شاب كردي يحرق نفسه احتجاجا على "فساد" الإدارة الذاتية

أقدم شاب كردي، على إشعال النار في نفسه أمام النيابة العامة التابعة للإدارة الذاتية، في مدنية القامشلي، شمال شرق سوريا، وذلك "احتجاجا على الفساد والرشوة" في دوائر ومؤسسات هذه الإدارة التي يهيمن عليها حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي.

وأكد الناشط الإعلامي باسل الحسين، في حديث لـ"عربي21"، أن الشاب عبد الحميد صالح حيدو، وهو بالأصل من مدينة رأس العين، أشعل النار بنفسه، الثلاثاء، أمام النيابة العامة التابعة للإدارة الذاتية الكردية، بسبب "الظلم" الذي تعرض له من قبل أفراد محكمة الشعب في مدينة القامشلي.

وروى الحسين ما قام به الشاب قائلا: "وجه أولا انتقادات لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي (PYD)، بسبب الفساد والرشوة في دوائر ومؤسسات الإدارة الذاتية، ثم سكب البنزين على نفسه، وأشعل النار"، مضيفا: "حاول المارة إنقاذه ونقله إلى إحدى مستشفيات المدينة، وهو الآن في حالة سيئة".

وأشار الحسين إلى أن الدافع الرئيسي وراء حادثة إحراق الشاب لنفسه يعود لشهر  آب/ أغسطس الماضي، عندما أقام حفل زفاف في إحدى صالات الأفراح في مدينة رأس العين بدون الحصول على ترخيص من بلدية الشعب التابعة للحزب، ما أدى إلى اتخاذ إجراءات عقابية بحقه وسجنه.

وتابع الحسين: "بعدما تم الإفراج عنه، تقدم بشكوى إلى محكمة العدالة الاجتماعية للمطالبة بحقوقه من الأشخاص الذين يعملون ضمن مؤسسات الإدارة الذاتية وتسببوا بسجنه، بعد رفضه تقديم رشوة لهم، إلا أن المحكمة رفضت طلبه، لذا أقدم على إحراق نفسه، للتعبير عن غضبه إزاء الفساد المستشري في مؤسسات حزب الاتحاد الديمقراطي".

من جهتها، حمّلت الإدارة الذاتية الكردية؛ الشاب حيدو مسؤولية حرق نفسه في محكمة الشعب بمدينة القامشلي، حيث قالت الرئيسة المشتركة لمجلس العدالة الاجتماعية في الإدارة الذاتية الكردية، خلال مؤتمر صحفي في المدينة: "المواطن عبد الحميد صالح حيدو وهو من مدينة رأس العين، ويعمل في صالة السفير، أقام حفل زفاف في الصالة دون الحصول على ترخيص، ما دفع ببلدية الشعب بمخالفته بمبلغ 10 آلاف ليرة سورية، كما هاجم ضابطة البلدية وشتم العاملين فيها، ما دفع البلدية لتقديم شكوى عليه لدى محكمة رأس العين، وذلك في 23 آب/ أغسطس من العام الجاري".

وأضافت أينور باشا؛ بعد يومين من توقيف الشاب تم إخلاء سبيله، بعد التعهد بعدم التعرض لأحد من أعضاء الضابطة، ولكن بعد ذلك بأيام، تقدم عبد الحميد بشكوى على بلدية رأس العين لدى مجلس العدالة في مدينة القامشلي، "وبعد التحقيق في ادعاء المواطن عبد الحميد، تبين أن شكواه ليس لها أي مسوغ قانوني"، وفق قولها.

واتهمت حيدو بأنه جاء إلى المحكمة يوم الثلاثاء، "وتهجم على أعضاء المحكمة وشتمهم، ثم سكب مادة البنزين التي كان قد وضعها في علبة مياه، وأضرم النار بجسده، ولكن الأسايش تمكنوا من إنقاذه ونقله للمشفى"، كما قالت.

وذكرت أن "الوضع الصحي للمواطن عبد الحميد مستقر"، مشيرة إلى أنه تم تشكيل لجنة للتحقيق في الحادثة.

من جانبه، دعا الناشط السياسي والحقوقي، هيثم المصطفى، في حديث لـ"عربي21"، الإدارة الذاتية الكردية إلى فتح تحقيق سريع وجدي في حادثة إحراق الشاب عبد الحميد حيدو لنفسه، بالإضافة إلى فتح ملفات الفساد التي طالت العديد من دوائر ومؤسسات الإدارة وخاصة منها المالية، على حد قوله

وشدد المصطفى على ضرورة أن تتحمل الإدارة الذاتية مسؤولياتها في مراقبة موظفيها، وكيفية تصرفها في الشأن الإداري والمالي، مشيرا إلى أنه طالب هذه الإدارة في وقت سابق بإجراء تحقيق في هذا الأمر، لكن لم تتم الاستجابة له.

وطالب المصطفى "المعنيين في الإدارة الذاتية بتفعيل سلطة المحاسبة" وسجن المفسدين كائنا من كانوا، وزجهم بالسجون ومحاكمتهم أمام محاكم الشعب، بحسب تعبيره.

يذكر أن منظمة "جارجرا المسلحة" كانت قد توعدت، في بيان لها أواخر حزيران/ يونيو الماضي، الإدارة الذاتية الكردية بالمحاسبة، وقالت في البيان: "نراقب الوضع بدقة شديدة، ونعلم جيدا مدى الفساد في بعض الدوائر بغربي كوردستان (المناطق الكردية في سوريا)"، حيث أمهلت المنظمة "الإدارة الذاتية لمراجعة مواقفها وتصرفاتها"، مهددة بـ"اجتثاث العملاء والمفسدين بطرقها الخاصة".

وتكررت حالات حرق مواطنين أكراد أنفسهم احتجاجا على تصرفات الإدارة الذاتية الكردية، منذ قيامها في سوريا. وفي إحدى هذه الحالات أحرق فيصل مصطفى هجانو نفسه أمام مقر الإدارة الذاتية في عين العرب (كوباني) في تشرين الأول/ أكتوبر 2015، احتجاجا على تجنيد ابنته القاصر في الوحدات الكردية دون علمه ثم منعه من لقائها.

اقرأ أيضا: وفاة رجل أحرق نفسه بكوباني بعد تجنيد ابنته بالوحدات الكردية