أكد رئيس اللجنة التحضيرية للحوار الوطني في ليبيا،
الفضيل الأمين، أن مخرجات
الحوار الليبي حتى الآن ناجحة وأن الاتفاق السياسي هو أحد هذه المخرجات ولا يملك أحد إنهائه.
وأشار خلال حواره مع "
عربي21" أن منظومة
الفساد والجريمة المنظمة وأصحاب الأجندات الشخصية هم من يعرقلون مسيرة
المفاوضات بين أطراف النزاع الليبي، موضحا أن مجلس النواب في طبرق لا مجال له لرفض الاتفاق السياسي أو رفض المجلس الرئاسي الذي هو جزء أساسي من هذا الاتفاق، كاشفا عن "كواليس" مسيرة الحوار الليبي.
وهذا نص الحوار:
أين يقف الحوار الليبي الآن؟
الحوار السياسي الذي ترعاه الأمم المتحدة أنتج الاتفاق السياسي الذي دخل حاليا حيّز التطبيق والمتابعة، وهذا في حد ذاته إنجاز كبير فليس كل حوار سياسي برعاية دولية يكلل بالنجاح ومثال ذلك، الحوار في سوريا واليمن كلاهما يواجهان صعوبات كبيرة وقدرة على الاستمرار في التحاور، وهنا نحيي إصرار الأطراف الليبية على الاستمرار في الحوار لمدة تجاوزت العام والنصف والتزامها بآلياته من أجل الوصول إلى وفاق وطني ينهي الأزمة، والجولات مستمرة حتى تحقيق ذلك.
ما أبرز التحديات التي يواجهها الحوار الداخلي منذ بدايته؟
من أهم التحديات: تحديات الالتزام وطبيعته، وتحديات التفسير وآلياته، وصعوبات التطبيق بالنظر إلى لحقائق على الأرض، أضف إلى ذلك الهجوم والحرب على هذا الحوار من قبل الأطراف التي تستفيد من الصراعات والأزمات، فالأزمات تصنع أطراف وتصنع مصالح وتخلق مستفيدين، وهناك المعرقلين والرافضين للسلام والحوار وهؤلاء مجموعات صغيرة عالية الصوت تستغل الظروف والأجواء المتوترة وتستثمرها دون أن تطرح أي حلول أو بدائل.
ما تأثير الاتفاق السياسي الموقع في كانون الأول/ ديسمبر الماضي في الصخيرات على مجريات الحوار الوطني؟
اتفاق الصخيرات الموقع في كانون الأول/ ديسمبر 2015 هو محصلة حوار سياسي محدد الأهداف، ولابد من العودة إلى الحوار الوطني الذي يجب أن يكون حوارا ليبيا شاملا بين كل فئات المجتمع الليبي دون استثناء أو إقصاء أو استئصال أو تهميش، من أجل متابعة تنفيذ بنود هذا الاتفاق.
مؤخرا.. أُجريت جولة من الحوار الليبي في تونس.. ما أبرز ما جاء فيها؟
جولة الحوار الأخيرة في تونس ركزت على متابعة تنفيذ الاتفاق السياسي ومناقشة العراقيل التي تواجه هذا التنفيذ، والمصاعب التي يواجهها المجلس الرئاسي في تعامله مع مؤسسات الدولة السيادية مثل مصرف ليبيا المركزي ومؤسسة النفط، كما طالبت الجولة بعودة أعضاء مجلس الرئاسة المقاطعين فورا إلى مهامهم، وهذا ما حدث مؤخرا، كما طالبنا مجلس النواب أن يفي بالتزاماته بخصوص القيام بتعديل الإعلان الدستوري وتنفيذ التزاماته المنصوص عليها في الاتفاق السياسي، واتفقنا على تشكيل لجنة للتواصل مع مجلس النواب لتذليل أي صعوبات تعيق الوفاء بالتزاماته.
ما علاقتكم كفريق للحوار الوطني بحكومة الوفاق والمجلس الرئاسي؟
المجلس الرئاسي وحكومة الوفاق الوطني هي إحدى مخرجات الحوار السياسي والاتفاق السياسي الليبي، وهي بهذا تكون خاضعة للاتفاق السياسي وأولوياته. وإلى أن يستكمل مجلس النواب التزاماته، وإلى أن يقوم مجلس الدولة بتشكيل نفسه حسب الآلية التي وضعها الاتفاق السياسي تستمر ملكية الاتفاق السياسي ومتابعة تنفيذه مسؤولية مباشرة للجنة الحوار السياسي.
وماذا عن اجتماع أطراف الحوار المزمع عقده في تونس الشهر المقبل؟ ما تفاصيله وأبرز محاوره؟
اجتماع الحوار السياسي الذي سيعقد في 5-6 أيلول/ سبتمبر المقبل، سيستمر في متابعة تنفيذ الاتفاق السياسي ومتابعة تنفيذ أو مسار ما تم الاتفاق عليه في الاجتماع السابق، وسيطلع على تقرير اللجنة التي تواصلت مع مجلس النواب، وسيتابع آخر ما قام به مجلس النواب في شأن الوفاء بالتزاماته، أيضا يتابع ما قام به مجلس الدولة في شأن الالتزام بتشكيله حسب آلية الاتفاق السياسي، كما سيتابع التحاق أعضاء المجلس الرئاسي المقاطعين، وستقوم اللجنة بمتابعة عمل مجلس الرئاسة فيما يخص عمله والتزاماته.
