يلاحظ مراقبون اهتمام الصحافة
الإيرانية بنشر تقارير تبرر فيها التدخل الإيراني الواسع في
سوريا، وهو ما لم يكن عليه الحال قبل التدخل الروسي في الأزمة السورية، وقبل تزايد الخسائر البشرية في صفوف أفراد وقيادات الحرس الثوري.
فقد تناول موقع "فردا" الإيراني "أبعاد" التدخل الإيراني في سوريا، وقال إنه جاء "من أجل الحفاظ على وحدة إيران وأمنها القومي، وأن إيران اضطرت إلى التدخل في سوريا قبل أن يتم تقطيع أوصالها في المنطقة."
وقال الموقع الإيراني في تقريره الذي تنشره "
عربي21": "لو أن إيران رفعت يدها عن سوريا، لكان خطر سقوط النظام السوري أصبح جديا، وأمرا واقعا"، مضيفا أن "الشعب الإيراني يحتاج إلى سنوات عديدة لفهم القرار الاستراتيجي والتاريخي الذي اتخذه
خامنئي، ليفهم أن قرار دخول سوريا كان شجاعا وذكيا وعميقا جدا".
وأضاف قائلا: "لو كان خيار التدخل الإيراني في سوريا راجع للسياسيين في إيران، لأصبحنا مفلسين، وبيعت النساء الإيرانيات في أسواق
السعودية" .
وأكد موقع "فردا" رفض بعض التيارات الإيرانية مشاركة إيران العسكرية وتدخلها في سوريا، وقال: "بكل تأكيد، لولا مواقف المرشد الإيراني علي خامنئي الصارمة لكنا قد رأينا التيارات التي ترفض تدخلنا في سوريا تطالبنا اليوم برفع يدنا عن النظام السوري، وحتى الآن، فإن هذه الأصوات لم تنتهي، وهي موجودة في إيران".
وحول الحديث عن الاحتمالات في حال عدم وجود التدخل الإيراني في سوريا، قال: "إذا لم نتدخل في سوريا لسقط نظام بشار
الأسد منذ وقت طويل، وبعد ذلك سوف يسقط النظام العراقي المقرب والمدعوم من إيران، ومن ثمن سترتكب مجازر بحق الشيعة وبحق حزب الله في لبنان، لأنه في حال فقدان النظامين العراقي والسوري وخروجهما من المحور الإيراني تستطيع السعودية وبجانبها فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية الدخول بحرب داخلية لتدمير حزب الله، وحذفه نهائيا من الساحة اللبنانية، ولديهم القدرة على فعل ذلك".
وبحسب الموقع الإيراني، فإن الحرب على الأرض السورية اشتدت بعد التدخل العسكري الروسي.
ولفت إلى أن المستشارين العسكريين الإيرانيين الذين كانوا في سوريا ارتفع عددهم، مشيرا إلى أنهم لن يكونوا في مأمن في ساحات القتال، رغم الغارات الجوية التي يشنها الطيران الروسي.
وأكد سقوط العشرات من ضباط الحرس الثوري خلال الأسابيع الماضية في سوريا، لكنه تساءل: "ماذا لو قلنا ماذا كان ليحصل في حال لم تتدخل إيران في سوريا؟".
اقرأ أيضا: تزايد قتلى الحرس الثوري بسوريا وإيران تعتبر دورها "مصيريا"
وأضاف الموقع "فردا" في تقريره، قائلا: "عندما نريد أن نلتحق بالنظام الدولي والإقليمي من موقف الضعيف في ظل اتحاد أعدائنا ضدنا، فلن يكون لدينا أي موطئ قدم في السياسة الخارجية، كما أن هيكل النظام الدولي أصبح يقبل الأقوياء فقط، ونحن نريد أن ندخل هذا النظام الدولي من خلال ما نحن نريد أن نرسمه، وليس ما يريده الآخر أن يرسمه لنا ."
