نشرت صحيفة "ديلي ميل" البريطانية مقالا للصحفي والكاتب البريطاني بيتر أوبورن، يتحدث فيه عن تورط
بريطانيا الكثيف بممارسة
التعذيب ومشاركتها بعمليات "التسليم الاستثنائي" للمشتبه بتورطهم في الإرهاب.
وقال أوبورن في مقاله بعنوان: "هل آن الأوان لنعرف الحقيقة عن تورط بريطانيا بممارسة التعذيب؟"، إنه يبدو أن بريطانيا كانت متورطة بشكل كثيف في عمليات ما يسمى "التسليم الاستثنائي"، والتي يتم من خلالها اختطاف المشتبه بتورطهم في الإرهاب وينقلون إلى زنازين سرية تحت الأرض في دول صديقة حيث يجري انتزاع المعلومات منهم تحت التعذيب.
وتابع بأن القصة الكاملة لتورط بريطانيا في هذه الفترة الحالكة منذ أن فقد حزب العمال الجديد بوصلته الأخلاقية ما زالت غير معروفة بالكامل ولم تسرد تفاصيلها بعد، وذلك بالرغم من أننا نطلع من حين لآخر على لمحات مرعبة.
وقال أوبورن إن شاكر عامر، الذي أطلق سراحه أخيرا من معتقل غوانتانامو بعد أربعة عشر عاما من الاحتجاز بلا تهمة ولا محاكمة، أكد أن مسؤولا بريطانيا كان حاضرا عندما كان الأمريكان يعذبونه.
وأضاف أن هناك العديد من الحالات الأخرى المزعجة، إلا أن الحكومة عملت بكل ما في وسعها خلال الأعوام العشرة الماضية للإبقاء عليها طي السر والكتمان، واستخدم الوزراء في سبيل ذلك عددا من الأساليب، بما في ذلك الخداع الذي لم يتورعوا عن اللجوء إليه بشكل مباشر.
وقال أوبورن: "خذ على سبيل المثال وزير الخارجية السابق جاك سترو الذي قال أثناء إدلائه بشهادة أمام إحدى لجان البرلمان في كانون الأول/ ديسمبر من عام 2005: ما لم نبدأ جميعا بالاعتقاد بصحة نظرية المؤامرة وأن المسؤولين يكذبون، وأنني أنا نفسي أكذب، وأنه ما وراء ذلك يوجد نوع من الدولة السرية التي تتواطأ مع بعض القوى الظلامية في الولايات المتحدة الأمريكية، وأيضا، دعوني أقول، أن نعتقد بأن وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس تكذب هي الأخرى. ببساطة، لا صحة على الإطلاق للمزاعم بأن المملكة المتحدة متورطة بأي شكل من الأشكال في عمليات 'التسليم الإستثنائي'. نقطة على السطر".
وتابع بأنه "ثبت منذ ذلك الحين أن مزاعم السيد سترو أمام البرلمان كانت واهية وما لبثت أن انكشفت، ولجأت الحكومة إلى التستر وإخفاء الأدلة، وقال لا أدل على ذلك من أن لجنة الاستخبارات والأمن (آي إس سي)، وهي الكيان البرلماني الذي من المفروض أن يراقب ويحاسب أجهزة المخابرات، برأت هذه الأجهزة من كل مزاعم التواطؤ والتورط في عمليات التسليم الاستثنائي – وهو القرار الذي يبدو اليوم كما لو أنه كان ناجما عن حالة من اللامبالاة بل ومن التواطؤ أيضا".
وذكر الكاتب أيضا أن الأدلة على تورط بريطانيا في التعذيب ما زالت تظهر، وأشار إلى قصة المعارض الليبي السابق عبد الحكيم
بلحاج.
ويدعي عبد الحكيم بلحاج أن جهاز المخابرات السري البريطاني هو الذي رتب عملية "التسليم الاستثنائي" التي تم من خلالها خطفه هو وزوجته الحامل ونقلهما من تايلاند إلى ليبيا حيث مورس بحقه التعذيب بأوامر شخصية من دكتاتور ليبيا معمر
القذافي. ولسوف تبدأ المحكمة العليا الأسبوع المقبل النظر في القضية التي رفعها ضد السلطات البريطانية.
وقال الكاتب إنه بعد سقوط معمر القذافي في خريف عام 2011، اكتشف المحققون في العاصمة الليبية طرابلس مراسلات بين السير مارك ألان، الذي كان حينها رئيس قسم مكافحة الإرهاب في جهاز المخابرات البريطاني إم آي سيكس ورئيس جهاز المخابرات التابع للقذافي موسى كوسا. تشير المراسلات، والتي لم يبادر السير مارك إلى نفي صحتها أو الطعن في صدقيتها، إلى أن بريطانيا شاركت مشاركة فعالة في عملية نقل السيد بلحاج من بانكوك وتسليمه إلى السلطات الليبية في طرابلس.
ونسب السير مارك في أحد الخطابات إلى نفسه الفضل في المساعدة في ترتيب عملية احتجاز ونقل السيد بلحاج وزوجته قائلا: "كان ذلك أقل ما يمكن أن نقدمه لك ولليبيا."
وقال الكاتب إن ما جرى للسيد بلحاج كان انتهاكا صارخا للقانون البريطاني. فقانون الإجراءات الجنائية لعام 1988 ينص بوضوح شديد على أن التعذيب جريمة يعاقب مرتكبها بالسجن وأن أقصى عقوبة يمكن الحكم بها هي السجن مدى الحياة.
وحاولت الحكومة البريطانية وضع الكثير من العراقيل أمام القضية التي رفعها بلحاج إلا أنه أصر على المضي قدما في القضية.
لقراءة مقال:
هل آن الأوان لنعرف الحقيقة عن تورط بريطانيا بممارسة التعذيب؟