هل تتواصلون مع جميع الأطراف حتى "أتباع القذافي"؟
نعم. الأصل أن جميع الليبيين مواطنون لهم كامل الحقوق وعليهم كامل الواجبات والمسؤوليات بغض النظر عن آرائهم أو مواقفهم السياسية، ويبقى كل من هو مطلوب للقانون أن يقدم نفسه. وأعتقد أنه من حق المواطن الليبي أن يصنع أي مشروع سياسي أو يدعو لأي مشروع سياسي أو يؤمن بأي مشروع سياسي طالما أنه لا يستخدم العنف أو يهدد الأمن القومي أو السلم الاجتماعي أو يهدد النسيج الوطني الليبي، وبخصوص من أشرت إليهم بـ"أتباع القذافي"، فهناك تواصل عبر الأمم المتحدة وعبر الأُطر الاجتماعية الليبية معهم.
مؤخرا رفض مجلس النواب منح الثقة لحكومة الوفاق.. ما تعليقك على ذلك؟
مجلس النواب المنعقد في طبرق مطالب من قبل والآن ومستقبلًا أن يفي بالتزاماته السياسية والقانونية تجاه الاتفاق السياسي الموقع والذي تم إقراره في جلسة قانونية لمجلس النواب، وهذا يعني أن المجلس لا مجال له لرفض الاتفاق المُقر، ولا لرفض المجلس الرئاسي الذي هو جزء أساسي من الاتفاق الذي من خلاله تم تكليفه بتشكيل الحكومة، وعندما تكون هناك جلسة قانونية ذات نصاب واضح ومحدد وضمن جدول أعمال محدد، لا شك أنه من حق مجلس النواب بعد قيامه بتنفيذ التزاماته أن يرفض إعطاء الثقة أو حجبها عن حكومة مقترحة أو حكومة قائمة بالفعل في المستقبل.
وهل هذا الرفض يعد إنهاء للاتفاق السياسي الموقع في الصخيرات؟
الاتفاق السياسي لن يكون خاضعا لرفض طرف أو فئة ولن يؤدي رفضه من أي فئة إلى إنهائه.
وبرأيك.. هل ينجح الحوار الداخلي في ظل النزاعات والحروب الراهنة؟
نعم ينجح، والحروب الأهلية ليس ثمة وسيلة لإطفاء شعلتها وإنهاء جذوتها سوى التفاهم والحوار والتفاوض، فالحرب الأهلية في كولومبيا مثلا والتي استمرت بين منظمة الفارك والحكومة 50 عاما، لم تستطع الدولة الكولومبية برغم الدعم الخارجي الانتصار على "الفارك" ولكن انتهى المطاف بالجميع إلى طاولة الحوار والمفاوضات التي أسفرت هذا الأسبوع عن الاتفاق النهائي للسلام، فالحوار الداخلي هو الذي ينهي الحروب والنزاعات.
ما موقفكم من خليفة حفتر وما يفعله في المنطقة الشرقية؟ وهل تواصلتم معه أو حاولتم مشاركته في الحوار؟
أنا لا أتخذ مواقف تجاه الأشخاص، ولكن تجاه مواقف أو سياسات أو سلوكات الأشخاص من الشأن العام، فنحن ننظر للأطراف بناء على مواقفها من الحوار السياسي والوفاق السياسي ومخرجاته وموقفها من الاتفاق السياسي، وشخصنة المواقف سلبيا أو إيجابيا تؤدي إلى ارتهان الصالح العام والوقوع في فخ المصلحة أو العداوة، وكل ممارسة سياسية من قبل أي طرف لها وعليها، ومهمتنا في الحوار هو ترك الباب مفتوحا لأي تغير إيجابي لصالح الوفاق والاتفاق، والجميع كان مدعوا للحوار والجميع شارك في مخرجاته وقام باختيار وتسمية من يمثله في المجلس الرئاسي.
بصراحة.. من بالتحديد يعرقل مجريات أو نتائج الحوار السياسي واجتماعاته المتعددة؟
كما ذكرت، إن لكل حوار معارضين ومعرقلين، بعضهم جذريين في رفضهم لمبدأ الحوار والتوافق وبعضهم أصحاب مصالح في استمرار حالة الـ"لا توافق"، لأن حالة الانقسام توفر لهم مصالح وفرص ستختفي أو تتقلص أو تصبح مجال مساءلة عند عودة القانون والاستقرار، كذلك مجموعات أخرى محلية وعابرة للحدود من "مافيا" المصالح والجريمة المنظمة عابرة للحدود التي ترى في الدول الفاشلة والدول المنهارة وحالات الحروب الأهلية فرصة للكسب السريع ونشر الفساد المنظم، وفي ليبيا هنالك أمثلة من كل هذه الفئات جميعا.
ما الخطوة القادمة لِلَجنة الحوار السياسي الليبي؟
مهمة الحوار السياسي الليبي هي متابعة تطبيق بنود الاتفاق السياسي الذي وقّع عليه وتسهيل الصعاب أمام المؤسسات المنبثقة من هذا الاتفاق، كما أن مهمة الحوار السياسي التعامل مع الخروقات الجسيمة للاتفاق السياسي، وحاليا، الحوار السياسي يتعامل مع الاختناقات الحالية التي يعاني منها الاتفاق في مجلس النواب ويتابع عمل المجلس الرئاسي فيما يخص مهام وأولويات حكومة الوفاق الوطني التي ينص عليها الاتفاق، كما تتابع اللجنة آلية تشكيل مجلس الدولة المنصوص عليها في الاتفاق وضمان انطباقها.