جدل التطبيع مع إسرائيل يطفو مجددا على الساحة الأردنية
عمّان - عربي21 - محمد العرسان13-May-1611:17 PM
0
شارك
يطلق مناهضو النطبيع حملات متعددة في الأردن
"عندما قالوا لي إسرائيل قبل أربعة أيام، لم أستطع حتى الإصغاء لهذه الكلمة، ولكنني أدرك اليوم أن ما قد قيل لي عن إسرائيل حتى اليوم لا علاقة له بالواقع".. هذا ما نقلته صفحة "إسرائيل تتكلم العربية" على موقع فيسبوك؛ عن طالبة أردنية زارت إسرائيل ضمن بعثة طلابية أردنية قام بتنظيمها مركز الدراسات الإسرائيلية في عمان.
استفزت الجملة التي نقلتها الصفحة التي تديرها وزارة الخارجية الاسرائيلية ردود فعل مستهجنة لدى كثيرين من مرتادي التواصل الاجتماعي في الأردن، متسائلين حول "حجم التطبيع" و"محاولات اختراق المجتمع الأردني بمشاريع تطبيعية طلابية وسياحية"، ليأتي خبر مقتل السائح الإسرائيلي قبل أيام في مدينة البتراء، بعد سقوطه من أعلى جرف صخري، ليزيد من حجم هذه التساؤلات.
وسبق ذلك أيضا مشاركة فريق كرة سلة أردني في بطولة "الصداقة" بإسرائيل، وزيارة رؤساء بلديات أردنية ووفود طلابية لإسرائيل.
مركز الدراسات الإسرائيلية الذي تم ترخيصه في عمان سنة 2014، بصفته مختصّا بالشؤون الإسرائيلية، ينفي في حديث مع "عربي21"، ما تم نقله على لسان الطالبة الأردنية، حيث يقول رئيس المركز، عبد الله الصوالحة، إن "ما تم تناقلة على لسان الطالبة الأردنية هو عار من الصحة".
وأضاف: "على العكس من ذلك، فقد طالبت بحقها في الرجوع إلى بيت جدها في حيفا ويافا وتساءلت كيف يمكن لكم أيها الإسرائيليون حق توطين أي يهودي في العالم، بينما تحرموننا هذا الحق نحن أبناء البلاد الأصليين"، بحسب قول صوالحة.
إلا أن ناشطين في مقاومة التطبيع؛ ينظرون إلى المركز ومؤسسات أخرى ممولة أجنبيا نظرة "مشبوهة" وباعتبار هذه المؤسسة "محاولة لفرض مشاريع تطبيعية"، كما يرى رئيس لجنة مقاومة التطبيع النقابية مناف المجلي.
يقول المجلي لـ"عربي21"؛ إن "عدد الشركات والمؤسسات المسجلة رسميا في الأردن ويملكها إسرائيلون؛ تبلغ 20 شركة، بينما يملك عرب 48 ما يقارب 8 شركات، وتقوم هذه الشركات بشراء أراض أردنية تحت اسمها المرخص قانونيا".
ويصف المجلي المراكز الممولة أجنبيا بـ"السكين في خاصرة الوطن"، وأنها "أصبحت ظاهرة واضحة في الأردن، ومرتبطة مباشرة بالوفود التي تذهب للكيان الصهيوني، حيث تتلقى هذه المراكز الهبات نتيجة هذا العمل"، على حد قوله.
وحسب المجلي، فقط "نشطت مؤخرا وفود اردنية تطبيعية تحت عناوين البيئة والرياضة والطلاب والمجالس البلدية؛ زارت الكيان بتنسيق من مؤسسة الأرض التي تعمل على تطبيع العلاقات".
وحذر من تأجير أراض أردنية بالقرب من المعبر الشمالي في منطقة سلطة وادي الأردن لشركات إسرائيلية.
وأثارت صورة سيارة نائب أردني متوقفة في تل أبيب ردود فعل غاضبة، حيث طالب المنتقدون مجلس النواب بمساءلة النائب، خصوصا أن مجلس النواب الأردني أعلن عن موقف رافض للتطبيع، بعد أن أعلن رئيس البرلمان الأردني عاطف الطراونة رفضه استقبال ومشاركة وفد إسرائيلي في مؤتمر البرلمانيات العربيات، الذي عقد في العاصمة عمان مؤخرا.
مركز الدراسات يوضح حقيقة عمله
من جانبه، فالصوالحة يوضح دوافع و"حقيقة" عمل مركز الدراسات الإسرائيلية، حيث يقول إن فكرة إنشاء المركز انطلقت من القاهرة، حيث كان يدرس الدكتوراه في العلوم السياسية".
وقال إن الحافز وراء إنشاء هذا المركز كان "إيجاد مؤسسة علمية بحثية مستقلة عن الحكومات، تقدم للقارئ والباحث العربي وصانع القرار المعلومات الضرورية عن الجانب الإسرائيلي، كتجربة جديدة وحديثة في العالم العربي، لا سيما أن الجانب الإسرائيلي لديه عشرات المراكز المتخصصة في العالم العربي، تقدم توصياتها وتحليلاتها لصناع القرار"، وفق قوله.
