أقر قياديون في حركة
النهضة التونسية، بوجود تيارين لآراء متباينة داخل الحركة، حول مسألتي فصل الدعوي عن السياسي، وهيكلية الحزب، الذي يستعد لعقد مؤتمره العاشر الشهر القادم، نافين وجود تيار يرفض استمرار الشيخ
راشد الغنوشي في رئاسة الحركة.
ونفى لطفي زيتون، المستشار السياسي لرئيس "النهضة"، وجود أي خلاف بين "النهضويين"، لكنه أكد في المقابل أن "الحركة عموما؛ سجلت آراء مختلفة تتعلق أساسا بالجانب الهيكلي للحزب، وبمسألة فصل الدعوي عن السياسي".
وأضاف لـ"
عربي21" أنه "توجد أقلية تقف ضد التوافق حول مسألة فصل الدعوي عن السياسي"، معتبرا ما تشهده "النهضة" منذ أيام "اجتهادات أضفت على الحركة تنوعا في الأفكار والرؤى السياسية".
اجتهادات مختلفة
وبخصوص الجانب الهيكلي للحركة؛ قال زيتون إن اجتهادات مختلفة مطروحة اليوم للنقاش، "فهناك من يرى ضرورة اعتماد الديمقراطية القاعدية التي يتم وفقها انتخاب مرشحي كل هيكل للحركة من قبل القاعدة، فيما يذهب آخرون إلى اعتماد الديمقراطية المركزية، حيث ينتخب المؤتمر أو مجلس الشورى المكتبَ التنفيذي، إضافة إلى تحديد صلاحيات رئاسة الحركة".
وفي سياق متصل؛ أكد زيتون عدم إعلان أي قيادي في "النهضة" إلى الآن، عن نية الترشح لرئاسة الحركة، بمن في ذلك الشيخ راشد الغنوشي، لافتا إلى أن المعمول به هو أن يرشح أبناء الحركة شخصا أو أكثر، ممن تتوفر فيه الشروط المطلوبة، خلال فترة انعقاد المؤتمر.
وأضاف أن "الشيخ راشد ليس مجرد رئيس للحركة، بل هو يقود اليوم عملية الإصلاح داخل الحركة، ويسعى إلى تطويرها، ما جعل أغلب أبناء الحركة يرون أنه الأكثر قدرة على مواصلة هذه المهمة، وخاصة في المرحلة القادمة".
وتابع زيتون: "هؤلاء عازمون على دعمه في هذه المهمة، فليس ثمة فائدة، لا للحركة ولا للوطن، في تحديد صلاحياته، ومحاصرته في مهمته الآن، ولا في قادم الأيام".
صلاحيات الشورى
من جانبه؛ أقر القيادي والنائب بمجلس نواب الشعب، عبداللطيف المكي، بوجود آراء متباينة داخل "النهضة" تتعلق بصلاحيات مجلس الشورى والمكتب التنفيذي.
وأكد المكي لـ"
عربي21" أن عددا من الملفات البارزة ستكون محور نقاش في المؤتمر العاشر للحركة، حيث سيتم التداول في مواضيع تتعلق بظاهرة الإرهاب، وأخرى بالشأن الاقتصادي للبلاد، وبالقضايا ذات البعد المضموني، على غرار الثقافة، وملف التشغيل وتحديات التنمية، إضافة إلى مواضيع تخص الحركة نفسها.
وكان المكي أكد في تصريح إذاعي قبل أيام، أنه لا يفكر في الترشح لرئاسة الحركة، مشيرا إلى وجود منافسين للرئيس الحالي لـ"النهضة" راشد الغنوشي، فيما استبعد عودة القيادي المستقيل حمادي
الجبالي إلى الحركة خلال المؤتمر القادم.
قوالب سكر متشابهة
وفي سياق متصل؛ أشار القيادي عبدالحميد الجلاصي، في تصريح إعلامي مؤخرا، إلى أن المؤتمر العاشر "سيشكل فرصة للتقييم والمحاسبة داخل حركة النهضة، ولعودة أمينها السابق حمادي الجبالي إلى صفوفها"، وفق تعبيره.
واعتبر مراقبون تصريحات الغنوشي، الأحد الماضي، بأن "الحركة لم تكن في يوم من الأيام موحدة مثل اليوم"، ردا غير مباشر على ما نشرته صحف محلية حول وجود "
خلافات وشقوق، وحرب واضحة، يقودها الجلاصي عليه"، بينما فند الأخير في تصريح إعلامي ما راج من أنباء عن وجود خلاف شخصي بينه وبين الغنوشي.
وقال الجلاصي، الذي استقال من موقع نائب رئيس "النهضة" أواخر كانون الثاني/ يناير 2015، إنه لا يعترض على رئاسة الغنوشي للحركة، لكنه قال في المقابل: "نحن لسنا قوالب سكر متشابهة ومتماثلة (...) ومن الطبيعي أن تختلف وجهات نظر أبناء الحركة وتقييمهم، وقد يختلفون حول بعض المسائل، كما أنهم يلتقون في البعض الآخر"، وفق تعبيره.
مراهنة على تشقق "النهضة"؟
وأكد الجلاصي أن "الحديث عن الشقوق والمعارك داخل النهضة؛ لا أساس له من الصحة؛ لأن الحزب يتبنى شعار النقاش للوصول إلى التوافق وحسن إدارته".
وأوضح أن "القيادات تتفق بنسبة 95 بالمئة في المسائل الجوهرية"، في إشارة إلى الخيار السياسي للحزب، واعتماد التوافق كخيار، والإيمان بأن الحركة ذات مرجعية اسلامية، "أما بقية القضايا التي يحدث فيها الخلاف، كإدارة الشأن الداخلي، والملفات السياسية؛ فتناقش في إطار ما تضمنه الديمقراطية، ومصلحة الحزب والبلاد".
من جانبه؛ قال القيادي سمير ديلو، في حوار له مع صحيفة "الشروق" السبت الماضي، إن من يراهن على تشقق "النهضة" واهم، مضيفا أنه "خلافا لما يروجه البعض؛ فليس هناك خلاف حول الخط السياسي، ولا تزاحم على المسؤوليات، وإنما وجهات نظر مختلفة؛ تهم أساسا الحوكمة، وترشيد الإدارة والتسيير، وتعزيز الشورى، وتدعيم اللامركزية"، بحسب تعبيره.