بالرغم من أن المبادرة الروسية المقترحة لحل الأزمة في
سوريا تضم بشكلها الخارجي "أساسا مهما من الممكن البناء عليه"، بحسب تصريح وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، إلا أن تفاصيلها تثبت الوجود الروسي في سوريا؛ سياسيا عبر الوصاية على النظام، وعسكريا بتواجد وإبقاء قواتها هناك.
وقدم وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، لنظيره الأمريكي جون كيري خلال لقائهما الثنائي في فيينا، يوم الجمعة الماضي، ورقة اقتراحات تتضمن بنودا مفصلة للحل السياسي في سوريا، وجدت الإدارة الأمريكية فيها أساسا مهما من الممكن البناء عليه، بحسب مصادر مطلعة لصحيفة "القدس العربي".
وأضافت الصحيفة، نقلا عن مصدر مطلع على المقترح الروسي، أن الأفكار التي قدمها لافروف وجدتها الإدارة الأمريكية صالحة للعمل، ويبدو أنها بدأت اتصالات ومشاورات مع أطراف عربية، ومن المتوقع أن تطرح تعديلات عليها في لقاء موسع يوم الجمعة المقبل، متوقعا أن يكون الاتصال الهاتفي الأحد بين لافروف وكيري بهذا الإطار، حيث أعلنت وزارة الخارجية الروسية أن لافروف وكيري واصلا مناقشاتهما بشأن احتمالات الحل السياسي لأزمة سوريا بمشاركة السلطات السورية و"المعارضة الوطنية" التي يدعمها المجتمع الدولي، بحسب الصحيفة.
وبحسب البنود، التي حصلت عليها "القدس العربي"، فإن الأساس الذي يمكن البناء عليه، هو العمل على "مؤتمر حوار يضم معارضة الداخل والجيش السوري الحر. ويتم الاتفاق بنهاية المؤتمر على: إطلاق كافة المعتقلين، التخطيط للانتخابات البرلمانية والرئاسية، إصدار عفو عام، تشكيل حكومة وحدة وطنية سورية، الموافقة على تغييرات في الدستور يتم بموجبها نقل صلاحيات الرئيس لرئيس الوزراء المنتخب"، بضمانات روسية بعدم ترشح الرئيس بشار الأسد بنفسه، مع السماح لشخصيات بالنظام للترشح.
وضمن "تهيئة الأجواء الروسية للانتخابات"، تضمنت المبادرة إعداد "قائمة أهداف"، ضد كل من يرفض الحل السياسي، وسيتم قصفه بواسطة المقاتلات الروسية والأمريكية وحلفائهما في سوريا، في حين يتوقع أن تضم القائمة كل معارضي الأسد، بحسب تعريف
روسيا لـ"الإرهاب" الذي بدا بمواقع قصفها العسكري التي كان أكثر من 80 بالمئة منها على مواقع للجيش الحر.
وتابعت الصحيفة بأن من بنود المبادرة "وقف كل المعارك على الخطوط الأمامية بين قوات المعارضة السورية والجيش السوري"، و"توافق النظام والمعارضة على خطة لدمج قوات الدفاع الوطني والجيش السوري الحر وقوات أخرى في صفوف الجيش السوري والقوات الأمنية"، و"ضمان عفو عام لكل أفراد المعارضة وناشطيها ومقاتليها داخل سوريا وخارجها. في المقابل لن تقدم المعارضة على مقاضاة الأسد لجرائمه داخل وخارج سوريا"، فيما يصفه مراقبون بأنه "إعادة هيكلة شكلية للنظام دون تغيير جوهري، ضمن سيادة روسية".
كما تضمن المبادرة "إبقاء روسيا على وجود قواتها في سوريا؛ لضمان تطبيق خطة السلام بعد إقرار القوانين الخاصة بهذا الشأن في مجلس الأمن الدولي".
وفي المقابل، أكد وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، أثناء لقائه نظيره المصري سامح شكري بالقاهرة، رفض
السعودية على أي دور للأسد في مستقبل سوريا، مشيرا إلى سعي السعودية لإبقاء "سوريا بلدا موحدا تعيش فيها جميع الطوائف بمساواة، وتكون بلدا خاليا من أي قوات أجنبية"، في إشارة إلى القوات الروسية، ما يثير تساؤلات حول إمكانية الموافقة على المبادرة بين الأطراف الداعمة للأسد والمعارضة له في "اللقاء الموسع" المتوقع الجمعة المقبل.
من جانبه، قال المستشار القانوني والقيادي في الجيش السوري الحر أسامة أبو زيد، إنهم يرفضون التعاون مع روسيا والحوار معها، طالما تواصل طائراتها استهداف عناصر الجيش الحر ومقراته في مختلف أنحاء البلاد، نافيا في الوقت نفسه توجيه روسيا أي دعوة للأخير من أجل الحوار.
وكانت واشنطن وموسكو أعلنتا، الجمعة الماضي، في ختام اجتماع رباعي في فيينا، بحث فرص حل الأزمة السورية، وضم وزيري خارجيتها، إضافة إلى نظيريهما السعودي والتركي، بأن يعقد اجتماع دولي جديد قريبا يكون موسعا أكثر، الجمعة المقبل.
في حين أكد وزير الخارجية الأمريكي جون كيري أن "بقاء الرئيس السوري بشار الأسد يجعل السلام مستحيلا"، كرر نظيره الروسي سيرغي لافروف أنه "يجب ترك الشعب السوري يقرر مصير رئيسه بشار الأسد"، ما يعكس استمرار التباعد بين القوتين حول بقاء الرئيس السوري في السلطة.