مع تراجع الدور الحكومي في حماية سكان "طوز خورماتو" بمحافظة صلاح الدين، طالب مجلس
العشائر العربية قوات
البشمركة الكردية باستلام الملف الأمني في القضاء، والكشف عن مصير "المعتقلين والمختطفين ومحاسبة الذين يقفون وراء هذه الجرائم".
وكانت عناصر تابعة لفصائل
الحشد الشعبي قد اختطفت أكثر من 200 شخص من العرب السُنّة خلال الأسبوع الماضي فقط، ومعظم هؤلاء من النازحين من نواحي سليمان بيك وقرى البوحسن والدلالوة، إلى قضاء طوز خورماتو وناحية آمرلي، ليبلغ العدد الإجمالي للمختطفين نحو 500 شخص.
وأكدت مصادر عشائرية محلية الإفراج عن 50 شخصا، في وقت لا يزال مصير نحو 200 شخص مجهولا حتى الآن.
وحول حقيقة ما يجري ودوافعه، يقول الأمين العام لمجلس العشائر العربية، الشيخ ثائر ستار البياتي، في اتصال خاص مع "
عربي21"، إن "ما يجري من حملات اعتقال طالت المئات من العرب السُنّة خلال الأسابيع القليلة الماضية، إنما يؤكد على الاستهداف الممنهج الذي تنفذه فصائل الحشد الشعبي ضد أبناء العشائر العربية السُنيّة في المنطقة".
ووصف البياتي حملات الاعتقالات بـ"الهجمة الطائفية البشعة" التي خلّفت "مئات القتلى المغدورين دون أن تحرك حكومة بغداد ساكنا خلال أكثر من عام ونصف"، موجها انتقادات للحكومة لعدم حمايتها حتى "مسؤولين حكوميين، وقادة شرطة ومدراء دوائر خدمية، تمّ اعتقالهم من قبل الحشد الشعبي ولا يعرف مصيرهم حتى الآن".
وحمّل الشيخ البياتي فصائل الحشد الشعبي من المنتمين للطائفة الشيعية من أبناء المنطقة حصرا، مسؤولية ما جرى ويجري بعد أن "منعوا العرب السُنّة من العودة إلى مناطقهم، وسمحوا فقط بعودة الشيعة وقاموا بتسليحهم ليعيثوا في أرضنا فسادا وتقتيلا"، بحسب تعبيره.
وأضاف أن "عدد الذين تم توثيق قتلهم على يد الحشد الشعبي والمليشيات بلغ أكثر من 400 شهيد خلال عام ونصف"، على حد قوله.
وخلال الأسبوع الماضي، وحسب ما أفاد به الشيخ البياتي، "وصلت قوة أولية من قوات البشمركة إلى القضاء تمهيدا لوصول قوات أخرى قادرة على استلام الملف الأمني، والتحقيق للوقوف على مصير المعتقلين، والكشف عن الجهات التي تقف وراء هذه الحملة، حسب اتفاق رؤساء العشائر في المنطقة مع قيادات من البشمركة، تضمن أيضا تأمين حماية سكان القضاء والنازحين إليه".
وتحدث البياتي عن اعتقالات نفذها "تنظيم الدولة خلال فترة سيطرته على المنطقة طالت عناصر من الشرطة والجيش وشيوخ عشائر، لكنّها لم تكن على شاكلة ما تقوم به فصائل الحشد الشعبي من استهداف على الهوية"، مستغربا صمت حكومة بغداد على ممارسات "الحشد الشعبي ضد العرب السُنّة، والعقاب الجماعي لهم بتحميلهم مسؤولية سيطرة تنظيم الدولة على مناطقهم".
واتهم البياتي، "باسم العشائر العربية في المنطقة" فصائل الحشد الشعبي بالوقوف وراء "هذه الهجمة الطائفية التي يتعرض لها العرب السُنّة على يد القوة المسلحة التي شكلها من أبناء المنطقة؛ ممن ينتمون إلى الطائفة الشيعية لتنفيذ كل تلك الجرائم دون رقيب، أو حسيب"، على حد قوله.
اقتتال المليشيات
من جهة أخرى، اندلعت الأسبوع الماضي موجة جديدة من الاشتباكات المسلحة بين كتائب حزب الله وكتائب جند الإمام، بالقرب من مقر قيادة شرطة محافظة ديالى، وسط مدينة بعقوبة، مركز المحافظة، فيما فرضت القوات الأمنية حظرا للتجوال حتى صباح اليوم التالي.
وتأتي هذه الاشتباكات التي "يتكرر نشوبها بين فترة وأخرى على خلفية خلافات تتعلق باقتسام العوائد المالية المتحصلة من عمليات الخطف، وأخذ الإتاوات والابتزاز، التي تقوم بها بعض فصائل الحشد الشعبي"، بحسب ما أفاد به ضابط في استخبارات ديالى، طلب من "
عربي 21" عدم الكشف عن اسمه.
