تصاعدت التكهنات بشكل كبير بعد فوز الجمهوري دونالد
ترامب، برئاسة الولايات المتحدة الأمريكية، بشأن معالجة ملفات عدة تنتظره، ومنها نفوذ
إيران المتزايد بمنطقة الشرق الأوسط، ولا سيما في
العراق، بعدما أسقطت إدارة بوش نظام صدام حسين.
وانتقد ترامب في 26 تشرين الأول/ أكتوبر 2015، ما آلت إليه الأوضاع بالعراق، بالقول: "انظروا إلى العراق. قبلا لم يكن هناك إرهابيون في العراق. (صدام حسين) كان يقتلهم في الحال. لقد أصبح (العراق) اليوم (جامعة) هارفرد للإرهاب".
وفي أول تصريح عن إيران بعد الفوز، قال وليد فارس، مستشار دونالد ترامب في شؤون الشرق الأوسط والإرهاب، الجمعة، إن الحكومة الأمريكية المقبلة بقيادة ترامب ستقوم بتأسيس ائتلاف مع دول الخليج ومصر والأردن ضد الإرهاب.
وأوضح أن هذا الائتلاف عارضه باراك أوباما، خلال فترته الرئاسية لإنجاح الاتفاقية النووية مع طهران، الأمر الذي سمح للمليشيات الموالية لإيران بأن يكون لها الحضور الأكبر في العراق، بحسب تصريح فارس في لقاء مع شبكة "بي بي سي نيوز" البريطانية.
ويرى مراقبون أن إدارة ترامب ستعيد النظر في التعامل مع الطبقة السياسية (الشيعية) الحاكمة للعراق المقربة من إيران، بينما قلل آخرون من جدية تصريحات مستشار ترامب بإنشاء مثل هذا التحالف.
إسقاط "حكومة خميني"
من جهته، رجح النائب والمفكر العراقي حسن العلوي أن يبدأ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حكمه بـ"محاولة تعطيل المشروع الأمريكي للمنطقة الذي شجع ودعم قيام حكومات إسلامية"، متوقعا حدوث "نقلة لصالح القوى الليبرالية العلمانية".
وقال العلوي في حديث لصحيفة "الزمان" العراقية السبت، إن "هذا المشروع يعود إلى عام 2000 عندما كلف الدكتور أحمد الجلبي (النائب الراحل) بالإشراف على عقد اتفاق أو ورقة تفاهم بين الولايات المتحدة والحكومة الإيرانية تمهيدا لاحتلال العراق وإسقاط صدام حسين".
وقدمت الولايات المتحدة تنازلات أساسية لإيران بلغت ذروتها بعد الاحتلال، لتشكيل حكومة عراقية هي ذاتها التي كان قد أعدها "الخميني" فيما لو احتلت قواته بغداد وأسقطت النظام الحاكم آنذاك، على حد تعبير العلوي.
وبحسب النائب العراقي، فإنه على ضوء تلك الاتفاقية، فقد "رشح لإدارة (العراق الأمريكي) شخصيات في المعارضة كانت قد أسست لها تنظيمات سياسية في إيران"، لافتا إلى أن "ترامب سيعيد النظر في تحالف بلاده مع الطبقة السياسية الحاكمة للعراق".
وخص العلوي من تلك القوى العراقية، الجهات التي عملت مع أمريكا على إسقاط نظام صدام حسين، وقال إن "ترامب سيتوقف قليلا قبل أن يحدد ساعة الصفر لمواجهة السياسة الإيرانية في المنطقة ومن ضمنها الاتفاق النووي الموقع بين البلدين".
ولفت إلى أن "سبب هذا التوقف أن الرئيس المنتخب سيحاول تجميع القوى الإقليمية والدولية لمواجهة قوى الإرهاب"، مبينا أن "هذا يقتضي منه تجزئة السياسة الإيرانية إلى مرحلتين أسوة بما سيقدم عليه إزاء السياسة السورية".
وكان مستشار دونالد ترامب أعلن الجمعة، أن الرئيس المنتخب سيراجع الاتفاقية مع طهران وسيبعثها إلى الكونغرس وسيذهب بالاتفاقية من جديد للاتحاد الأوروبي والشركاء الآخرين، وستجري واشنطن محادثات مكثفة جديدة مع طهران من أجل تغيير بعض بنودها.
وقبل ذلك، تعهد ترامب في حملته الانتخابية بتمزيق الاتفاق النووي الذي أبرمته الدول الست الكبرى مع طهران في أيلول/ سبتمبر عام 2015، إلا أنه خفف من حدته فيما بعد، وأكد أنه "سيراقب بشدة تنفيذ بنود الاتفاقية بهدف تغييرها من اتفاقية سيئة إلى جيدة".
الشيعة متمسكون بأحزابهم
من جهته، قلل يحيى الكبيسي الباحث والمحلل السياسي في المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية، من جدية تصريحات مستشار الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، في إنشاء تحالف دولي من هذه الدول، مستدلا بتصريحات الأخير المعادية للسعودية.
وقال الكبيسي في حديث لـ"
عربي21"، إن "من السابق لأوانه الأخذ بكل ما يصرح به مستشارو ترامب قبل أن يتسلم الأخير منصبه رسميا، لأن ذلك لا يعني أنه تم وضع خطة استراتيجية لدى البيت الأبيض للحد من تنامي نفوذ إيران بالمنطقة".
وتساءل عن كيفية أن ينشئ دونالد ترامب مثل هذا التحالف وكان قد عادى في تصريحات أثناء حمله الانتخابية، دول الخليج، وخصوصا السعودية.
ولفت إلى أن إنشاء أمريكا لمثل هذا التحالف لتحجيم دور إيران في المنطقة، يعني إيجاد استقطابات جديدة في المنطقة، لافتا إلى أن أمريكا تورطت في احتلال العراق، وأن إيران قد فرضت نفسها بقوة في العراق بعدما أرادت أمريكا الخروج منه.
وعن إمكانية إزاحة الطبقة السياسية الحالية الإسلامية (الشيعية) من الحكم في العراق وصعود الليبرالية العلمانية كبديل عنها، قال الكبيسي إن "القوى الليبرالية تواجدها محدود بين القوى السياسية في العراق".
وأضاف أن "الجمهور الشيعي هو الذي جاء بالأحزاب الإسلامية الشيعية التي تحكم اليوم، ومن المستحيل أن تأتي جهات سياسية دون اختيار الجمهور"، لافتا إلى أن "الأحزاب السياسية الشيعية أصبحت جذورها قوية منذ عام 2003 وحتى الآن".