كتب كمال أوزتورك: الإرهاب في
الشرق هو الموت أو القتل بشكل أصبح جزءا من الحياة اليومية، وينظر إليه على أنه أمر طبيعي ومعتاد. أما الإرهاب في
الغرب فهو أمر غير طبيعي ويشكل انتهاكا صارخا لمجرى الحياة وليس شيئا قد نراه في أي وقت.
الذين يموتون جراء الأعمال الإرهابية في الشرق هم فقط عبارة عن أرقام تستعمل في الإحصائيات. أما الذين يموتون جراء الأعمال الإرهابية في الغرب فلكل منهم صورة وحكاية.
رئيس الجمهورية أو رئيس الوزراء الذي يزور أماكن الاعتداءات الإرهابية في الشرق يشتم، ويسب وتكال ضده الاتهامات. أما عندما تحدث الأعمال الإرهابية في الغرب فإن الجميع يقف بجانب رئيسه يؤيده، يسانده، يصفق له، ويتوحد خلفه.
تُرى الأعمال الإرهابية في الشرق على أنها بلاء تستحقه تلك الدولةأاو الشعب الذي حصلت ضده. أما
في الغرب فتُرى على أنها اعتداء وحشي لا يستحقه هذا الشعب الحضاري والمتمدن.
عند حدوث عمل إرهابي في الغرب فإن رئيس الولايات المتحدة الأمريكية يكون أول من يتحدث للإعلام ليقول: "إن هذا العمل الإرهابي يستهدفنا جميعا". أما إن حدث هذا العمل الإرهابي في الشرق فلا يوجد هناك داع حتى لإيصال هذا الخبر للرئيس. وإن كان هذا الاعتداء في
تركيا وتجاوزت أعداد القتلى المئة فإنهم يكتفون برسالة تعزية قصيرة يلقيها المتحدث باسمهم.
إن حدث الإرهاب في الغرب فإنه يروج على أساس أنه "اعتداء يستهدف القيم الإنسانية العالية، والحضارة ونمط الحياة الغربية". أما إن حدث في الشرق فإنه يصور على أساس أنه يستهدف "محطة قطار أو مسجدا أو مركز تسوق".
عندما يحدث عمل إرهابي كبير في الغرب فإنه يكون نقطة تحول وميلاد لمشاريع كبيرة ويقال إنه "لن يعود هناك أي شيء مثل ما كان في السابق". أما عندما يحدث اعتداء إرهابي كبير في الشرق فإنه يصلح فقط ليقارن بشدة العمل الإرهابي الذي سبقه.
في الغرب إن كان من نفذ هذا العمل الإرهابي "ملتحيا أو كبّر عندما قام بالهجوم" فإن الفاتورة ستدفعها جميع الدول المسلمة في العالم سواء أدانت هذا الاعتداء أم أيدته.
عندما يحدث الاعتداء الإرهابي في الغرب فإنه حتى لو كان هناك دولة غربية تدعم هذه المنظمة - التي قامت بالاعتداء- دعما علنيا أو سريا، فإن هذه الدولة لن تدفع الثمن ولن تشعر حتى بالذنب حيال الأمر.
في الأعمال الإرهابية التي تحدث في الغرب، فإن وسائل الإعلام تتهم الإرهابي وتلعن الإرهاب ويتم البحث عن المنفذين خارج الدولة. أما في الشرق فإن وسائل الإعلام في هذه الدولة تتهم رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء ورئيس الاستخبارات لنفس الدولة التي حدث فيها الاعتداء.
في الغرب، عند حدوث الاعتداءات الإرهابية فإن وسائل الإعلام تمتنع عن نشر الصور التي قد تحوي أشلاء القتلى أو مشاهد الدماء، وذلك حرصا على مشاعر المشاهدين وحتى لا تنتابهم حالات الخوف والهلع. أما في الشرق فعند حدوث اعتداء إرهابي فإن وسائل الإعلام تبحث عن أفظع صور وأكثرها وحشية لأشلاء القتلى أو لمشاهد الدماء على أجسادهم ومن ثم تقوم بنشرها.
في الغرب، عند حدوث الهجمات الإرهابية فإن وسائل الإعلام الشرقية تحزن بشكل أكبر وتبدأ حملات إعلامية مثل "نبكي من أجل باريس". أما إن حدثت هذه الهجمات في الشرق فإنها لا تستحق أن تأخذ حيزا في الإعلام الغربي، وأما إن كانت هذه الهجمات كبيرة فإن الإعلام الغربي يبدأ بنشر التوقعات عن كيفية تأثير هذه الهجمات في الغرب.
عند حدوث عمل إرهابي في الغرب، فإن إعلان حالة الطوارئ وبدء عمليات خارج البلاد أو إعلان الحرب على دولة أخرى، تعتبر إجراءات طبيعية لا مجال للنقاش فيها. أما إن حدث الإرهاب في الشرق فإن الإجراءات المتخذة لمعرفة المنظمة المسؤولة أو لجعلها تدفع الثمن تقابل في الغرب على أساس أنها "إجراءات تدعو للقلق، والخوف والحزن".
عند حدوث العمل الإرهابي في الغرب، فإن المفكرين في هذه الدولة لا يعتبرون هذا الأمر ردة فعل لما فعلوه من احتلال، أو اضطهاد، أو إبادة عرقية، أو تمييز عنصري.. بل إنهم يعزون ذلك إلى الاعتقادات التي يؤمن بها المهاجمون وإلى تخلفهم الحضاري والاجتماعي.
أما إن حدث هذا الاعتداء الإرهابي في الشرق، فإن المفكرين والمتنورين ينسبون هذا الأمر إلى المعتقدات الدينية ونظام التعليم الذي يعتبرونه هو المولد والمغذي للإرهاب.
في الغرب، لا تعتبر الأسباب مثل الظلم، وانعدام العدالة، وتقاسم الإيرادات بلا منازع، أسبابا مغذية للإرهاب.
في الغرب تكونون على حق بقدر ما أنتم أقوياء.
في الشرق تكونون مذنبين بقدر ما أنتم ضعفاء.
(عن صحيفة يني شفق التركية- ترجمة خاصة لـ"عربي21")