نشر موقع "ميدل إيست آي" تقريرا كتبه جيمس رينل، قال فيه إن أي تحليل لتوجهات التصويت في أمريكا لن يكون كاملا دون التطرق لقطاعات المصوتين الإثنية، مشيرا إلى أن مرشحي الرئاسة الأذكياء يعلمون جيدا أن أصوات السود واللاتينيين يمكن أن ترجح كفتهم في بعض الولايات، وأن الولايات المتأرجحة يمكنها أن تكون سببا في الوصول إلى البيت الأبيض.
ويقول الكاتب: "لا يحسب عادة للناخبين العرب الأمريكيين أي حساب، لكن الفوز المفاجئ للمرشح بيرني ساندرز الأسبوع الماضي في
الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي في ميتشغان، بشكل جزئي من خلال شعبيته بين العرب الأمريكيين، غير المفاهيم".
وينقل التقرير عن المديرة التنفيذية للمعهد العربي الأمريكي، وهو عبارة عن مجموعة ضغط، مايا بري، قولها إن الناخبين العرب الأمريكيين يشكلون كتلة مهمة في ميتشغان وأوهايو وبنسيلفانيا وفلوريدا وغيرها من الولايات، التي يتوقع أن تكون ساحة منافسة في الانتخابات الرئاسية في تشرين الثاني/ نوفمبر.
وتضيف بري للموقع: "قد يكون هناك 3.7 ملايين عربي أمريكي فقط في هذا البلد، لكن بسبب الأماكن التي نتركز فيها، والطريقة التي نتوزع فيها، فإننا نشكل قطاع الترجيح الأمثل"، وتتابع قائلة: "نحن موجودون في 12 ولاية رئيسية، وفي تلك الولايات الاثنتي عشرة هناك جزء كبير يؤدي دورا مهما جدا في الانتخابات".
ويشير رينل إلى أن المرشح اليساري اليهودي السبعيني ساندرز، حصل على نتائج جيدة في المناطق العربية من ديربورن في ميتشغان خلال الانتخابات التمهيدية الأسبوع الماضي، حيث حصد 67% من الأصوات بالمقارنة مع هيلاري كلينتون، التي حصلت على 32% من الأصوات، وهذا ساعده على ضمان الولاية.
ويلفت التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن ميتشيغان تحتوي على أكثف تجمع إثني عربي (5%) بحسب بري، لكنهم أيضا موجودون في المناطق المدنية من كاليفورنيا ونيويورك وفلوريدا وتكساس ونيوجيرسي وألينويز وأوهايو وبنسلفانيا وفيرجينيا، وتقول بري إنه في السباقات التي تكون فيها الفروقات قليلة فإن القطاعات الصغيرة مثل العرب الأمريكيين "يمكنها ترجيح الميزان".
ويذكر الموقع أنه لم يتم إحصاء العرب الأمريكيين بعد، ولذلك فإن العدد المقدر بـ3.7 ملايين قد يكون تقديرا مضخما يجعل نسبتهم 1.1% من الشعب، ويشكل اللاتينيون (17.4%) والسود (13.2%) كتلة أكبر من الشعب.
وتقول بري إنه على عكس الاعتقاد السائد، فإن معظم العرب الأمريكيين هم من المسيحيين وليسوا من المسلمين، وعادة هم من المتعلمين، ويصوتون بأعداد أكبر من المتوسط الأمريكي في كل من الانتخابات التمهيدية والانتخابات الرئاسية، بحسب الموقع.
وينوه الكاتب إلى أن العرب الأمريكيين كانوا حتى نهاية القرن الماضي منقسمين بالتساوي بين الحزبين الرئيسين، ودعموا جورج بوش بنسبة 44.5% في انتخابات عام 2000، بحسب المستفتي جون زغبي، مشيرا إلى أنه منذ هجمات 11 أيلول/ سبتمبر في نيويورك وواشنطن مال
العرب الأمريكيون نحو اليسار، فأصبح 40% منهم يؤيدون الديمقراطيين و20% يؤيدون الجمهوريين، و30% مستقلين، بحسب المعهد العربي الأمريكي.
