ندّدت نقابة الصحفيين
التونسيين، الجمعة، بما أسمته "تحريضا" ضد صحفيي قناة
الجزيرة في تونس، على خلفية الضجّة التي أثارتها قناة الحوار التونسي، بعد تمرير هذه القناة صورة مُفبركة، تداولها مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي، للطعن بقناة الجزيرة. وهي الصورة التي اعتذرت عنها المحطة التي بثتها.
وجاء عرض الصورة المفبركة، عبر برنامج 24/7 على قناة الحوار التونسي الأربعاء، في سياق اتهام الجزيرة بأنها تبحث عن تأجيج الأوضاع في مُحافظة القصرين، جنوب تونس.
وتتضمن الصورة مشهدا لما يشبه شاشة الجزيرة؛ يظهر فيها خبر عاجل كُتب بطريقة ساخرة عن أحداث مفترضة في القصرين.
وأشارت النّقابة في بيانها الذي اطلعت عليه "عربي21"، إلى أنها "تلقت باستياء شديد اعتماد قناة الحوار التونسي على صورة مفبركة حول الاحتجاجات في جهة القصرين، ناسبة إياها إلى قناة الجزيرة، وهو ما كان منطلقا لحملة
تحريض ضد الزملاء الصحفيين العاملين بالقناة المذكورة في تونس".
وذكّرت النّقابة بأنها ليست المرّة الأولى التي تُسجّل فيها هذه القناة تضليلا للرأي العام، مشيرة لشكوى سابقة قدّمتها قناة التاسعة في حقّها بعد اتهام مقدم البرامج في القناة التاسعة، نوفل الورتاني، بأنه ساعد الصحفي الإسرائيلي الذي دخل تونس بعد اغتيال المهندس محمد الزواري. كما بثت قناة الحوار التونسي فيديو مُفبركا، خلال الحملة الانتخابية الرئاسية، في مُحاولة لتشويه الرئيس السابق المنصف المرزوقي.
وأكدت النقابة أن "ما أقدمت عليه الحوار التونسي يعد انتهاكا لأخلاقيات المهنة ومبدأ الزمالة، و حيادا عن المعايير المهنية"، مُنبّهة إلى أن السلوكيات المرتبطة بالبحث عن الإثارة و"المنافسة غير الشريفة" من شأنها أن تسيء إلى الإعلام الوطني وتفقده مصداقيته أمام الجمهور، وفق البيان.
وكانت مُقدمة البرنامج على قناة الحوار التونسي قد زعمت أن الجزيرة كانت موجودة في مُحافظة القصرين قبل حتى اندلاع الأحداث، في تلميح إلى أنها تبحث عن تأجيج الأوضاع.
ورغم الطّابع الساخر لنص الخبر الذي تم تركيبه على الصورة باستعمال أحد برامج معالجة الصورة، حيث جاء في الخبر المفبرك أن "المُستودع البلدي يعتدي بالزجاجات الحارقة على شبان جامعيين تظاهروا سلميا وسط الليل"، تم تمرير الصورة في البرنامج المُباشر على أساس أنها مأخوذة من صفحة فيسبوك قناة الجزيرة مُباشر - مكتب تونس.
وفي تعليق منه على الصورة، قال وزير الشؤون المحلية والبيئة رياض الموخّر، والذي كان ضيف البرنامج خلال تمرير الصورة المبركة، إنه على اطّلاع على مثل هذه المُمارسات، واعتبر أنها تندرج في سياق مُحاولات توجيه الرأي العام، داعيا التونسيين لتقييم مصداقية مثل هذه القنوات، وفق تعبيره.
الجزيرة توضّح وتندّد
ونشر مكتب قناة الجزيرة بتونس توضيحا عبر صفحته على فيسبوك، كشف فيه أن الصورة الأصلية التي تمّ التلاعب بها و"فبركتها" ونسبتها زورا إلى القناة تبيّن من خلال البحث عبر محرك "غوغل" أنّها تعود لأحداث شهدتها مدينة فريانة ليلة 9 كانون الثاني/ يناير 2014.
وأشارت القناة إلى أن من فبرك الصورة "سقط في أخطاء تقنية"، مثل اعتماد شعار الجزيرة القديم الذي تم تغييره منذ مدة ونوعية الخط الذي كُتب به ما اعتبر خبرا.
