يقبل الحجاج في
مكة المكرمة بكثافة على أدوات الاتصال الحديثة، فلا يندر أن ترى حاجا يمد ذراعية لينقل مباشرة لأقاربه عبر هاتفه أداءه فريضة
الحج، أو أعين حجاج ترقب أدعية محملة أو حجاجا يمشون تحت مظلات مزودة بتهوية تعمل بالطاقة الشمسية.
وهناك أيضا نصائح تتعلق باللباس لمرضى السكري ومواقع وتطبيقات على الهواتف النقالة، تقدم شتى أنواع النصائح والإرشادات لمليوني حاج، تدفقوا على مكة المركة لأداء فريضة الحج، الذي تبدأ أيامه السبت.
وغزت التكنولوجيا في السنوات الأخيرة فضاءات الحج كافة. من شراء تذاكر السفر عبر الإنترنت إلى صور الذكرى التي تبث على الإنترنت إلى أئمة يردون على الاستفسارات عبر الإنترنت. وبات اليوم كل ما هو روحاني يمر عبر العالم الافتراضي.
"المشاركة مباشرة"
ويلاحظ الباحث شاهد أمان الله، في دراسة عن أثر التكنولوجيا على الحج، "أن الحج عادة يقدم باعتباره مناجاة حاج لربه"، لكن اليوم "تتيح التكنولوجيا للحجاج مشاركة هذه المناجاة مباشرة مع الأسرة والأصدقاء"، وفق قوله.
وأضاف أن لهذه المشاركة سلبياتها "ففي السابق كان على الحجاج التحلي بالصبر إزاء المتاعب الجسدية للحج"، الذي تشمل مناسكه وشعائره المشي لفترات طويلة تحت شمس حارقة.
أما في هذه الأيام، فإن المسجد الحرام مكيف ومسار الحج الذي كان يمر عبر تلال وعرة بات سهلا مع وجود مصاعد آلية. ويقول الباحث إن صبر الحاج بات يختبر بشكل مختلف، حيث عليه تحمل "رنات الهواتف التي لا تتوقف، وشاشات لوحات الدعاية".
ويبدو أن التغيير حتمي. فحتى وقت قريب لم تكن السلطات تسمح لأي كان بدخول المسجد الحرام مع آلة تصوير. أما اليوم، فقد بات من الصعب المرور وسط زحام الحجاج الذين يلتقطون صورا بهواتفهم النقالة. وفي كل مرحلة ومنسك، لم يعد من الممكن إحصاء الصور وأشرطة الفيديو التي يتم تقاسمها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ولا التعاليق.
وقبل سفر الحاج إلى البقاع المقدسة، يزدحم "الويب" بالنصائح العملية وروايات لحجاج سابقين تختلط فيها صور "السلفي" بصور الكعبة المشرفة.
"شمسية ذكية"
ولاحظ كمال بدوي، وهو مهندس من سكان مكة، اخترع مع زميلة فلسطينية هي منال دنديس "الشمسية الذكية" أن "التكنولوجيا باتت اليوم جزءا من الحج".
وباتت هذه المظلة أداة لازمة للوقاية من شمس حارقة. وقد أضاف المهندسان إلى المظلة العادية بعض الأزرار ومنافذ "يو أس بي"، وعشرة لواقط طاقة شمسية، لتولد أول شمسية تحيل أشعة الشمس إلى هواء منعش.
فالطاقة الشمسية التي تجمعها اللواقط تغذي مروحة لإنعاش الحاج، كما أن مقبض المظلة يمكن استخدامه لشحن الهاتف ولتحديد الموقع (جي بي أس).
وتحديد الموقع يمثل أحد أهم مشاغل الحاج، بحسب كمال بدوي الذي يعمل منذ عقود متطوعا لمرافقة الحجاج القادمين، من مختلف الأصقاع في المدينة التي ولد فيها.
ولمساعدتهم على تحديد موقعهم وسط الحشود والحواجز التي أقيمت لتنظيم تدفق الحجاج، أعد المهندسان تطبيقا للهواتف النقالة.
وأوضح بدوي أن تطبيقة "وصول" هي تطبيقة تفاعلية "ترتب أصواتا لا يتعرف عليها نظام جي بي أس العادي، بما يتيح للحاج أن يجد وجهته". وأضاف "وهي تتيح أيضا عندما ننتهي منها تماما، لمجموعات تحديد مواقع أفراد المجموعة، إذا ما تفرقوا وسط الحشود".
وهي أداة يأمل المهندسان أن تتيح تفادي مأساة 2015، حين قضى نحو 2300 حاج، في حادث تدافع هو الأسوا في تاريخ مواسم الحج.