تصعد السلطات في مصر من حملاتها الأمنية بحثا عن المعارضين، ورافضي الانقلاب لقطع الطريق على الداعين للمشاركة في المظاهرات الاحتجاجية في ذكرى 25 يناير المقبلة.
وبالتوازاي، تشن أذرع النظام الإعلامية هجمات ضد الداعين للنزول في ذلك اليوم، وتتهمهم بالعمالة والخيانة، وحمل أجندات خارجية هدامة، وهي أجواء تذكر بأجواء ما قبل 25 يناير منذ خمس سنوات، وبالأسلوب الأمني نفسه الذي كان يمارسه نظام مبارك المخلوع، وفق مراقبين ونشطاء.
النظام يزعجه فشله
وأرجع وزير العدل الأسبق، أحمد سليمان، ما يحدث إلى "
انزعاج الحكومة من ذكرى
ثورة يناير"، وقال لـ"
عربي21": "وكالعادة تترجم ذلك بالأسلوب الأمني المتاح لها". وأضاف: "النظام يشعر بالانزعاج هذا العام أكثر من أية سنة؛ بسبب الفشل الذريع على جميع الأصعدة، واستشراء الفساد، فهناك 41 مليار جنيه في الموازنة العامة بلا مستندات، و65 مليار دولار مودعة في بنوك سويسرا لم يعلق عليها أحد".
واستدرك قائلا: "أضف إلى ذلك تراجع دخل قناة السويس بعد افتتاح التفريعة الجديدة، وكارثة سد النهضة، الذي يجري العمل فيه على قدم وساق، والوضع الأمني المزري في سيناء".
ورأى أن الإعلام "يمارس دوره المعتاد في التحريض، وبث الرعب في نفوس الناس قبل الذكرى"، واصفا إياه بالمجرم والمخرب الذي "ساهم في خراب مصر منذ ثورة يناير، ويستكمل دروه الآن".
التخوف من سقوط السيسي
بدوره، قال رئيس لجنة الشباب في المجلس الثوري المصري، أحمد البقري، إن "هذه الذكرى لها طبيعة مختلفة، وسلطة الانقلاب متخوفة منها مقارنة بالسنتين الماضيتين"، مضيفا لـ “
عربي21": أنها "تأتي بعد وعود وهمية من السيسي بعد نحو عام ونصف من حكمه الدموي".
واعتبر أن النظام "يعتمد بشكل واضح على أذرعه الأمنية في قمع الحراك الثوري على مدار عامين ونصف، والسؤال الذي يطرح نفسه هو: هل يستيطع الشعب كسر هيمنة وسيطرة الردع الأمني؟ هذا ما ستجيب عنه الأيام".
ورأى أن من تحلقوا حول خطاب الانقلاب في 3 تموز/ يوليو انفضوا إلا قليلا، "وأدركوا أنهم خدعوا، وأنهم لم يجنو من تحالفهم إلا الخسران، ولقد ترجم الإعلام تلك المخاوف، وحذر للمرة الأولى من خطورة سقوط السيسي".
ولفت إلى أن "الإعلام بات غير قادر على الحشد، وليس له تأثير واضح، وأعلنوا ذلك صراحة في أكثر من مناسبة؛ فهناك غضب متراكم لدى الشعب بمعارضيه، ومؤيديه، وصامتيه".
انكشاف النظام
من جهتها، قالت ممثلة التحالف الثوري لنساء مصر، فجر عاطف، لـ “
عربي21" إن "حملات القمع والتنكيل تنشط قبيل كل ذكرى لثورة يناير، تحسبا لأي حراك ثوري، قد يخرج عن السيطرة". ولكنها رأت أن هناك اختلافا كبيرا، يحمل النظام على الشعور بالخطر المحدق، فالسيسي خسر الكثير من شعبيته، وظهيره الشعبي بات يتململ من كثرة الأزمات، وندرة الحلول، وضيق الحياة، وتوالي الأزمات، داخليا وخارجيا".
وتوقعت أن "يتراجع مؤيدو الانقلاب، وينضموا إلى صفوف المعارضين، بعد أن تبين لهم خطؤهم، ما ينذر باتجاه ثوري قادر على أن يفت في عضد الانقلاب"، مشيرة في الوقت نفسه إلى أن "25 يناير ليست المحطة الأخيرة، فنحن في معركة نقاط، ونكسب أرضا جديدة في الشارع ضد النظام في كل يوم".
وأكدت أن "الملف الحقوقي لعب دورا كبيرا في فضح ممارسات النظام المعادية للحريات والديمقراطية، على الصعيدين المحلي والدولي"، مشددة على أن "فضح النظام والحراك الثوري المتوقع وتفلت الظهير الشعبي جعلته يتوقع حدوث ما يخشاه، ويحسب له ألف حساب".
العقلية الأمنية
قبيل كل ذكرى لثورة يناير تتزايد الشكاوى من كثرة حالات الاعتقال في صفوف المواطنين، ومداهمة منازلهم، وفق الكاتب الصحفي، وعضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، محمد عبدالقدوس.
وقال عبدالقدوس لـ “
عربي21": "في مثل هذه الأيام من كل عام يهيمن الأسلوب الأمني على عقل الدولة، التي فقدت أعصابها نتيجة إخفاقاتها الكثيرة، وتخشى من أي قلاقل".
واستهجن عدم وجود "قواعد تحكم عملية الاعتقال، فكلها تخضع لتحريات أمن الدولة، فالعقلية الأمنية مازالت هي المهيمنة على طريقة تفكير النظام دون تغير عن نظام مبارك، إن لم يكن أشد".
وأكد أن النظام "لا يتعظ بما حدث للشرطة في عهد مبارك"، معتبرا أن التخوفات السائدة من حدوث غضبة شعبيه "لها ما يبررها، ولذلك يمعن النظام في الاعتقالات قبيل ذكرى 25 يناير"، وأضاف ساخرا "اللي على راسه بطحه يحسس عليها".