وضع الخياط محمد الذي لم يغادر ورشته قط إبره وكشتبانه جانبا وذهب منذ أسبوعين للالتحاق بمعسكر تدريب تابع للفصائل المقاتلة كي يتعلم الدفاع عن حيه ضد
قوات النظام السوري.
وفقدت الفصائل المعارضة، منذ بداية شباط/ فبراير، عددا من مناطق سيطرتها في محافظة
حلب (شمال)، واحدا تلو الآخر، إثر هجوم كاسح لقوات بشار الأسد بمؤازرة الطيران الروسي.
وباتت الأحياء الشرقية لمدينة حلب الخاضعة لسيطرة الفصائل المعارضة والمطوقة تقريبا من جميع الجهات مهددة بحصار خانق، في حال نجح النظام في قطع الطريق الوحيد الصعب المتبقي لها.
وردا على أسئلة، بعد إعلان الاتفاق الروسي الأمريكي حول وقف إطلاق النار اعتبارا من الجمعة، يقول مسؤولون عن معسكر التدريب الواقع في شرق مدينة حلب، إنهم سيواصلون تدريباتهم طالما أن الجيش السوري يتقدم على الأرض في المنطقة.
ويقول محمد (20 عاما) إنه لدى اندلاع الحركة الاحتجاجية ضد نظام بشار الأسد، خرج "في المظاهرات منذ البداية ولكن لم يسبق لي أن حملت السلاح".
ويضيف الشاب النحيل والأسمر: "الآن بعد التقدم الكبير لقوات النظام في ريف حلب الشمالي واقترابها من مشارف المدينة، التحقت بمعسكر التدريب كي أتعلم استخدام السلاح، لأنني أخشى من أن يتمكن الجيش النظامي من محاصرتنا".
في معسكر التدريب الواقع عند الخط الفاصل بين قطاعي المدينة والمحاط بأبنية مهدمة، يقوم الشباب مرتدين زيهم العسكري بتصويب رشاشاتهم على الهدف، بإشراف ضابط من المقاتلين الذي يوجه لهم إرشادات حول كيفية اتخاذ وضعية سليمة للذراعين والساقين.
ويؤكد محمد الذي يقطن بحي صلاح الدين المعارض: "إذا تمكن الجيش من دخول المدينة (الأحياء الشرقية) لن يفرق حينها بين مدني لم يحمل السلاح وبين مقاتل من المعارضة"، مضيفا: "سوف يقتل الجميع دون استثناء".
ويتابع: "لا بد لنا من الدفاع عن المدينة ومنع قوات النظام من حصارنا أو التقدم داخلها".
وشيد تحالف لفصائل معارضة غير إسلامية المعسكر. وتسيطر هذه الفصائل على أكثر من نصف الأحياء الشرقية.
وفي المقابل، أسست الفصائل الإسلامية التي يغلب وجودها في ريف المدينة، معسكرات تدريب سرية جديدة.
ودعت الفصائل الموجودة في حلب منذ أسبوعين، إلى النفير العام عبر محطات التلفزيون والإذاعة واستجاب للدعوة عشرات المدنيين الذين تتراوح أعمارهم بين 17 و30 عاما.
ويقول العميد المنشق عن القوات النظامية أحمد كردي المشرف على التدريب: "استنزفتنا الهجمة الأخيرة لقوات النظام".
ويضيف: "خسرت فصائل المعارضة المئات من المقاتلين أثناء الدفاع عن قرى وبلدات الريف الشمالي، لذلك قررنا إعلان حالة النفير وفتح باب الانضمام إلينا وإنشاء معسكر لتدريب المتطوعين الجدد والدفاع عن مدينة حلب وما تبقى من ريفها الشمالي".
وتعاني الفصائل المقاتلة من نقص في المعدات لمواجهة قوات النظام التي تتفوق خصوصا بسلاحها الجوي، ووجد مقاتلو فصائل المعارضة أن صفوفهم تتهالك في ريف حلب الشمالي مع انطلاق حملة الطيران الروسي، حليف النظام البارز، في مطلع أيلول/ سبتمبر.
ويضيف العميد كردي: "نحن نقوم بتدريب الشبان الذين لم يسبق لهم أن حملوا السلاح أو انضموا لفصائل أخرى من المعارضة على استخدام السلاح، كما ندربهم على بعض الخطط العسكرية وكيفية التعامل مع العدو في أرض المعركة".
بينما يقوم ضابط آخر بشرح الجانب الاستراتيجي للمعركة المسلحة، يعتبر الشاب العشريني عمر أنه أحسن الاختيار عندما قرر القدوم للتدريب.
ويقول: "إننا نشعر بالخطر وأخشى أن يدخل الجيش ولذلك جئت إلى هنا".
ويضيف الشاب (24 عاما): "لم أحظ بفرصة التدرب على استخدام السلاح من قبل، والآن في ظل الظروف الراهنة أصبح من الواجب على كل من قرر البقاء في مدينة حلب أن يشتري سلاحا".
ويتابع: "لذلك اشتريت بندقية كلاشينكوف بمبلغ 130 ألف ليرة سورية (300 دولار أمريكي) وانضممت إلى المعسكر".
ولا يشكل الذهاب إلى الجبهة والانخراط في القتال أولوية بالنسبة إليه، ولكنه يريد التدرب على استخدام السلاح "لحماية نفسي وأسرتي".