في الوقت الذي يستعد فيه وزراء "
أوبك" للاجتماع في فيينا الشهر المقبل، لبحث تفاصيل الاتفاق على
خفض الإنتاج الذي تتطلع إليه الأنظار وإن لم يكن مؤكدا حتى الآن، يتهافت تجار
النفط على بناء مراكز في أسواق العقود الآجلة والخيارات في محاولة للاستفادة من أي اتفاق.
وفي حين أن أي اتفاق على خفض الإنتاج تتوصل إليه منظمة البلدان المصدرة للبترول "أوبك" قد يدخل حيز التطبيق في الأول من كانون الأول/ديسمبر، يقول متعاملون إن التأثير الأكبر على الأسعار سيظهر في عقود التسليم في أوائل 2017 خاصة عقد فبراير/ شباط وليس في السوق الفورية.
وقال فيرندرا شوهان محلل شؤون النفط الخام لدي "إنرجي أسبكتس" للاستشارات في سنغافورة: "السبب في أنك لن ترى أي تأثير على أسعار الربع الأخير من 2016 أنه بحلول نوفمبر حين يجري اتخاذ القرار، ستكون التعاملات جارية على براميل النفط الخاصة بشهر يناير أو فبراير".
وحتى عقود كانون الثاني/يناير ستكون أقل تأثرا لأن تداول هذه العقود سينتهي في نفس يوم الاجتماع بما يجعل عقد شباط/فبراير أول العقود التي يتزامن تداولها مع الاجتماع نفسه.
وتظهر بيانات السوق تدفقا مطردا من المراكز الجديدة على عقد شباط/فبراير في الآونة الأخيرة مع ارتفاع عدد المراكز - المعروفة باسم المراكز المفتوحة - في عقود شباط/ فبراير الآجلة 48 في المئة منذ لوحت "أوبك" باحتمال خفض الإنتاج في 28 أيلول/سبتمبر. وسجل سوق الخيارات أيضا قفزة في النشاط المرتبط بشهر شباط/ فبراير.
وارتفع عدد المراكز المفتوحة في العقود الآجلة لشهر آذار/ مارس - والتي تغطي الفترة التي سيظهر فيها تأثير أي تعديل محتمل في الإمدادات - بنسبة 12.7 في المئة منذ 28 أيلول/ سبتمبر. وارتفعت أسعار عقود شباط/ فبراير وآذار/ مارس بنحو 5.5 في المئة منذ ذلك الحين.
وكانت المرة الأخيرة التي خفضت فيها "أوبك" الإنتاج لدعم السوق في 2008 خلال بدايات الأزمة المالية العالمية.
ولم يظهر تأثير ذلك الخفض الذي دخل حيز التنفيذ في الأول من تشرين الثاني/نوفمبر 2008 إلا في إنتاج أوبك في كانون الثاني/يناير 2009 والذي بلغ 28.69 مليون برميل يوميا انخفاضا من 30.22 مليون برميل يوميا قبل شهرين من ذلك.
وانخفضت أسعار النفط كثيرا من مستويات تزيد على 60 دولارا للبرميل في أواخر تشرين الأول/أكتوبر ثم استقرت قرب 45 دولارا للبرميل في كانون الثاني/يناير قبل أن تتعافى على مدار العام.
لكن الوضع العام في ذلك الوقت كان مختلفا إلى حد كبير. فقد خفضت "أوبك" إنتاجها بأكثر من المخطط له اليوم لتقلص الإنتاج بواقع 1.5 مليون برميل يوميا لكن تحركها جاء ردا على انخفاض الطلب.
أما مصدر القلق الرئيسي حاليا فهو المعروض. فطفرة النفط الصخري جعلت من الولايات المتحدة ثالث أكبر منتج للنفط وأدت زيادة إنتاج أوبك وكذلك إنتاج روسيا بعد الحقبة السوفيتية إلى فائض مستمر في الإنتاج العالمي.
ويقول معظم المحللين إن الإنتاج العالمي سيبقى مرتفعا حتى وإن خفضت أوبك الإنتاج ومن ثم لا يتوقعون قفزات سعرية كبيرة عقب الاتفاق.
وخفضت برنشتاين إنرجي هذا الشهر توقعاتها لسعر خام القياس العالمي مزيج برنت في 2017 إلى 60 دولارا للبرميل من 70 دولارا للبرميل في التقديرات السابقة.
وقالت الشركة: "الإمدادات القياسية من أوبك منذ بداية العام وانخفاض تقديرات الناتج المحلي الإجمالي العالمي وكذلك المخزونات التي لا تزال مرتفعة وكلها عوامل دفعتنا إلى خفض توقعاتنا لأسعار النفط أو إبقائها دون تغيير".