أرجع ضباط في
الجيش الحر ما اعتبروه "فشلا" لعدة معارك أطلقتها الفصائل خلال الشهرين الماضيين في الجنوب السوري؛ إلى غياب العمل العسكري الموحد للفصائل في الجنوب السوري لا سيما بدرعا، وافتقارها لذوي الكفاءات العسكرية المتخصصة بقيادة المعارك والتنسيق لها.
وقال المقدم محمد الحربات، نائب قائد المجلس العسكري للجيش الحر بمحافظة
درعا سابقا، إن عدم استغلال الثوار في الجنوب السوري للخبرات العسكرية للضباط المنشقين عن قوات النظام، في قيادة معاركهم، إضافة للدعم الجوي الروسي للنظام السوري واستخدامه لسياسة الأرض المحروقة في المناطق الخاضعة لسيطرة الثوار، أدى لتراجع الفصائل بحوران عسكريا، وفق قوله لـ"
عربي21".
بل إن الحربات تحدث أيضا عما وصفه بـ"التقصير المتعمد" في دعم الثورة السورية "ممن يسمون أنفسهم أصدقاءها وداعميها؛ الذين توانوا كثيرا وماطلوا في السكوت على تدخل مليشيات عراقية وأفغانية ولبنانية بحجة محاربة الإرهاب؛ ولكنها تشن ضرباتها (المليشيات) ضد مناطق المدنيين التي بحوزة المعارضة، وتساند النظام بعملياته العسكرية".
السياسي والعسكري
وأردف قائلا لـ"
عربي21": "جميع الأسباب السابقة أدت بشكل أو بآخر إلى تشرذم فصائل الجيش الحر وتشتتها، وإفقادها لحاضنتها الشعبية"، كما تحدث عن "استغلال الإعلام الثوري غير المهني، في لعب دور بالتأثير على الرأي العام بخصوص تراجع الفصائل عسكريا في الجنوب السوري"، كما قال.
وبيّن الحربات أن الهدن التي روّج لها النظام السوري من خلال استخدام "بعض ضعاف النفوس" من قرى درعا التي تقع تحت سيطرة الثوار، "لم ولن يطلبها الأهالي، فما هي إلا مهازل. فالنظام يبحث من خلالها عن زيادة التفرقة بين الفصائل المقاتلة بدرعا، والعثور على قرى لاتخاذها لتكون خط دفاع رئيسي عن المناطق الموالية له والخاضعة لسيطرته، بهدف تقييد حركة الثوار وعدم السماح لهم بفتح معارك عليها"، وفق تقديره.
ودعا الحربات، خلال حديثه مع "
عربي21"؛ إلى "التحلي بالوعي المطلق من الأهالي تجاه ما يحاك لهم من قبل النظام وأعوانه، والسعي نحو توحيد الفصائل بصف واحد تحت راية الثورة السورية"، وطالب فصائل الثوار بالإقدام على التوحد، و"إعطاء الثقة للشرفاء والمخلصين للثورة، وعدم إهمال دور السياسيين في توجيه الدعم لتوحيد الصفوف، ولتسيير الحل السياسي والعسكري معا".
نشر الأسرار العسكرية
ويتفق القائد الميداني في لواء جسر حوران، الملقب بـ"أبي يعقوب" مع الحربات، في أن تكاثف فصائل الجيش الحر بدرعا؛ هو الحل لـ"عودة حوران إلى الصدارة عسكريا على مستوى
سوريا، كما كانت في سابق عهدها، عصية على النظام السوري ومن يسانده"، وفق تعبيره.
وأوضح أبو يعقوب، في حديث لـ"
عربي21"، أن "عدم التحفظ على الأسرار العسكرية، وإهمال توجيه القادة لعناصرهم بالتكتم على المعلومات داخل الفصيل، وعدم التنسيق الدقيق والتحضير للمعارك وعدم التخطيط المحكم لها، كانت أسبابا في فشل معظم المعارك".
ورأى أن معظم عناصر الجيش الحر وقادة الفصائل الذين يشاركون في معارك محافظة درعا "ليس لديهم الخبرة العسكرية القتالية الكافية"، مشيراً إلى ضرورة "تدريب العناصر على المهمات الاقتحامية، لتجنب الخطأ الذي حصل في الكتيبة المهجورة (شرق بلدة ابطع بريف درعا)، وأودى بحياة قرابة 40 مقاتلا معارضا" الشهر الماضي، عندما شن مقاتلون هجوما على الكتيبة لكنهم وقعوا في كمين لقوات بشار الأسد.
التخطيط الجيد
من جهته، يرى الناطق باسم "تجمع أحرار حوران"، الملقب بـ"أبي محمود الحوراني"، أن معركتي "قادسية الجنوب" التي بدأت مطلع أيلول/ سبتمبر في القنيطرة، و"صد البغاة" التي أطلقت في ريف درعا أواخر تشرين الأول/ أكتوبر، كانتا "معركتين حاسمتين"، و"ربما تكونان قد حققتا بعضاً من النتائج المرجوة، بغض النظر عن أن الهدف الرئيسي للمعركتين لم يتحقق بعد"، كما قال.
وأضاف الحوراني لـ"
عربي21"؛ أن عدداً من المصاعب غير المتوقعة واجهت المعركتين المذكورتين، "وبالرغم من ارتقاء أكثر من 100 مقاتل من فصائل الجيش الحر خلالهما، إلا أن أهميتهما الكبيرة توجب على المقاتلين في الجنوب السوري التحضير لهما من جديد، لكن بتنسيق وتخطيط عسكري عالي الدقة، لتفادي ما جرى في الكتيبة المهجورة".
وبيّن الحوراني أن الخمود الذي أصاب الجبهات في محافظة درعا لمدة عام كامل تقريباً، منذ سقوط بلدتي الشيخ مسكين وعتمان بيد النظام السوري، ساهم بتراجع العمل العسكري لفصائل الجيش الحر بدرعا، لكنه شدد على أنه "من تمكّن من السيطرة على مناطق شاسعة في حوران سابقاً، قادر على استكمال تقدمه وعملياته العسكرية، لكن الأمر بحاجة لتعاون جميع تشكيلات الجيش الحر وتعاضدها لإعطاء نتائج إيجابية"، وفق تقديره.
الجدير بالذكر أن قوات النظام تمكنت من السيطرة على الكتيبة المهجورة شرقي بلدة ابطع، مطلع شهر أيلول/ سبتمبر، بعد عملية تسلل مباغتة كسرت خطوط الدفاع لفصائل الجيش الحر المرابطة على أسوار الكتيبة. وشن الثوار معركة "فشدوا الوثاق" لاسترداد الكتيبة، إلا أنهم لم يحققوا النتائج المرجوة، ما دعاهم لإطلاق معركة "صد البغاة" التي يطالب ناشطون التجهيز لها من جديد.