وختمت توضيحها قائلة: "وهكذا أصبحت الصورة المفبركة بطريقة بدائية أقرب للهزلية؛ محور اتهامات لقناة الجزيرة في برنامج على قناة الحوار التونسي ومستندا لوزير البيئة والشؤون المحلية، إضافة إلى أحد النواب المستقيلين من كتلة مشروع تونس.. لمهاجمة قناة الجزيرة".
شكوى قضائية رغم الاعتذار
وبعد موجة التنديد التي شهدتها مواقع التواصل الإجتماعي في تونس، قدّمت مريم بالقاضي، مُذيعة البرنامج، الخميس، اعتذارها لقناة الجزيرة وطاقم مكتبها في تونس. وقالت إنها اتصلت بمكتب الجزيرة بتونس لتقدّم اعتذاراتها، وزعمت أنها وقعت في فخ الفوتوشوب وأنه كان خطأ مهنيا تتحمّل مسؤوليته.
ورغم الاعتذار، تمسّك سامي ساسي، الصحفي بمكتب الجزيرة في تونس، بملاحقة قناة الحوار التونسي قضائيا، بصفته أحد المتضررين من حملة التحريض والتشويه، ضمن موجة من التهديدات وصلت حد التهديد بالقتل، وفق تعبيره.
وقال ساسي لـ"عربي21"، إنه سيتقدم بشكوى قضائية بحق قناة الحوار التونسي "في شخص ممثلها القانوني، وبرنامج 24/7 في شخص رئيس تحريره ومقدمته مريم بلقاضي، بالإضافة لوزير البيئة رياض المؤخر، وسيدة الهمامي عضو المكتب التنفيذي لنقابة الصحفيين التونسيين التي كانت أوّل من روّج للصورة المُفبركة، وكل من سيكشف عنه البحث".
واعتبر ساسي أن "الاعتذار لا معنى له"، وأكد أنه "كان يُمكن أن يُقبل لو تعلّق الأمر بخطأ مهني في التعاطي مع معطى صحيح، في حين أن البرنامج لم يحترم أبجديات العمل الصّحفي في حدودها الدّنيا، ولم يُكلّف نفسه حتى التثبت من المعلومة، سواء عبر الاطلاع على الموقع والصفحات الرسمية للقناة، أو بالاتصال بالمكتب قبل الترويج لأخبار زائفة بطريقة هي أقرب لقصديّة التّحريض ضدّ القناة"، وفق تعبيره.
وأوضح ساسي أنه كان الصحفي المناوب في الليلة التي اندلعت فيها الأحداث، وأنه بعد التأكّد من تفاصيلها عبر صحفي من المنطقة، قرّر أن المسألة لا تستحق مُتابعة إخبارية، مشيرا إلى أن الجزيرة لم تنشر أي خبر حول الأحداث، "وهو ما ينفي ادّعاء قناة الحوار التونسي التي أكّدت أن الجزيرة كانت موجودة في مُحافظة القصرين قبل اندلاع الأحداث".
وحول بيان نقابة الصحفيين، رأى ساسي لـ"عربي21" أنّه كان مُتأخرا وهو مازاد في إحباطه، مُشيرا إلى أن "اكتفاء النّقابة بالتعبير عن أسفها لا يرتقي لجسامة التّحريض الذي تعرّضت له الجزيرة وصُحفيوها".
وأكد ساسي أن "النّقابة لم تقم بواجبها تُجاه صُحفيين تونسيين مُنخرطين فيها"، وأنّها "لم تُفرّق بين موقفها السياسي المعادي للقناة وبين الصحفيين العاملين فيها"، على حد وصفه.
وأكّد ساسي أنه سيتمسّك برفع القضيّة باسمه الشخصي، مشيرا إلى أنه سيحمّل الأطراف التي سيشتكي عليها مسؤولية أي اعتداء أو مضايقة في العمل قد يتعرض إليها في المُستقبل، كما قال.
وذكر أنه قام بتسجيل مُعاينة للفيديو الأوّل بحضور عدل مُنفّذ، تمهيدا لتقديم القضية التي عبّر عدد من المحامين عن استعدادهم للتطوع بمتابعتها.