تفاقمت الخلافات بين أنصار التيار الصوفي المتهم بموالاة النظام السوري، وجيش الإسلام، ذو التوجه السلفي "المعتدل"، جنوب دمشق، لتخرج الأزمة من حرم المساجد ولتتحول إلى مظاهرات واعتصامات تجوب الشوارع والساحات وتطالب بخروج
جيش الإسلام من بلدة
ببيلا في الريف الجنوبي لدمشق.
وجاء احتدام الصراع بين أنصار التيار الصوفي، وعلى رأسهم الشيخ أنس الطويل، من جهة، وأتباع التيار السلفي من جهة أخرى، بعد الإعلان قبل أيام؛ عن عزم فصائل ذات مرجعية سلفية، عقد دورة علمية شرعية للأهالي في ببيلا، تحت عنوان "إجازة في كتاب"، والتي كان من المفترض أن يكون مسجد "عمر بن الخطاب" مسرحا لها.
قال الناشط الميداني صهيب الشامي، لـ"
عربي21"، إن الدورة الشرعية التي يسعى جيش الإسلام لعقدها لم تلق ترحيبا بين أوساط التيار الصوفي المقرب من النظام السوري، وفي مقدمتهم الشيخ الطويل، أحد أعضاء لجنة المصالحات مع النظام السوري جنوب دمشق، ليوجه أنصار
الصوفية تهديدات للقائمين على الدورة، وعلى رأسهم جيش الإسلام، بإثارة الأهالي ضدهم في حال رفضهم العزوف عن الدورة الشرعية المشار إليها.
والدورة الشرعية المعلنة، يشرف عليها عدة قيادات وشرعيين من الفصائل، أبرزهم: أبو البراء اليبرودي، قائد جيش الإسلام في جنوب دمشق، وأبو نافع الدمشقي، قائد لواء ضحى الإسلام، إضافة إلى أحد الشرعيين في حركة أحرار الشام الإسلامية. إلا أن الهيئة الشرعية في منطقة ببيلا، التي يترأسها الشيخ الطويل، رفضت تلك الدورة، في حين لم يلق رفضهم أي آذان صاغية لدى أنصار التيار السلفي من جيش الإسلام وبقية التشكيلات المشاركة معه، وبدأت الدورة الشرعية أعمالها، بحسب ذات المصدر.
واستطرد الشامي قائلا: "أثار رفض جيش الإسلام غضب الشيخ الطويل وأهالي ببيلا الموالين من أصحاب التوجه الصوفي، فقاموا في اليوم التالي بدعوة المحسوبين على التيار عبر مكبرات الصوت إلى التوجه والاجتماع بالقرب من المسجد الذي تقام به الدورة الشرعية، وذلك بهدف الضغط على القائمين عليها للعزوف عن الدورة
السلفية".
وبحسب الشامي، فقد توجه الشيخ الطويل الذي خطب بالناس في المسجد؛ إلى القائمين على الدورة بالقول: "دوراتكم لا نريدها"، ثم تحرك الطويل إلى مشارف مقرات جيش الإسلام وخطب بالناس هناك قائلا: "هؤلاء يريدون تلويث فكر أبنائنا"، وقال إن كل من يحضر دورتهم هم من الغرباء من خارج بلدة ببيلا، لتخرج على أثر ذلك مظاهرة من أنصار التيار الصوفي تطالب بعدم تسيس المساجد، وعدم سيطرة المقاتلين والفصائل على المساجد.
كما قام الطويل بجمع الأهالي في اليوم التالي بالمسجد الذي يقوم عليه، ومن ثم توجه برفقة وفد صغير لمقابلة أبو البراء.
ولاحقا عقد اجتماع بين الجانبين في المسجد الذي تقام به الدورة الشرعية، إلا أن النقاش احتدم بينهما، إلا إن طلب قائد جيش الإسلام من الوفد والحاضرين مغادرة المسجد، مشيرا إلى أن الدورة ستعقد أمام المسجد، بحسب ما أكده الناشط الميداني لـ"
عربي21".
وأوضح الشامي أنه بالفعل أقيمت الدورة في الشارع أمام مسجد عمر بن الخطاب كما كان مقررا لها. وكان لافتا، بحسب الناشط، تواجد الشيخ الطويل مع عدد من مناصريه في الدورة الشرعية يستمعون لما يقال فيها. وبعدها عمد بعض أنصار التيار الصوفي من منطقة ببيلا، إلى إخراج مظاهرات واعتصامات بمساندة أهالي بلدة بيت سحم، منددين بجيش الإسلام، ووصفوا عناصره بـ"الخوارج التكفيرين".
وأكد المصدر أنه ما زال أتباع التيار الصوفي، الذي يعد الشيخ أبو النور خورشيد أحد رموزه، يتهيؤون للمزيد من الضغوط على جيش الإسلام ومن معه، الأمر الذي ينذر بتصعيد الخلافات التي قد تتطور للمواجهات العسكرية، خاصة في ظل غياب أي أفق للتسوية أو التهدئة في الوقت الراهن، إضافة إلى مطالبة أنصار التيار الصوفي لمعارضيه بالخروج من منطقة ببيلا.
تطور الخلافات الحالية وتأزمها بين أنصار التيار السلفي "المعتدل" والتيار الصوفي، جاء بعد قيام الأخير بإخراج مظاهرات واعتصامات، بمساندة أهالي بيت سحم، لإخراج "جبهة النصرة" من بلدة بيت سحم، إلا أن تلك المظاهرات تحولت لحرب عصابات وشوارع بينهم وبين النصرة، انتهت بخروج النصرة من البلدة بعيد سقوط عشرات القتلى والجرحى من الطرفين، وآنذاك كان جيش الإسلام يقف على الحياد، وساعيا لحل النزاع.