دخلت الخميس قافلة
مساعدات إنسانية ضخمة إلى مدينة الرستن المحاصرة في وسط
سوريا، في حين غادر جنيف أعضاء في وفد المعارضة إلى المفاوضات التي تحاول
الأمم المتحدة إنجاحها بين نظام الرئيس بشار الأسد والمعارضة التي علقت مشاركتها فيها.
وغادر رئيس وفد المعارضة أسعد الزعبي وكبير مفاوضيها محمد علوش جنيف، بعد إعلان الهيئة العليا للمفاوضات تعليق مشاركتها في الجولة الراهنة من المحادثات؛ احتجاجا على تدهور الوضع الإنساني والميداني.
في المقابل، أكد نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد الخميس، في براغ، أن دمشق ستواصل مفاوضات السلام في جنيف برعاية الأمم المتحدة حتى التوصل إلى حل، وذلك رغم انسحاب وفد المعارضة.
وأدلى المقداد بتصريحاته من العاصمة التشيكية في زيارة غير مسبوقة لمسؤول سوري كبير إلى بلد عضو في الاتحاد الأوروبي منذ اندلاع النزاع السوري.
وصرح المقداد عقب لقائه وزير الخارجية التشيكي لوبومير زوراليك ومساعده مارتن تلابا: "مجددا أؤكد أننا سنحترم وقف الأعمال العدائية على ما تطالب الأمم المتحدة".
وأضاف: "سنرسل المساعدات الإنسانية إلى سكان سوريا حيثما يحتاجون، وسنواصل المفاوضات حتى التوصل إلى حل".
والجمهورية التشيكية هي البلد الوحيد في الاتحاد الأوروبي الذي أبقى بعثته الدبلوماسية في دمشق مفتوحة، وهي تمثل حاليا مصالح دول أوروبية أخرى إلى جانب الولايات المتحدة.
وعشية إعلانه تقييمه لحصيلة جولة المفاوضات الراهنة الجمعة، أقر الموفد الدولي الخاص إلى سوريا ستافان دي ميستورا بأن تحسن الوضع الإنساني واستمرار وقف الأعمال القتالية من شأنهما أن ينعكسا إيجابا على سير المناقشات.
وفي تطور إيجابي على صعيد إيصال المساعدات الإنسانية إلى المناطق المحاصرة في سوريا، قال المتحدث باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر بافل كشيشيك لوكالة فرانس برس إن قافلة مساعدات من 65 شاحنة تحمل مواد غذائية وأدوية ومعدات طبية دخلت إلى منطقة الرستن في ريف حمص الشمالي.
وأضاف: "إنها أكبر قافلة مساعدات مشتركة نقوم بها في سوريا حتى الآن"، موضحا أن "هناك بحسب ما نعتقد 17 مخيما للنازحين في منطقة الرستن تعاني من وضع إنساني صعب". وتشير التقديرات إلى أن 120 ألف شخص موجودون في المنطقة.
والرستن هي أحد آخر معقلين متبقيين لمقاتلي المعارضة في محافظة حمص، وتحاصرها قوات النظام منذ حوالى ثلاث سنوات، ولكن الحصار أصبح تاما منذ بداية العام. ولم تدخل أي مساعدات إلى الرستن، وفق كشيشيك، منذ "أكثر من عام".
وتحولت سياسة الحصار خلال سنوات النزاع إلى سلاح حرب رئيسي تستخدمه كافة الأطراف المتنازعة، إذ يعيش حاليا -وفق الأمم المتحدة- 486 ألف شخص في مناطق محاصرة، فيما يوجد 4,6 ملايين نسمة في مناطق "يصعب الوصول" إليها.
تقدم "متواضع"
ويأتي إدخال المساعدات غداة إجلاء الأمم المتحدة بشكل متزامن أكثر من 500 جريح ومريض وعائلاتهم من مدينتي الزبداني ومضايا في ريف دمشق (محاصرتان من النظام) وبلدتي الفوعة وكفريا (محاصرتان من المعارضة) في محافظة إدلب (شمال غرب).
ووصلت الحافلات التي أقلتهم فجرا إلى منطقة قلعة المضيق في ريف حماة (وسط) الشمالي، قبل أن تتجه حافلات تقل 250 شخصا تم إجلاؤهم من الزبداني ومضايا إلى محافظة إدلب، تزامنا مع توجه حافلات تقل الـ250 الآخرين من الفوعة وكفريا إلى مدينة اللاذقية (غربا) وأخرى إلى دمشق.
وتحدثت الأمم المتحدة الخميس عن "تقدم متواضع" لكن "حقيقي" على صعيد إدخال المساعدات إلى المناطق المحاصرة، وفق ما أعلن دي ميستورا في ختام اجتماع لمجموعة العمل الدولية حول الشؤون الإنسانية في جنيف.
وأشار إلى إيصال المساعدات إلى أكثر من 560 ألف شخص في المناطق المحاصرة أو تلك التي يصعب الوصول إليها منذ مطلع العام، بزيادة قدرها أكثر من مئة ألف شخص خلال أسبوعين. وتستثني هذه الحصيلة قافلة المساعدات التي دخلت إلى الرستن الخميس.
واعتبر دي ميستورا أن ذلك "غير كاف"، لافتا إلى استمرار وزارة الصحة السورية في منع إدخال "الفيتامينات والمضادات الحيوية والمسكنات ومعدات الجراحة" إلى المناطق المحاصرة، واصفا ذلك بأنه "غير مقبول".
وعقدت مجموعة العمل الدولية حول وقف الأعمال القتالية اجتماعا بعد ظهر الخميس في جنيف، لتقييم الهدنة الهشة التي تسري في مناطق سورية عدة منذ 27 شباط/ فبراير، وتستثني تنظيم الدولة وجبهة النصرة بموجب اتفاق أمريكي روسي تدعمه الأمم المتحدة.
واقر دي ميستورا الخميس بأن من شأن تكثيف المساعدات الإنسانية و"عودة وقف الأعمال القتالية إلى الاستقرار" أن "يساعد كثيرا في المناقشات السياسية".