ويقول زغبي لـ"ميدل إيست آي": "هناك قضايا تتعلق بحرب العراق، وأبو غريب بالذات، وكذلك القضية الفلسطينية، وكلها جعلت العربي الأمريكي يميل عن الجمهوريين إلى الديمقراطيين، خاصة العرب المسلمين الأمريكيين، الذين يشكلون نسبة 25 إلى 30 في المئة من مجموع العرب الأمريكيين".
ويفيد التقرير بأن كثيرا من العرب الأمريكيين يمتلكون مشاريع تجارية صغيرة، أو يعملون في مجالات تخصصاتهم، وتؤثر القضايا المعيشية، مثل الوظائف والضرائب والمدارس والمستشفيات، في توجهاتهم السياسية، كغيرهم من الأمريكيين، كما أن سياسة أمريكا الخارجية لها أثر في توجهاتهم، لكنها ليست مؤثرا أساسيا، بحسب دراسات المعهد العربي الأمريكي.
ويورد رينل نقلا عن محللين قولهم إن العرب يدفعون بشكل أكبر نحو الديمقراطيين خلال هذه الانتخابات، لافتا إلى أنه عرف عن المرشح الجمهوري دونالد ترامب أنه انتقد المسلمين واللاجئين السوريين، وهناك عدد لم يتم إثباته من سكان نيوجيرسي احتفلوا بهجمات 11 أيلول/ سبتمبر، لكن مرشحين جمهوريين آخرين اتهموا أيضا بنبرة مبغضة للعرب في خطاباتهم خلال حملاتهم الدعائية، فمثلا قال تيد كروز إنه يريد أن يقوم "بقصف سجادي" لتنظيم الدولة، وقدم هو وماركو روبيو عرضا بدعم غير محدود لإسرائيل في حربها ضد الفلسطينيين والعرب الآخرين.
وينقل الموقع عن زياد رمضان (49 عاما)، وهو ناشط سياسي أمريكي فلسطيني، يمتلك مقهى في أبر مانهاتان، قوله: "
الجمهوريون خطيرون جدا، ويتصرفون بشكل إنجيلي تجاه إسرائيل، ولا نستطيع تأييد الجمهوريين؛ لأن خطابهم أصبح ضد العرب والمسلمين واللاجئين".
وتقول رئيسة شبكة المهنيين العرب الأمريكيين سراب الجيجكلي للموقع إن قيادات المجتمع العربي والإسلامي يقومون بحملاتهم عبر شبكات التواصل الاجتماعي عبر هاشتاغ "اباوت وذاوت"، يحاولون من خلالها استعادة صوتهم في جولة انتخايبة تميزت برهاب الأجانب.
وتضيف الجيجكلي: "شهد الخطاب السلبي التعصب المقبول، والإسلاموفوبيا تصل إلى مداها، خاصة في الجانب الجمهوري، حيث استخدم اللاجئون وسيلة لتخويف الشعب الأمريكي في دورة انتخابات مجنونة أصبحت تدور حولنا، دوننا".
ويبين التقرير أن ما يقلق بري ليس السياسيين، بل مؤيدوهم وقواعدهم، وتقول بري: "هناك مشكلة حقيقية بين الجمهوريين، وهي أن المصوتين الذكور من المسيحيين الإنجيليين يحملون نظرة سلبية عن العرب والمسلمين، ومقدرة ترامب على الاستفادة من هذه الحقيقة تشكل جزءا من نجاحه، وحقيقة هذا النجاح هي ما يقلق"، وقال رمضان إن هذا يجعل الخيار صعبا بين المرشحين الديمقراطيين، الذين بقيا في اللعبة "ونحن منقسمون بين باري ساندرز وهيلاري".
ويختم "ميدل إيست آي" تقريره بالإشارة إلى أنه ينظر إلى كلينتون على أنها لا تدعم الفلسطينيين، وأنها صديقة للقيادة الإسرائيلية المتطرفة، لكن المصوتين العرب قد يقفون خلفها بدلا من ساندرز، حيث يبدو أنها المرشح الديمقراطي الغالب.