إذا استمرت اسرائيل بممارساتها، ستنفجر الأمور حتما وسنرى انتفاضة جديدة - أرشيفية
مع موجة العنف الجديدة في القدس الشرقية والضفة الغربية المحتلتين، يلوح شبح اندلاع انتفاضة فلسطينية ثالثة مماثلة للانتفاضتين السابقتين في 1987 و2000، بحسب ما يقول محللون، دون الجزم بوقوعها.
وإذا كان خطر اندلاع انتفاضة جديدة قائما، فمن المبكر القول ما إذا كانت أعمال العنف الحالية ستتطور إلى مواجهات واغتيالات وعمليات انتقامية شبيهة بما حصل سابقا، وأدى إلى استشهاد آلاف الفلسطينيين
يقول ناثان ثرال، محلل من مجموعة الأزمات الدولية، : "اليوم، وبعد أيام عدة من عدم الاستقرار، لا يستطيع أحد أن يقول إن كنا متجهين نحو أزمة ستستمر سنوات عدة" كما حصل في الانتفاضتين الفلسطينيتين".
ويضيف المحلل "تقول إسرائيل إن السلطة الفلسطينية تقف وراء ذلك. ولكن في الحقيقة، فإن الفصائل السياسية تقوم بركوب الموجة التي لا يستطيع أحد السيطرة عليها".
ويشعر الفلسطينيون بإحباط مع تعثر عملية السلام واستمرار الاحتلال الإسرائيلي وزيادة الاستيطان في الأراضي المحتلة، بالإضافة إلى ارتفاع وتيرة هجمات المستوطنين على القرى والممتلكات الفلسطينية.
وأشار استطلاع رأي أجري مؤخرا إلى أن 57 بالمائة من الفلسطينيين يدعمون اندلاع انتفاضة مسلحة، وهي نسبة "مماثلة لتلك التي سجلت قبل شهرين من اندلاع الانتفاضة الثانية" التي انطلقت من المسجد الأقصى في أيلول/سبتمبر 2000.
ويقول الوزير الفلسطيني السابق وأستاذ العلوم السياسية في جامعة بيرزيت علي الجرباوي "فقد الفلسطينيون الأمل بالتوصل إلى تسوية سياسية وأغلقت الأبواب أمامهم وأمام قيادتهم".
وبحسب الجرباوي، فإن "الهبة الجماهيرية التي تشهدها الأراضي الفلسطينية تعبر عن إحباط الشعب الفلسطيني، مشيرا إلى أن الشعب الفلسطيني يتواجه عمليا مع دولتين: إسرائيل الدولة المحتلة، والمستوطنون الذين يقومون بجرائمهم بموافقة حكومة بنيامين نتانياهو".
وينتهج المستوطنون المتطرفون سياسة انتقامية يسمونها "دفع الثمن" تقوم على مهاجمة أهداف فلسطينية، وجنود في كل مرة تتخذ السلطات الإسرائيلية إجراءات يعتبرونها مناهضة للاستيطان.
وتشمل تلك الهجمات تخريب وتدمير ممتلكات فلسطينية وإحراق سيارات ودور عبادة مسيحية وإسلامية وإتلاف أو اقتلاع أشجار زيتون. ونادرا ما يتم توقيف الجناة.
وفي 31 تموز/يوليو، استشهد الطفل الفلسطيني علي سعد دوابشة في شهره الثامن عشر وتوفي والداه لاحقا في حريق بمنزلهم في قرية دوما، بعد إلقاء مستوطنين متطرفين زجاجات حارقة عليه.
وبالنسبة للجرباوي، فإن "الجانب الفلسطيني أصبح محصورا في الزاوية، بعد محاولة القيادة الفلسطينية تأجيل انفجار الأمور في الشارع الفلسطيني، ولكن إذا استمرت حكومة نتانياهو بممارساتها ستنفجر الأمور حتما وسنرى انتفاضة جديدة".
واندلعت اشتباكات عنيفة منذ السبت بين شبان فلسطينيين والجيش والشرطة الإسرائيليين في العديد من المناطق والمدن الفلسطينية.
والاثنين، قتل الجيش الاسرائيلي طفلا فلسطينيا يبلغ من العمر 13 عاما جنوب الضفة الغربية المحتلة برصاصة في الصدر، وبذلك، يرتفع عدد الفلسطينيين الذين استشهدوا برصاص الجيش والشرطة الإسرائيلية إلى أربعة: اثنان منهما في القدس، بينما قتل أربعة إسرائيليين منذ الخميس، اثنان منهما في القدس القديمة.
واتهمت الرئاسة الفلسطينية حكومة إسرائيل بأنها تحاول جر المنطقة إلى دوامة عنف، مشيرة إلى أنها تقوم بذلك "للخروج من المأزق السياسي والعزلة الدولية".
وقالت الرئاسة في بيان هو أول رد على تصاعد التوتر بين الفلسطينيين والإسرائيليين "الجانب الإسرائيلي هو صاحب المصلحة في جر الأمور نحو دائرة العنف للخروج من المأزق السياسي والعزلة الدولية".
وتشهد باحة المسجد الأقصى والمسجد نفسه منذ منتصف أيلول/سبتمبر مواجهات بين الفلسطينيين وقوات الأمن، خصوصا بسبب إصرار بعض المتشددين اليهود على الصلاة داخل المسجد، لا سيما خلال فترة الأعياد اليهودية الأخيرة، كما اتسعت دائرة التوتر لتشمل أيضا البلدة القديمة في القدس الشرقية.
واندلعت الانتفاضة الثانية في أيلول/سبتمبر 2000 بعد زيارة ارييل شارون إلى باحة المسجد الأقصى. وفي عام 1996 أدى فتح إسرائيل لنفق تحت المسجد إلى وقوع مواجهات أسفرت عن قتلى بين الجانبين.
وطالب الرئيس الفلسطيني محمود عباس الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون الأحد بالعمل على "توفير حماية دولية" للشعب الفلسطيني، "قبل أن تخرج الأمور عن السيطرة".
في المقابل، تتمسك إسرائيل بسياساتها المتشددة، إذ استمر اليوم إغلاق البلدة القديمة في القدس أمام الفلسطينيين.