قال تقرير لمركز "سترافور" الاستخباراتي الأمريكي، الأربعاء، إن "
الجزائر ستغير عقيدتها العسكرية، مع تولي رئيس جديد بالجزائر، الحكم بعد الرئيس الحالي عبد العزيز
بوتفليقة، ويتعلق الأمر بسياسة عدم التدخل العسكري خارج حدود البلاد".
وأفاد تقرير مركز "سترافور" الذي ترجمت "
عربي21" مقاطع منه، أن "التحديات الأمنية التي تواجهها الجزائر في ظل الانهيار الأمني لبعض دول الجوار، ربما ستدفع الحكومة الجزائرية إلى التخلي عن مبدأ عدم التدخل العسكري خارج التراب الجزائري".
وكرس الدستور الجزائري الجديد، المصادق عليه من طرف
البرلمان يوم 7 شباط/ فبراير، سياسة عدم المشاركة بأي عملية عسكرية خارج حدود البلاد، وهي سياسة تعتمدها الحكومة الجزائرية منذ عقود.
وأورد تقرير المركز الأمريكي، أن سياسة عدم التدخل خارج حدود الأراضي الجزائرية، التي تم الإبقاء عليها في الدستور الحالي "أظهرت محدوديتها، وأن التهديدات الأمنية التي تواجه الجزائر اليوم، هي مختلفة جدا عما كانت عليه قبل سنوات، فبعدما كانت الجماعات الإرهابية بعيدة نسبيا، أصبحت منذ سقوط نظام العقيد القذافي في ليبيا عام 2011 أكثر قربا من
الحدود الجزائرية".
وتطرق التقرير إلى تجربة
الجيش الجزائري في عمليات خارجية، من ذلك المواجهة مع المغرب في 1963 والمشاركة في الحروب العربية الإسرائيلية خلال السبعينيات من القرن الماضي.
ورفضت الجزائر المشاركة بعاصفة الحزم التي قادتها المملكة السعودية، ضد الحوثيين في اليمن، كما رفضت المشاركة في القوة العربية المشتركة التي أقرتها الجامعة العربية العام 2014، وفضلت الجزائر المشاركة عن بعد من خلال الدعم اللوجيستي.
ونفى وزير الشؤون الدينية بالجزائر محمد عيسى، بمؤتمر صحفي، الأربعاء، أي خلاف بين بلاده والسعودية، موضحا أن "الخارجية الجزائرية شرحت للطرف السعودي رفضها التدخل في الشؤون الداخلية للدول، أو مشاركة جيشها في أي حرب خارج حدودها، وهي من المبادئ الأساسية للسياسة الخارجية للجزائر، وتفهمت السعودية ذلك".
وجلبت العقيدة العسكرية الجزائرية، بعد المشاركة عسكريا خارج الحدود متاعب للبلاد، بعد انتقادات عدة وجهتها حكومات عربية للجزائر، باعتبارها دولة لها باع بمكافحة الإرهاب باعتراف الدول الكبرى كفرنسا والولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا.
ويرى الضابط المتقاعد من الجيش الجزائري والخبير الأمني أحمد عظيمي، أن "موقف الجزائر بعدم مشاركة أي جندي جزائري خارج حدودها، سياسة صائبة"، قائلا إن "ذلك لن يخدم سوى القوى الاستعمارية".
وأكد عظيمي، في تصريح خاص لـ"
عربي21" أن "مهام الجيش تكمن في الحفاظ على الوحدة الترابية. ومنذ الاستقلال إلى يومنا هذا، شارك الجيش مرتين خارج الحدود، سنتي 67 و73، ضد الجيش الإسرائيلي، وبعدها رفض أي تدخل في شؤون الدول. وهذا ينبع من أساس العقيدة العسكرية الجزائرية".
وأفاد مركز "سترافور" بتقريره أنه "من الصعب على السلطات منع عمليات تسلل بسبب طول الحدود البالغ 5955 كلم، رغم حشد آلاف من الجنود ونصب عدة مراكز مراقبة واستخدام وسائل متطورة، ومنها الطائرات بدون طيار".
ويشير المركز إلى أن الجيش الجزائري يتوفر على إمكانات تؤهله للقيام بعمليات خارجية، "فالجزائر أصبحت أكبر مستورد للسلاح في القارة الإفريقية، ورغم تراجع المداخيل النفطية، فإن الإنفاق بسخاء على الجيش سيتواصل في ظل تزايد التهديدات والتحديات الأمنية".
وتوقع المركز أن "تطلق يد الجيش، بعد وصول رئيس جديد للسلطة"، وقال: "ما إن يتم الاتفاق بين السياسيين والعسكريين ورجال الأعمال على مسألة الخلافة، حتى تكون الجزائر حرة في استعمال جيشها بقوة في مواجهة التحديات وضرب التهديدات التي تواجه أمنها خارج الحدود".