تلاحق قوة أمنية مشتركة بين القوات الخاصة للشرطة ووحدة من الجيش في
الجزائر؛ مجموعة مسلحة تُتهم بالمسؤولية عن اغتيال قائد وحدة الشرطة بمحافظة قسنطينة، شرق البلاد، ليلة الجمعة/ السبت.
واغتيل قائد الشرطة عمار بوكعبور بوابل من الرصاص، حينما كان يتناول العشاء في مطعم بحي الزيادية، وقد تم تجريده من سلاحه نوع "كلاشينكوف" قبل أن تلوذ المجموعة بالفرار.
وسخّر الجيش الجزائري أعدادا كبيرة من جنوده في سياق عمليات تمشيط واسعة، شملت المحافظات المجاورة لمحافظة قسنطينة، على غرار محافظتي عنابة وسكيكدة، لكن دون أن يتم إلقاء القبض على الجناة حتى الآن.
وأعلن
تنظيم الدولة، الأحد، مسؤوليته عن اغتيال قائد الشرطة بقسنطينية، وفق بيان نشرته وكالة "أعماق" التابعة للتنظيم. وقال البيان: "إن مقاتلي الدولة الإسلامية، تمكنوا من قتل قائد الشرطة بقسنطينة بأعيرة نارية كما جردوه من سلاحه الشخصي"، وفق البيان.
وقال ضابط رفيع المستوى بالشرطة الجزائرية، لـ"
عربي21"، الثلاثاء، إن "عمليات التمشيط طالت المدن والقوى المعزولة التي يفترض أن تكون المجموعة التي اغتالت الزميل بوعكوير، متحصنة بها". وتابع: "لدينا تعليمات بعدم توقيف العملية الأمنية إلا والمسلحين بين أيدينا أحياء أو أموات".
وأضاف المسؤول الأمني، الذي رفض الكشف عن هويته لأسباب أمنية: "مثلما حدث في أيار/ مايو العام 2015، حيث تم تعقب مقاتلي جند الخلافة الموالية لداعش، بمحافظة البويرة، حين تم القضاء على 24 مقاتلا، أي جلهم، سنعيد الكرة هذه المرة بقسنطينة"، وفق قوله.
وقضى الجيش الجزائري على أغلب مقاتلي "جند الخلافة"، في العمليات التي شنتها وحداته، بمنطقة بوكرام في محافظة البويرة، وعرف التنظيم مصرع "الأمير" بشير خرزة، الذي خلف عبد المالك قوري الذي قضى في أيلول/سبتمبر 2014 بعد قيادته "جند الخلافة" تسعة شهور.
ولأول مرة منذ سنوات عديدة، يستهدف مسلحون مسؤولا في جهاز الشرطة. وكان هذا الأسلوب بالاغتيالات منتهجا بالجزائر ببدايات الأزمة الأمنية، أوائل التسعينيات، قبل أن تغير الجماعات المسلحة استراتيجيتها بتبني أسلوب التفجيرات بالأماكن العمومية.
والثلاثاء، عثرت قوة على جثة عنصر من الدفاع الذاتي، ببلدة المسدور قرب محافظة البويرة شرق الجزائر، حيث أقدم مسلحون على اغتيال عنصر في الدفاع الذاتي، وسلب سلاحه.
ولم يتبن أي تنظيم مسلح، عملية الاغتيال، لكن مؤشرات تتصل باغتيال قائد الشرطة بقسنطينة، توحي أيضا أن المسؤولين عن عنصر الدفاع الذاتي، هم مسلحون ينتمون لتنظيم الدولة.
ويشار إلى أن مجموعات الدفاع الذاتي هي بمثابة قوات أمنية "مدنية" استحدثت خلال التسعينيات لمرافقة قوات الشرطة والجيش في ملاحقة المسلحين.
ويرى مراقبون أن تنظيم الدولة يسعى لإعادة ترتيب أوراقه في الجزائر، بعد الضربات التي تلقاها على يد الجيش الجزائري، حيث يبحث التنظيم عن موطئ قدم بالبلاد.
وأخيرا، أعلن تنظيم "المرابطون"، الذي شكّل لسنوات أحد فروع تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي، والناشط شمال مالي، مبايعته لتنظيم الدولة، بعد 14 شهرا من انشقاقه عن القاعدة.
وجاء ذلك في تسجيل فيديو بثته وكالة "أعماق" الأحد. ويُظهر الفيديو القيادي في تنظيم المرابطين، الجزائري أبو الوليد الصحراوي وهو يتلو بيان البيعة.
ويرأس تنظيم المرابطون؛ مختار بلمختار الذي قاد "جماعة الملثمين" في الهجوم الشهير على الحقل الغازي "تيقنتورين"، جنوب الجزائر، في كانون الثاني/ يناير 2013.
ويرى الخبير الجزائري بالشؤون الأمنية، أيمن حركات، أن "تنظيم داعش بالجزائر يسعى للعودة من جديد؛ مستغلا تركيز الجيش الجزائري جهوده على الحدود مع ليبيا شرقا، ومالي والنيجر جنوبا".
وأضاف لـ"
عربي21" أن "الحصار الأمني المفروض على الجماعات الإرهابية بالداخل الجزائري دفع المسلحين إلى تبني أسلوب
الاغتيالات في صفوف منتسبي الأسلاك الأمنية"، وفق تقديره.
وكان لاغتيال قائد الشرطة بقسنطينة أثر على أعلى المستويات في البلاد، وبدا ذلك جليا في خطابين متزامنين للرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، وقائد أركان الجيش الفريق أحمد قايد صالح، الاثنين، بمناسبة إحياء الذكرى الثانية والستين لاندلاع الثورة الجزائرية.
وقال بوتفليقة في رسالة وجهها للشعب الجزائري: "الجزائر تعول على قدرات جيشها الوطني سليل جيش التحرير وعلى احترافيته في صون حرمة التراب الوطني واستئصال شأفة الإرهاب".
أما قايد صالح فقد قال، في المناسبة ذاتها: "الجيش الشعبي الوطني عازم كل العزم على مواصلة حربه بلا هوادة؛ على بقايا الإرهاب بفضل يقظة ضباطه وجنوده وعزيمة الشعب الجزائري الذي ضحى بالنفس والنفيس من أجل استقلال بلاده"، وفق تعبير رئيس أركان الجيش الجزائري.