني الليبي» من الشرق، يعارض الجنرال حفتر، في وقت يدعو فيه المفتي العام الصادق الغرياني وغيره من الإسلاميين من طرابلس إلى إنشاء جيش وطني لمحاربة الجنرال حفتر.
وفي طبرق، ذكرت بعض التقارير أن رئيس "مجلس النواب" عقيلة صالح رفض التنازل عن دوره المبدئي كالقائد الأعلى لـ«الجيش الوطني الليبي»، تماما كما يعارض حفتر التخلي عن سيطرته العملية على الجيش.
وقال إنه إذا استمرت الظروف الحالية على ما هي عليه، سيتمتع فصيل الجنرال حفتر بنفوذ يفوق منافسيه، ما لا يوفر له الكثير من المحفزات لتطبيق "الاتفاق السياسي الليبي".
وأشار المعهد إلى أنه عبر السيطرة على حقول النفط، ستحظى قوات حفتر بفرصة استئناف صادرات النفط، وتوفير منافع اقتصادية ملموسة للشعب الليبي، الأمر الذي سيعزّز سمعته على الأرجح، ويزيد من تماسكه المتفوق مقارنة بغيره من الجماعات المسلحة.
وقال إنه في الوقت ذاته لا تزال الفصائل المتحالفة مع الجنرال حفتر تتلقى قدرا أكبر من الدعم على المستوى السياسي والأمني والاستخباراتي من المناصرين الأجانب، الأمر الذي يسهّل عليها الامتناع عن التوصل إلى أي تسوية أو مصالحة. ومن ضمن هؤلاء المؤيدين روسيا، التي قد تعتمد على نفوذها المتنامي في سوريا ومصر لزيادة تمكين الجنرال حفتر.