"كل الحروف تُبهت أمام ما يحدث في سوريا".. هكذا اختصر الكاتب والأديب الأردني أيمن العتوم، رأيه حول الأدب الذي يوثق أحداث الثورة السورية منذ انطلاقتها في 2011، قصيدا ونثرا.
وقال لـ"
عربي21" إن
الكتابة عن الثورة في سوريا؛ لا يمكنها إيفاء الدم المراق هناك "فلا أوضح ولا أصدق من الدم؛ لأن ما يحدث في سوريا لا يمكن أن تعبر عنه أقلام الشعراء والأدباء، في أي حال من الأحوال".
نشأة أدب الثورة
ورأى العتوم أن الأدب الذي نشأ بعد الثورة؛ ركز في معظمه على الأسباب التي دفعت الشعب السوري إلى الانتفاض ضد النظام، "وكأن الكتاب انتظروا لحظة الثورة للحديث عن المآسي التي عاشها الشعب السوري لسنوات".
وأوضح أن الأدب انتقل بعدها إلى مرحلة جديدة، نقلت الأحداث التي رافقت الثورة نفسها من تعدد للأوجاع على الشعب السوري، وتدمير مدن بأكمالها؛ إلى مرارة اللجوء خارج سوريا، وأمل العودة إليها.
مرحلة "الخداج"
وأشار العتوم إلى أن مستوى الإنتاج الأدبي السوري بعد مرور أقل من سبع سنوات على انطلاق الثورة "ما زال متواضعا، ويحتاج إلى المزيد من التوثيق والجدية في الطرح من قبل الكتاب، للانتقال من
مرحلة الخداج التي يمر بها حاليا؛ إلى مرحلة تعبّر أكثر عن الواقع المعاش".
وأضاف أن "المسؤولية ملقاة على عاتق الكاتب السوري، وعليه أن يعتبر
الكتابة حربا من نوع آخر، على غرار تلك التي تجري في الميدان"، مؤكدا أن "توقف الكاتب أو انشغاله عن الكتابة عن ثورة بلاده، أو حتى التقاعس عن ذلك؛ يعني الهزيمة".
معيقات متعددة
ويرى العتوم أن هناك أسبابا موضوعية خارجة عن إرادة الكاتب، وأخرى معنوية؛ تعيق تقدم
أدب الثورة السورية.
وقال إن "مشكلة تحزب الكاتب، أو ميوله إلى تيار معين؛ يؤثر على الأدب سلبا، وقد يدفع الكاتب إلى توثيق أحداث الثورة حسب ميوله السياسية، وهو ما يعد تزويرا للأحداث"، مشددا على أن يكون انتماء الكاتب "خالصا للثورة وللشعب السوري، بعيدا عن الانتماءات الضيقة لفصيل أو جهة مقاتلة".
وفي السياق ذاته؛ نوه العتوم إلى أن حياة الكاتب معرضة للتهديد، في ظل تعدد الأطراف المسلحة في سوريا، التي قد يدفعها خلافها مع الكاتب إلى "كسر قلمه".
وأضاف أن "الثورة والحروب تشتتان انتباه الكاتب، وهو ما حدث قديما في عصر الفتوحات الإسلامية؛ عندما شح الإنتاج الشعري، وصارت القصائد مقطّعات لا تتجاوز السبعة أبيات".
وحول مستقبل أدب الثورة السورية؛ رأى العتوم أنه "مرتبط بشكل أساس بالجهد الفردي، فلكل مجتهد نصيب من الإنتاج الأدبي" على حد تعبيره.
تأثير مواقع التواصل
من جهته؛ قال الكاتب السوري محمد عمر، إن "المقالة والتغريدة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، اختصرتا التعبير عن الأحداث، ما قلل الحاجة إلى اللجوء لكتابة الأدب".
وأضاف لـ"
عربي21": "كان يمكن للكثير من الأحداث والمشاعر المرافقة للثورة السورية؛ أن تكتب على شكل نصوص أدبية، لكن الكتاب استعاضوا عن كتابة الأدب بكتابة المقال والتغريدة، بحجة أنهما أسرع في الوصول إلى القارئ من فنون الأدب (الرواية والقصة والشعر)، ما حد من الإنتاج الأدبي، في زمن يهين الفنون كلها".
كيف نكتب تحت البراميل؟
وذهب عمر إلى أن كتابة الأدب "تحتاج إلى أمان واستقرار كاملين، وهو الأمر الذي لا يتوفر لدى الأديب السوري "الذي يرزح تحت البراميل والنار".
وأوضح أن "الأدب يتراجع ولا يتقدم، بالرغم من الأحداث المرافقة للثورة السورية؛ الملهمة لأي كاتب".
يشار إلى أن العديد من الأدباء السوريين؛ كتبوا
روايات وقصصا قصيرة حول الثورة السورية، مثل عبدالله مكسور الذي
كتب عدة روايات بعد انطلاق الثورة في سوريا، منها رواية من جزءين؛ هما "أيام في بابا عمرو" و"عائد إلى حلب"، وابتسام التريسي التي كتبت رواية "مدن اليمام".