يستغرب الصوالحة "محاولة تصنيف المركز ونشاطه خارج السياق الذي وجد من أجله"، معتبرا إياها" آلية غير منتجة، ومضرة بعدالة قضايا أمتنا العربية والإسلامية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية".
ويقول إن نشاط المركز هو "أكاديمي بحثي علمي خالص يتم من خلاله تحديد وتجديد "قواعد الاشتباك" مع الجانب الإسرائيلي، من خلال مناقشات ومناظرات ومحاضرات مع باحثين وأكاديميين في مراكز الأبحاث الإسرائيلية، وكذلك الأمريكية والأوروبية، ننقل من خلالها وجهات النظر والحقوق الفلسطينية المشروعة".
كما يعمل المركز، حسب الصوالحة، على "استقدام طلاب من أمريكا وأوروبا وكندا وأستراليا ودعوتهم إلى الأردن؛ للتعرف على وجهة النظر العربية والفلسطينية تجاه الصراع العربي الإسرائيلي، كنظير ومواز لما تقوم به مؤسسات يهودية لدعوة هؤلاء الطلاب إلى إسرائيل".
وقال إن المركز "يعمل على تحقيق المصالح الفلسطينية، وكمؤسسة أردنية يعمل على تحقيق المصالح الأردنية وحمايتها في القدس الشريف، كراع وحام لهذه المقدسات" .
احتجاج على تطبيع سياحي
ودعت فعاليات أردنية رافضة للتطبيع، تحت اسم حركة "اتحرك" للاعتصام أمام وزارة السياحة الأردنية مساء الخميس الماضي؛ احتجاجا على الفعاليات السياحية التي تقام في وادي رم، والتي دعت لها صفحات سياحية إسرائيلية عبر موقع فيسبوك. وجاءت الوقفة تحت شعار "أوقفوا بوابة وادي رم التطبيعية".
عضو حركة "اتحرك"، محمد العبسي، اتهم في حديث لـ"عربي21"؛ الحكومات الأردنية؛ بـ"محاولة الترويج لهذه الفعاليات وتبريرها؛ لإعطائها نوعا من الشرعية من خلال منحها التراخيص اللازمة"، بحسب قوله.
وجاء الاعتصام بعد أن حذرت حملة "الأردن يقاطع" على فيسبوك، المواطنين إلى التنبه لصفحة "نادي متسلقي إسرائيل"، التي بدأت "تروج لفعالية سياحية في الأردن يقوم بها إسرائيليون إلى وادي رم. وسبقها إعلان العازف الإسرائيلي نداف داغون؛ إلغاء حفله الذي كان من المقرر إقامته في وادي رم، بعد مذكرة تقدم بها نواب أردنيون للحكومة لمنع إقامة الحفل.
المعاهدة الأردنية الإسرائيلية تنص على التطبيع
وتضمنت المعاهدة التي وقعت في 1994 بنودا تتعلق برسم الحدود بين الجانبين، استعاد الأردن بموجبها أراضي ثم أجرها لإسرائيل لسنوات. كما نصت المعاهدة أيضا على "تطبيع كامل يشمل فتح سفارة إسرائيلية وأردنية في البلدين، وإعطاء تأشيرات زيارة للسياح، وفتح خطوط جوية، وعدم استخدام دعاية جارحة في حق الدولة الأخرى".
وقد أثار الكاتب الأردني في صحيفة الحياة، إبراهيم غرايبة، وجهة نظر مختلفة، عندما كتب مقالا حول عمل الأردنيين في إيلات، اعتبر فيه أن "العمل في إسرائيل ليس خيانة والامتناع عنه ليس وطنية".
وقال أيضا إن "الدول المتحاربة والمتعادية يمكن أن تدير علاقات اقتصادية، والدول الصديقة يمكن أن تمتنع عن ذلك. المسألة مسألة مصالح وطنية وليست حربا ولا انتصارا ولا هزيمة. وعلى أي حال فإن المعاهدة الأردنية الإسرائيلية تمت بموافقة برلمان منتخب"، وفق ما جاء في مقال الغرايبة.
إلا أن التطبيع الشعبي "ما زال محدودا، ويقتصر على حالات فردية ومراكز ممولة"، كما يقول مناف المجلي لـ"عربي21"، حيث يؤكد أن هنالك "حالة عامة من الرفض للتطبيع"،
ويتفق معه عضو حملة "اتحرك"، محمد العبسي، الذي قال لـ"عربي21" إن "الحكومات الأردنية وجدت الطريق أمامها مسدودا في الترويج للتطبيع، ما دفعها لزج الناس بالتطبيع الإجباري، من خلال محاولة استيراد الغاز من إسرائيل".
ويرجع العبسي سبب تراجع دور وتأثير حركات مقاومي التطبيع؛ لما أسماه "القمع الأمني" لهذه الفعاليات، "مما شجع بروز جهات تطبيعية"، وفق تقديره.
وكانت السلطات الأردنية قد شيدت قبل أشهر سياجا معدنيا حول ساحة الكالوتي القريبة من السفارة الإسرائيلية في عمان، لمنع أعضاء في جمعية مناهضة العنصرية والصهيونية من تنفيذ اعتصام أسبوعي لها بمحيط السفارة، للمطالبة بإغلاقها.