قضايا وآراء

"كليبتوكراسي"..أو حُكمُ اللصوص!

جمال الدين طالب
1300x600
1300x600
في تنظيراته الغريبة العجيبة، ذهب "الأخ القائد"، "ملك ملوك أفريقيا" (كما كان يحب أن يسمي نفسه!) "الزعيم" الليبي الراحل معمر القذافي، إلى القول مرة إن الديمقراطية ((DEMOCRACY، أصلها عربي وتعني "دم الكراسي"! و ليس مثلما هو معروف أن أصلها يوناني، وهي مركبة من كلمتين "ديمو" وتعني شعب، و"قراطية" وتعني حُكم.

القذافي، الذي رفض حكم الشعب الليبي الحقيقي، برغم ادعاءاته بجماهيريته الليبية الشعبية الاشتراكية العظمى، كما كان يسميها، وحكم "اللجان الشعبية"، قاده جنونه في النهاية إلى تلك الموتة الدموية البشعة، وسال دمه بتلك الطريقة المفجعة في مجاري مياه، وهو متشبث بكرسي الحكم. يا له من "دمُ كرَاسِي"!

القذافي الذي غيبه ذلك القتل الذي لا يقل بشاعة عما قام به من تقتيل لمعارضيه، لعقود داخل ليبيا وحتى خارجها، كان اسمه حاضرا في فضيحة "وثائق بنما" لتهريب الأموال إلى ملاذات ضريبية في بنما، إلى جانب بشار الأسد، وأبناء مبارك، وحكام ومسؤولين عرب وغير عرب.

"وثائق بنما" وما فيها من فضائح، وإن هزت بلدانا مثل آيسلندا، التي خرج مواطنوها للاحتجاج على رئيس الحكومة، الذي ذكر اسمه فيها، مما اضطره للاستقالة، لم تكن مفاجئة للشعوب العربية التي تعرف أن حكامها لصوص! في الجمهوريات أو بالأحرى "الجملوكيات" وفي المشيخات السعيدة.

ولِحُكمِ اللصوص مصطلح هو الـ"كليبتوقراطية" Cleptocracy ، وهو يوناني الأصل مكون من كلمتين، "كليبتو" (Clepto) وتعني لصوص، وكراسي ("قراطية") وتعني حُكم.

المضحك المبكي، أنه أخذنا بالطريقة القذافية ونظريته "العظيمة"، من أن الديمقراطية (الديمكراسي) أصلها عربي وهو "دم الكراسي"، فإن لهذه الـ "الكليبتو كراسي" رنة عربية أصيلة! فإذا كانت كراسي لا حاجة للتفصيل فيها، فإن "كَليبتو" يكفي بشأنها إطلالة على عيون المناجد العربية لتجد مثلا هذا المعنى "كلِبَ: أكل كثيرا بلا شِبعَ"، وتجد هذا المعنى "كلِب في الشّيء: طمِع فيه"، كما تجد هذا المعنى: "يَكْلَبُ على الأَمرِ: يحرِص عليه حِرْصَ الكَلْبِ كَلِبَ عَلَى الْمَالِ!".

المضحك المبكي مرة أخرى، أن وزير الصناعة الجزائري عبد السلام بوشوارب، الذي ذكر اسمه في فضيحة "وثائق بنما"، و700 ألف دولار التي سعى لتهريبها، وذلك بالدليل وبالوثائق، اعتبر القضية مؤامرة، و"تكالبًا" ليس عليه فقط، بل على الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، وذهب إلى القول إن لوبيا خارجيا وداخليا وراء القضية، لاستهدافه لأنه يحمي الاقتصاد الوطني، رغم أن الفرنسي غي فايت، مدير إدارة شركة الأفشور واسمها "الوصول الملكي" (!)، التي سجلها بوشوارب في بنما للتهرب الضريبي، اعترف في حوار مع موقع جزائري بحقيقة قيامه بتلك الإجراءات لصالح الوزير الجزائري، وقال إن الأخير كان يريد عبر "تهريبه" 700 ألف دولار شراء عقار لابنته المقيمة في جنيف!

يا له من "تكالب" فعلا يصيب بـ"الكَلب" لهؤلاء "الكليبوتوكراسيين"! 
0
التعليقات (0)