نشرت صحيفة "الغارديان" البريطانية مقالا للصحفي الرياضي بوب ويذاريل، وجه فيه رسالة لعشاق
كرة القدم، ودعاهم لترك الأطفال يستمتعون بلعب الكرة، وعدم تقمص دور
المدرب المحترف لمجرد أنهم تعلموا بعض العبارات والخطط من مشاهدة التلفاز.
وقال الكاتب، في هذا المقال الذي ترجمته
"عربي21"، إن شغف الجماهير في إنجلترا وباقي دول العالم بمشاهدة مباريات نهاية الأسبوع، جعل أي شخص قادرا على تقديم محاضرات طويلة عريضة في خطط اللعب والرسوم التكتيكية، ولكن المشكلة تكمن في أن بعض الناس أصبحوا يعتبرون أنفسهم مدربين محترفين، ويسمحون لأنفسهم بإفساد متعة الأطفال بممارسة اللعبة الشعبية الأولى في العالم.
وأشار الكاتب إلى أن كل شخص يملك اشتراكا في القنوات الرياضية المشفرة، أصبح يعتبر نفسه خبيرا في الكرة، ورغم أن هذا الاعتقاد فيه جانب من الصحة، فيما يتعلق باكتساب المعرفة بالمعلومات الرياضية والأسماء والفرق والمعاجم، فإنه لا يعني أبدا أن الشخص يفهم كيف تجري الأمور فعليا على أرضية الميدان، والأخطر من ذلك أن هوسهم بالخطط والتكتيك يجعلهم ينسون أن الكرة متعة قبل كل شيء.
وذكر الكاتب أن المقاهي لطالما كانت ممتلئة بالمتابعين لمباريات كرة القدم، ولكن على ما يبدو فإن هذا لم يعد كافيا بالنسبة لهم، فقد أصبحوا يشعرون بالحاجة لاستعراض قدراتهم أمام الآخرين وتحقيق حلمهم بأن يقفوا على جانب العشب الأخضر ويسدوا التعليمات للاعبين، تماما كما يفعل بيب غوارديولا وجوزي مورينهو في التلفاز.
وقد انتشرت ظاهرة جديدة في الحدائق والمنتزهات، حيث يذهب هؤلاء "الخبراء" في أيام العطلات لحضور مباريات الأطفال والشباب، ويقفون على جانب الملعب مرتدين قبعات فرقهم المفضلة، ويصرخون على اللاعبين ويكيلون لهم التوبيخ والشتائم أحيانا لأنهم لم يلتزموا بخطة الضغط العالي أو محاصرة رجل لرجل، بينما في الواقع يواصل الأطفال الاستمتاع باللعبة دون اكتراث لصراخ هؤلاء.
ونقل الكاتب ما قاله أحد خبراء علم نفس الطفل، الذي أكد أنه "إذا تحدثت مع الأطفال على جانب الملعب في ظل وجود مجموعة من المتفرجين ووجود الكرة قربهم، فليس باستطاعتهم الاستماع إليك لأكثر من 60 ثانية، وبالتالي عليك إيصال فكرتك إليهم باختصار وبساطة قبل أن يضيع تركيزهم".
كما اعتبر الكاتب أن المشكلة الكبرى هي أن أغلب هؤلاء المتفرجين الذين يريدون أن يكونوا مدربين، عندما يشعرون أن اللاعبين ليسوا بصدد الاستماع لهم يبدؤون بالصراخ وكيل الشتائم، وهذا يعمق المشكلة ولا يجعلهم يستمعون.
ومن أبرز الظواهر التي تبين أن مشاهدة التلفاز لا تصنع مدربا محترفا، هو أن هؤلاء المدربين المزعومين لا يجدون طريقة لتبسيط العبارات الرنانة التي تعلموها من استوديوهات تحليل المباريات، حيث يواصلون ترديد تعليمات لا يفهمها الأطفال الذين لا يلوون على شيء غير ركل الكرة إلى الأمام.
وأشار الكاتب إلى مقولة للاعب والمدرب والمعلق الاسكتلندي السابق أندي غراي، الذي قال: "إن نتيجة المباراة بكل بساطة يحددها اتجاه الكرة، وإذا نجحت في امتلاكها وركلها نحو مرمى الخصم فإنك على الأرجح ستفوز، وهذا ما يفعله الأطفال أثناء اللعب، حيث إنهم يركلون الكرة نحو الأمام دون تعقيد".
وفي الختام، أقر الكاتب بأن المنتخب الإنجليزي على الأرجح لن يفوز بكأس العالم أو الكأس الأوروبية في السنوات المقبلة، لعدة أسباب من بينها افتقار إنجلترا لمدربين أكفاء، رغم أن الجميع أصبحوا يركزون على مشاهدة الكرة أكثر من لعب الكرة، وهو ما خلق جيلا من المدربين المتفرجين ونقصا في اللاعبين، وجرد اللعبة من أجمل ميزاتها.
وأكد على أن أجمل ما في الكرة هو اللعب في حد ذاته، والصداقات التي تنشأ على الميدان، والاستمتاع بالهواء والشمس، والتشويق الذي يرافق المنافسة على الفوز.