ويوضح الضابط في استخبارات شرطة ديالى الأسباب التي تقف وراء هذه الاشتباكات وملابساتها، بالقول إن "هذه الاشتباكات التي استمرت لأكثر من ساعتين قرب مقر قيادة شرطة المحافظة؛ جاءت بعد أن رفض مسؤول قاطع مركز المدينة التابع لكتائب حزب الله دفع النسبة المتفق عليها مع كتائب جند الإمام"، وفق قوله.
ويضيف الضابط في استخبارات شرطة ديالى، أن قيادة الشرطة تقف عاجزة عن "القيام بمسؤولياتها في مثل هذه الحالات، ولا يستطيع أفراد الشرطة مغادرة مقراتهم للتدخل ووقف الاشتباكات، أو القبض على المسلحين من تلك الكتائب، لكننا أعلنا حظرا للتجوال بعد انتهاء الاشتباكات استمر حتى صباح اليوم التالي".
وتحتفظ قيادة شرطة ديالى بـ"مئات الوثائق المصورة لعمليات خطف واغتيال لمواطنين ينتمون إلى الطائفة السُنيّة، وهي عمليات تجري في وضح النهار بتواطؤ من قيادة شرطة ديالى التي تسمح لتلك المليشيات باستخدام سياراتها لتنفيذ جرائمها، وكثيرا ما لعب ضباط في قيادة الشرطة دور الوسيط للإفراج عن المختطفين مقابل مبالغ مالية"، بحسب الضابط نفسه.
وحول الإجراءات التي تتخذها قيادة شرطة ديالى في التعامل مع تلك الحوادث، يقول الضابط في استخبارات شرطة ديالى: "حاولت إقناع قائد الشرطة بتسليم الوثائق التي تدين هذه المليشيات إلى وزارة الداخلية، لكنه رفض هذا خوفا على حياته في حال اكتشفت المليشيات أنه وراء تسليم تلك الوثائق للوزارة التي تسيطر عليها أيضا قيادات مليشياوية"، وفق تعبيره.
وسبق للضابط الذي ينتمي إلى الطائفة السُنيّة أن تلقى تهديدات "صريحة من قيادات في المليشيات في حال التحدث باسم القانون، معللين ذلك بأن أفراد الشرطة وضباطها، هم خدم للمرجعية الدينية، وليس هناك من قانون سوى ما تقوله المرجعية وقيادات الفصائل".
ويتهم الضابط بشكل صريح "محافظ ديالى وعددا من قيادات المحافظة الأمنية والعسكرية بالتواطؤ مع تلك المليشيات، أو الصمت خوفا على حياتهم".
لكنه من جانب آخر، يرى بعدا طائفيا وراء "ذلك التواطؤ أو الصمت، طالما أن المختطفين، أو الذين يتم اغتيالهم، هم من العرب السُنّة"، محذرا من استمرار هذه الانتهاكات التي دفعت بمعظم العرب السُنّة إلى النزوح من مدنهم وقراهم باتجاه مدن كركوك وإقليم كردستان.
في المقابل، نفى مصدر من كتائب جند الإمام صحة الاتهامات التي وجهها الضابط في شرطة استخبارات ديالى، قائلا: "قيادات المقاومة الإسلامية تقوم بعمليات اعتقال للمتعاونين مع تنظيم الدولة، وحتى إن كانت هناك مبالغ يتم الحصول عليها فيتم إنفاقها لتمويل فصائلنا وإدامة مشروع جهادنا ضد التنظيم"، بحسب تعبيره.
لكن الضابط في استخبارات شرطة ديالى يأسف لحال الشرطة ودورها الذي وصف التعويل عليه في حماية أمن المواطن أشبه بـ"التعويل على سراب"، على حد وصفه.
ويروي المواطن أسامة خالد الخزرجي، المقيم في أربيل، لـ"
عربي21"، قيام مسلحين ينتمون إلى "كتائب حزب الله باختطافي بتهمة الترويج بين الناس للانتماء إلى تنظيم الدولة، وبعد عدة أيام من التعذيب خيروني بين دفع مبلغ 20 ألف دولار أو تحويلي إلى القضاء، مع أدلة قالوا إنها بحوزتهم تكفي لإدانتي وفق المادة 4 من قانون مكافحة الإرهاب، وهذا يعني الحكم عليّ بالإعدام".
وقال الخزرجي إن ذويه قاموا بدفع مبلغ 20 ألف دولار عبر أحد الوسطاء، وهو ضابط في قيادة شرطة ديالى؛ بعدها تمّ الإفراج عنه مع أمر خطي بمغادرة المحافظة مع عائلته خلال 24 ساعة.