بدأت
روسيا محاولاتها مجددا، لاختراق حالة الجمود الذي خيم على محادثات السلام بين الحكومة المعترف بها دوليا، وجماعة "أنصار الله" (الحوثيين) وحزب المؤتمر الذي يتزعمه المخلوع علي عبد الله صالح، التي كانت مقررة هذا الشهر، من خلال خطة سلام تقدمت بها بإيعاز من الأمم المتحدة، حسبما ذكرته تقارير صحفية محدودة.
وتميزت المبادرة الروسية بالسرية، والغموض الذي يلف موقف الحكومة الشرعية، إزاءها، حيث تضمنت تشكيل حكومة وطنية من جميع الأطراف المتحاربة، عقب البدء بهدنة إنسانية والإفراج عن السجناء السياسيين والعسكريين، فضلا عن إرسال قوات دولية للإشراف على التزام الأطراف بوقف إطلاق النار، واستلام السلاح المنزوع من الميليشيا، وفقا لمونتي كارلو.
وتدور التساؤلات والشكوك حول فرص نجاح مقترح موسكو، وحدود الدور المتاح لها باليمن، حيث بلغ الصراع المحلي والإقليمي ذروته.
ولم يتسن لـ"
عربي21" الحصول على تعليق رسمي من الحكومة
اليمنية، أو من طرف الحوثيين وصالح يفيد بصحة ما جرى تداوله عن تقدم موسكو بخطة جديدة لحل أزمة الصراع بالبلاد.
تمسك بقرار مجلس الأمن
وفي السياق ذاته، قال مصدر في الرئاسة اليمنية، معلقا على الخطة الروسية، إن أي مبادرات سياسية خارج إطار القرار الدولي 2216، من أي طرف كان، فإن "الحكومة الشرعية لن تتعاطى معها". حسب قوله.
وأضاف مفضلا عدم الإفصاح عن اسمه، لـ"
عربي21" أن الرئاسة اليمنية متمسكة بتنفيذ القرار الدولي الصادر عن مجلس الأمن تحت البند السابع، وبموافقة جميع الدول دائمة العضوية باستثناء روسيا التي لم تعترض على القرار، داعيا المجتمع الدولي وفي مقدمتهم روسيا بـ"الضغط على الانقلابيين لتنفيذ القرار الدولي".
وأوضح أن موقف الروس من الأزمة في اليمن، ليس سلبيا، إلا أن الشكوك تدور حول اللقاءات المتكررة للمخلوع صالح والحوثي بدبلوماسيين روسيين في صنعاء.
لكنه استدرك قائلا إن "المتمردين الحوثيين وصالح يسعيان لكسب موقف روسي لصالحهم، رغم أنها أعلنت في فترة سابقة، دعمها لشرعية الحكومة".
وشدد على أن أي مبادرة للحل لابد أن تكون عبر تنفيذ القرار، معتبرا أن غير ذلك "مضيعة للوقت". وفق تعبيره.
تحييد وتقويض
واعتبر الكاتب والمحلل السياسي ياسين التميمي أن خطة موسكو هدفها "تحييد قرار مجلس الأمن رقم 2216 "، بل عدّها "تقويضا لشرعية النظام الانتقالي الذي يمثله الرئيس عبدربه منصور
هادي وحكومته وحلفاؤه السياسيون والعسكريون".
وقال في حديث خاص لـ"
عربي21" إن "محتوى المبادرة يتطابق تقريبا مع تسريبات صدرت قبل أيام عن أوساط المؤتمر الشعبي العام، بزعامة علي صالح، تحدثت بوضوح عن ضرورة تعطيل قرار مجلس الأمن واستصدار قرار جديد".
وذكر التميمي أن الدور الروسي يمكن أن يمضي، حتى يتمكن من تمرير مبادرة كهذه، وليس هناك يقين بأن السلطة الشرعية والتحالف سيقبلان بصيغة حل من هذا النوع، لكونها تنهي عمليا دور التحالف العربي السياسي والعسكري، ومعادلة الصراع الحالية القائمة على أساس سلطة شرعية وتمرد.
وأكد السياسي اليمني أنها "ستكون بمثابة مكافأة سياسية غير مقبولة، للطرف الذي فجر الحرب وتسبب في كل هذا الخراب، فضلا عن تقويضها للدور الأممي". لافتا إلى أنه من غير المنطقي احتساب تحرك من هذا النوع بأنه امتداد للدور ألأممي، لأن المبادرة تقوم على تحييد محتوى قرار مجلس الأمن وتبتكر صيغة جديدة من خارج الشرعية الدولية.
وفي لقاءات متكررة جمعت المخلوع صالح بدبلوماسيين روس، أعرب صالح عن تطلعه لدور روسي من أجل رعاية تسوية سياسية مع خصومه في حكومة الرئيس منصور هادي، لكن بعد إيقاف التحالف بقيادة السعودية، عملياته العسكرية في البلد.