أثارت المبادرة التي طرحها رئيس
إقليم كردستان العراق مسعود البارزاني، لإنهاء الأزمات السياسية والاقتصادية في الإقليم، التساؤل حول مدى جديته في التخلي عن رئاسة الإقليم، ولاسيما أنه طرحها ضمن بنود تلك المبادرة.
وكان البارزاني دعا، الأحد، الأحزاب السياسية الكردستانية إلى الاتفاق لتشكيل حكومة جديدة واختيار شخص آخر لرئاسة إقليم كردستان لحين إجراء الانتخابات، مشيرا إلى أنه سيبذل كافة إمكانياته لدعم هذه العملية.
وجاءت هذه المبادرة في وقت تطوق فيه الأوضاع الاقتصادية والأمنية إقليم كردستان العراق، الأمر الذي قد يفجر "ثورة معيشية" فيه، ما يدخل الإقليم في أزمة جديدة قد تخرج عن السيطرة، حسبما ذكر مراقبون.
ورأى ماجد الشنكالي عضو البرلمان العراقي في حديث لـ"
عربي21" أن "البارزاني بطرحه هذه المبادرة يكون قد وضع الكرة في ملعب القوى الكردستانية لأخذ دورهم في اختيار شخصية يتوافق عليها الجميع لإخراج الإقليم من أزماته".
وقال القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني برئاسة البارزاني، إن "الأحزاب الكردستانية طالما تحدثت عن هيمنة الحزب الديمقراطي"، لافتا إلى أن "البارزاني كان قد طرح موضوع تخليه عن رئاسة الإقليم قبل عام ونصف لكن لم يقدم أحد بديلا عنه".
وعن توقيت طرح المبادرة، أوضح الشنكالي أن "التوقيت الآن مناسب جدا، ولاسيما في ظل ما تحققه قوات البيشمركة من انتصارات ضد تنظيم الدولة، واستعادة عدد من المناطق الكردستانية (المتنازع عليها) خارج الإقليم".
وبخصوص ترشح البارزاني لانتخابات رئاسة الإقليم عام 2017 المقبل، فيما لو حل شخص مكانه في الوقت الحالي، قال الشنكالي، إن "الإقليم ليس لديه دستور ثابت وقانون بشأن رئاسة الإقليم، وترشح البارزاني من عدمه، يكون بعد وضع دستور لكردستان".
ثورة معيشية
من جهته، رأى أستاذ العلوم السياسية ريبوار عبد الله أن مبادرة البارزاني جاءت في ظل ظروف سياسية واقتصادية مضطربة في إقليم كردستان، فضلا عن وجود دعوات لـ"ثورة معيشية" لإصلاح رواتب موظفي الإقليم.
ولفت في حديث لـ"
عربي21" إلى أن جهات سياسية تحاول استثمار تلك الدعوات، لفرض أجندة سياسية معينة على رئاسة الإقليم، ولذلك جاءت مبادرة البارزاني تحمل رسالة مفادها أن "رئاسة الإقليم ليست هي المشكلة في أزمة الرواتب وغيرها من الأزمات الاقتصادية".
وأعرب عبد الله عن اعتقاده بأن البارزاني لا مانع عنده من قيادة شخص آخر لرئاسة الإقليم في الوقت الحالي، وقد يكون جادا في عرض موضوع تنحيه عن رئاسة الإقليم، في حال طرحت القوى الكردستانية شخصية بديلة.
وعلى الرغم من أن الفرصة متاحة أمام القوى السياسية لاستثمار المبادرة وإعادة اختيار الرئاسات الثلاث للإقليم، إلا أنها قد تتخوف من التوافق على شخص يخلف البارزاني في ظل ظروف أمنية واقتصادية صعبة، خشية الفشل، وفقا للمحلل السياسي الكردي.
ولفت إلى أن الشخصية البديلة للبارزاني، يجب أن تحظى بتوافق دولي وإقليمي، ولاسيما
تركيا وإيران وأمريكا، حيث أن البارزاني كان متوازنا في إقامة العلاقات مع هذه الدول، وأفشل محاولات
إيرانية في فرض هيمنتها على الإقليم.
وكان الاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة جلال الطالباني دعا الاثنين، الكتل "الخمس الأساسية" في إقليم كردستان إلى عقد اجتماع موسع لتطبيق مبادرة البارزاني بشأن تشكيل حكومة جديدة واختيار شخص آخر بدلا منه.
وقال عضو الاتحاد شوان الداودي في تصريح له، إن "مبادرة البارزاني خطوة جيدة، لكننا نتمنى أن لا يتم حصرها ضمن الأطر الإعلامية"، مشددا على ضرورة أن "يتم العمل بها بأسرع وقت ممكن لإنهاء الأزمات التي يعيشها الشعب الكردي".
وأشار إلى أن "انتخاب حكومة جديدة مؤقتة أو رئاسة للبرلمان وحل جميع مشاكل الإقليم بحاجة لتفعيل برلمان الإقليم أولا، والذي من خلاله يمكن المضي لاختيار الحكومة ورئاسة الإقليم".
وشملت مبادرة البارزاني، اختيار هيئة رئاسة جديدة لبرلمان الإقليم وتشكيل حكومة جديدة، مع اختيار رئيس جديد لكردستان العراق لحين إجراء الانتخابات العام المقبل.