تشهد مدينة
القطيف شرق المملكة
السعودية، أحداثا أمنية عدة منذ تنفيذ حكم إعدام رجل الدين الشيعي، نمر باقر النمر، الذي يعد أحد أبرز معارضي النظام الحاكم في المملكة.
وخرجت احتجاجات للشيعة في المنطقة الشرقية، وشهدت عمليات خطف و"شغب" و"أعمال تخريب"، وفق ما ذكرته السلطات.
وآخر هذه الأحداث ما نقلته وكالة الأنباء الرسمية السعودية، "واس"، عن بيان وزارة الداخلية السعودية، أن مواطنا سعوديا تعرّض للاختطاف في مدينة القطيف ذات الغالبية الشيعية.
وأوضحت الوزارة أن مجموعة وصفتهم بـ "مثيري الشغب المسلحين"، قاموا الجمعة، باختطاف مواطن، عند مروره ببلدة العوامية، في المحافظة مسقط رأس النمر. وقالت إن المسلحين أخلوا سبيل المواطن.
وفي التفاصيل، نقلت "واس" عن الناطق الإعلامي لشرطة المنطقة الشرقية، العقيد زياد الرقيطي، قوله إن "الشرطة أبلغت فجر الجمعة، عن تعرّض مواطن ثلاثيني للاختطاف، تحت تهديد السلاح، من قبل مجموعة من مثيري الشغب المسلحين، عند مروره ببلدة العوامية، واقتياده إلى منطقة زراعية، حيث تم الاعتداء عليه بالضرب وتصويره، وإطلاق النار على مركبته، بعد إخلاء سبيله".
وأشار الرقيطي إلى أن "المختصين بالشرطة باشروا في إجراءات الضبط الجنائي لهذا الاعتداء الإرهابي والتحقيق فيه".
ويعدّ هذا خامس اعتداء خلال أسبوع في المنطقة ذاتها، التي تشهد بعض بلداتها مظاهرات، و"إحراق لبعض الممتلكات العامة"، احتجاجا على إعدام النمر، السبت الماضي.
وفي حادثة أخرى، نشرت صحيفة "الرياض"، الجمعة، أن أربعة مسلحين هاجموا ليل الخميس حافلة مخصصة لنقل موظفي وعمال إحدى الشركات إلى بلدات وأحياء محافظة القطيف، إذ استوقفوها في أثناء مرورها بأحد الأحياء السكنية المجاورة لبلدة القديح تحت تهديد السلاح، ومن ثم أضرموا النار فيها.
وأضاف الناطق الإعلامي لشرطة المنطقة الشرقية، أنه تمت السيطرة على الحريق دون حدوث أي إصابات، فيما باشر المختصون في الشرطة إجراءات الضبط الجنائي لهذا الاعتداء، والتحقيق فيه.
ووفق بيانات وزارة الداخلية السعودية، تعرّض أيضا مواطن للاختطاف من قبل "مثيري شغب مسلحين"، والاعتداء عليه بالضرب، والإلقاء به بأحد الطرق العامة في البلدة، بعد سرقة سيارته في بلدة العوامية.
وأعقب ذلك حادث آخر، إذ قام أربعة أشخاص وصفهم بيان الداخلية أيضا بـ"مثيري الشغب المسلحين" الثلاثاء الماضي، بإحراق إحدى الحافلات المخصصة لنقل موظفي وعمال إحدى الشركات، لدى مرورها في محافظة القطيف، بحسب "واس".
وقبل ساعات من هذا الاعتداء، أُعلن عن مقتل مواطن سعودي، إثر قيام مصدر مجهول بإطلاق النار على رجال شرطة في بلدة العوامية.
ونقلت أنباء أن أعدادا ضخمة من أبناء القطيف يتظاهرون كل ليلة، احتجاجا على إعدام النمر، شملت اضطرابات أوسع.
ونقلت وكالة "رويترز"، عن زعيم شيعي في القطيف قوله، إن "الناس غاضبون. ويشعرون بالدهشة، إذ كانت هناك مؤشرات خلال الأشهر الماضية على عدم تنفيذ أحكام الإعدام. الناس يستمعون لخطبه ولا يجدون دليلا مباشرا على ميله للعنف".
وفي القطيف التي يسكنها نحو مليون شخص كلهم تقريبا من الشيعة، شهدت كذلك مقتل أشخاص وهجمات مسلحة على مركبات أمنية مدرعة.
وتقع القطيف قرب منشآت نفطية كبرى، ويعمل كثير من سكانها في شركة "أرامكو"، وهي الشركة الوطنية للطاقة في السعودية.
وانتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي تسجيلات مصورة لمتظاهرين يهتفون بسقوط النظام السعودي، ويرددون هتافات أخرى معادية للحكومة، وانتشرت كذلك مقاطع فيديو تظهر طلقات نارية أطلقت على سيارات مدرعة، خلال الأيام الماضية.
وتسمح السلطات السعودية لوسائل الإعلام الأجنبية بزيارة القطيف.
وقال سكان إن تصاعد الاحتجاجات والهجمات المتفرقة على الشرطة يتوقف على استمرار قوات الأمن في سياسة غير معلنة، محورها السماح بتنظيم مظاهرات سلمية إلى أن تهدأ من تلقاء نفسها.
ويقول مؤيدو الحكومة إن ذلك يتوقف على استغلال إيران لصلاتها بنشطاء محليين لشن هجمات انتقاما لإعدام النمر، وقطع الرياض لعلاقاتها الدبلوماسية مع إيران.
وكان وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، قال في تصريحات سابقة إن "النظام الإيراني يرعى الإرهاب، ولقد أنشأوا خلايا إرهابية في السعودية وفي عدد من الدول الأخرى"، واتهم الإيرانيين وحلفاءهم "بالإثارة وتنظيم خلايا ومدها بالسلاح والمال"، وقال إن
نمر النمر كان واحدا من هؤلاء. وتنفي إيران تلك الاتهامات.
يذكر أن نمر النمر، هو أحد أبرز رموز الشيعة في السعودية، وصاحب دور رئيسي في الأحداث التي شهدتها منطقة القطيف شرق المملكة عام 2011، زادت من شهرته خطبه الحادة التي وجّه عبرها انتقادات للنظام الحاكم في البلاد.
وأُلقي القبض عليه في 8 تموز/ يوليو 2012، ووصفه بيان وزارة الداخلية آنذاك بأنه "أحد مثيري الفتنة".
وكانت محكمة الاستئناف الجزائية والمحكمة العليا، في المملكة أيدت في 25 تشرين الأول/ أكتوبر 2015، الحكم الابتدائي الصادر بإعدام نمر النمر، في الشهر ذاته عام 2014، لإدانته بـ"إشعال الفتنة الطائفية، والخروج على ولي الأمر في السعودية".
ونفذ الحكم السبت الماضي، إذ أعلنت الداخلية السعودية، إعدامه و46 رجلا آخرين.