وأشار الموقع إلى أنه "يجب على التيارات الثورية الإيرانية أن تعلم جيدا أن هدف الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة العربية السعودية هو استهداف الحرس الثوري الإيراني في المنطقة، لأنه ساهم بترسيخ مفاهيم إسلامية - ثورية جديدة، تحت قيادة زعيم الثورة الإيرانية روح الله الخميني في المنطقة، عكس اليساريين والقوميين الذين انتهت مفاهيمهم، ولا يوجد لديهم شيء لتقديمه في عصرنا هذا"، وفق ما أورده الموقع الإيراني.
وتابع بالقول: "إننا اليوم أصبحنا في معرض الخطر في مجال السياسة الخارجية، ونحن نواجه خطرا جديا بسبب سياسة الحكومة الإيرانية ورؤيتها للقضايا الإقليمية والدولية، فكلما استخدمنا سياسة الاسترضاء وقدمنا التنازلات للأطراف الخارجية للمضي قدما من أجل تحقيق أهدافنا والحفاظ على مصالحنا، يكبر الخطر الذي يتحرك باتجاهنا ويهددنا أكثر من الماضي".
وانتقد موقع "فردا" تصريحات ظريف الذي قال فيها إن أمريكا لم تخف من قدرات إيران العسكرية، معلقا بالقول: "لو استطاعت الولايات المتحدة الأمريكية أن تحتل إيران لقامت بذلك، ولكن وجود النفوذ الإيراني في المنطقة هو ما يمنعها من ذلك".
وتابع بأنه "في حال تم تقطيع أوصال إيران وأذرعها في لبنان وسوريا والعراق فبكل تأكيد سوف تقوم أمريكا بضرب إيران، وتمطرنا بالقنابل حتى نستسلم".
وقال الموقع الإيراني: "على الرغم من أن السعودية تحاربنا الآن على جبهات عدة مختلفة في المنطقة، لكنها لن تنتصر علينا، رغم أن ذلك سوف يأخذ منا وقتا طويلا".
وأضاف قائلا: "الآن أصبحنا مجبرين على انتشار قواتنا وتوزيعها في المنطقة، خصوصا في سوريا، وكل ذلك كان من خلال مواقف وقرارات المرشد الإيراني الذي أدرك بشكل كامل حجم الخطر الذي يداهمنا في إيران".
وقال إن المرشد هو من لم يسمح بسقوط النظام السوري، ومن لم يسمح بأن نرفع أيدينا عن العراق.
وكشف الموقع ذاته، عن وجود تيار إيراني متشدد أيضا يتوافق مع الإصلاحيين بعدم التدخل في سوريا، ولكن من منظور آخر، حيث أوضح أن "هناك تيارا إيرانيا كان يرفض التدخل في سوريا، وكان يعتقد بأن سقوط النظام السوري ومجيء المعارضة السورية التي يصفونها بأنها تعود إلى أحفاد الأمويين سوف تعجّل بظهور الإمام المهدي".
وأشار أيضا إلى أن "هناك تيارا آخر يتماشى مع المواقف الغربية، ويطالب برفع يدنا عن سوريا"، في إشارة إلى التيار الإصلاحي .
اقرأ أيضا: صحيفة خامنئي تهاجم موقف التيار الإصلاحي من سوريا والأسد
يشار إلى أن التيار المحافظ في إيران يشعر بخيبة أمل كبيرة بسبب فشله الضريع في سوريا، حيث اعترفت إيران بمقتل العشرات من قادتها وضباطها الثوريين خلال معارك مدينة حلب، وأصبح يبرر تدخله العسكري من خلال حملة إعلامية واسعة وممنهجة للرأي العام في إيران.
ويرى التيار الإصلاحي في إيران أن التدخل الروسي في سوريا هو نتيجة فشل التدخل العسكري الإيراني، أي الحرس الثوري في سوريا، ومن الممكن أن تتجاوز
روسيا إيران ومصالحها في أي حل محتمل وقادم في سوريا، من خلال عقد تفاهمات إقليمية ودولية مع الأطراف المعنية بالشأن السوري، وحينها تخسر إيران فرصها الحالية والسابقة التي كانت متاحة لها للحفاظ على مصالحها في المنطقة، من خلال تجاوزها عن رئاسة بشار الأسد لسوريا.