أثار اعتقال السلطات التركية نوابا أكرادا أغلبهم من
حزب الشعوب الديمقراطي تساؤلات عدة، حول تأثير غياب أعضاء الحزب الكردي عن جلسات
البرلمان التركي، والسناريوهات المتوقعة لمستقبل البرلمان، وتعاطي الدولة والتيار الكردي مع الأمر.
وكانت السلطات شنّت حملة من الاعتقالات طالت نوابا، بعد أن أصدرت وزارة الداخلية التركية أوامر باعتقال 13 نائبا كرديا بينهم رئيس حزب الشعوب صلاح الدين دميرطاش، لكن لم يتم اعتقال سوى 11 فقط لوجود اثنين من النواب التابعين للحزب في الخارج.
وبحسب ما أشار إليه متابعون للشأن التركي، فإن من تم استهدافهم هم النواب الذين يمثلون الجناح السياسي لحزب
العمال الكردستاني.
من جهته، قرأ المحلل السياسي المختص بالشأن التركي، معين نعيم، في حديثه لـ"
عربي21"، ثلاثة سيناريوهات محتملة لتداعيات حملة الاعتقالات التي طالت النواب
الأكراد.
وأوضح أن أول هذه السيناريوهات "وهو السيناريو الأسوأ"، أن يعلن أعضاء البرلمان الأكراد جميعهم الانسحاب من المجلس، لتعاد الانتخابات ولا يشاركون فيها، فيصبح البرلمان بلا أعضاء من التيار الكردي الموالي لحزب العمال الكردستاني، ليقوموا بتشكيل تيار سياسي أو كتلة سياسية خارج البرلمان، ما قد يزعج
تركيا على الصعيد الدولي.
وأضاف أن السيناريو الآخر هو أن يستفيد الأكراد من المظلومية، فيعيدوا خوض الانتخابات مرة أخرى، ليظهروا قوتهم، عندها ستحرج السلطات التركية، جراء الحملة الموجهة ضد هذا التيار على الصعيد الأمني والعسكري والسياسي.
ولكن نعيم استبعد حدوث أي من السيناريوهين، معللا ذلك بأن تركيا غير معنية بإسقاط عضوية الأكراد المعتقلين، فلن يقوم الحزب الحاكم بذلك، إذ لم يحصل على مر السياسة التركية أن جرى إسقاط عضوية أي نائب بسبب تغيبه عن الجلسات، رغم أن هذا الأمر متاح قانونيا، ولكن لم ينفذ على أحد، "ولن يطبق على أحد"، على حد توقعه.
اقرأ أيضا: القانوني والسياسي في اعتقالات النواب الأكراد
وطرح سيناريو ثالثا، مرجحا أنه "الأكثر منطقية"، وهو إيجاد حل وسط، أو تشكيل وساطة سياسية، لإيجاد صيغة ترضي الجميع.
وأوضح أن الأكراد لا يريدون التصعيد ضد الدولة التركية، وأن يصلوا إلى أحد السيناريوهين الأولين، لذلك ربما يصل الأمر إلى حل وسط، ليعودوا إلى البرلمان بعد فترة من الزمن، أو أن تشكل وساطة سياسية لحل الأمر.
قرار الحزب يأتي من "جبل قنديل"
ولفت نعيم إلى أن ما حصل من اعتقالات هو جزء من حملة تقودها الدولة التركية على التيار الذي يناصر العمل العسكري في المعارضة اليسارية الكردية.
وعلل ذلك بالقول إن المجموعة التي اعتقلت تعد الذراع السياسية الواضحة لحزب العمال الكردستاني المحظور في تركيا، مشيرا إلى أن هناك أصواتا داخل التيار الكردي السياسي ترفض وجود هذه الذراع، وتريد أن يكون القرار السياسي في حزب الشعوب من محافل الحزب ومفاصله، لا أن يأتي من جبل قنديل، حيث قيادة حزب العمال الكردستاني العسكرية.
وقال إن هذا يظهر جليا في كتاب طبع حديثا، يحتوي ملخصات لمراسلات بين عبد الله أوغلان وقيادة حزب الشعوب، يسأل فيها أوغلان عن الأعضاء الذين تم ترشيحهم للبرلمان حينها، ليقول قادة الحزب إنه تم اختيارهم بناء على أوامر من "قنديل".
وأورد الكتاب أن الأمر أزعج أوغلان، وقال لهم: "كيف تسلمون قرار الحزب إلى العسكر؟"، مبديا امتعاضه من ذلك.
وأضاف نعيم أن حملة الاعتقالات هذه قد تؤدي إلى أن تشجع التيار السياسي المعتدل داخل الحركة القومية الكردية، للتحرك وأخذ زمام المبادرة، بعد أن تخف قبضة التيار المتطرف داخل حزب الشعوب الديمقراطي.
اقرأ أيضا: اعتقالات تركيا.. خلفيات التوتر بين الأكراد والدولة
من جهتها، أوردت صحيفة "أكشام" التركية، أنه في حال سقوط عضوية النواب الأكراد، فسيتوجب على البرلمان اللجوء إلى انتخابات استثنائية، إلا أن إسقاط العضوية يجب أن يحصل بعد موافقة المجلس العام.
وأوضحت وفق ما ترجمته "
عربي21" أنه "لإسقاط العضوية بسبب عدم الحضور، يجب الحصول على 276 صوتا، وإنهاء هذه الفترة في شهر شباط/ فبراير المقبل حدا أدنى".
وأشارت إلى أن ذلك سيكون له أثره على الديوان الرئاسي، إذ يترأس اجتماعات المجلس العام للبرلمان عضوان رئيسان من حزب العدالة والتنمية وعضو رئيس لحزب الشعوب الديمقراطي، وآخر للشعب الجمهوري.
ولذلك، يجب على الأعضاء الرئيسين لحزب العدالة والتنمية والشعب الجمهوري تكثيف أعمالهم بسبب تغيب بريفان بولدان، العضو الرئيس لحزب الشعوب الديمقراطي، إلى جانب تأثر اتحادات المجلس، فكل حزب في البرلمان له ممثلون في الاتحادات، بحسب عدد أعضائه. أما أعضاء حزب الشعوب الديمقراطي في الاتحادات فلن تقوم بأعمالها في هذه الفترة.
توزيع المقاعد في البرلمان التركي:
ـ حزب العدالة والتنمية: 317
- حزب الشعب الجمهوري: 133
- حزب الشعوب الديمقراطي: 59
- حزب الحركة القومية: 40
- مستقل: عضو واحد