أوقفت فصائل الثوار في
حلب، شمال
سوريا، حركة المدنيين على طريق
الكاستيلو، وهو الممر الوحيد الذي يربط المناطق الخاضعة لسيطرة الثوار في مدينة حلب بالريف الشمالي، وذلك بعد حوادث الاستهداف المتكررة للمدنيين من قبل مليشيا "
وحدات حماية الشعب الكردية"، الجناح المسلح لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي الذي يترأسه صالح مسلم.
ناشطون محليون في مدينة حلب بثوا صورا قالوا إنها لضحايا مدنيين وسيارات محروقة ناجمة عن نيران الوحدات الكردية في حي الشيخ مقصود، المطل على الطريق.
من جهته، أكد عضو المكتب الإعلامي لـ"كتائب الصفوة الإسلامية"، وسيم حافظ، قطع تشكيلات المعارضة للممر الوحيد بين الريف الشمالي والمدينة "احترازيا"، بسبب استهداف المارة من قبل القناصة
الأكراد.
وأوضح حافظ في تصريحات خاصة لـ"
عربي21"، أن قرار الإغلاق الأخير جاء بعد أيام على بدء اندلاع المواجهات بين الوحدات الكردية التي تتمركز في الحي، وفصائل الثوار، مع الحديث عن قرار بفتح معبر بري يصل حي الشيخ مقصود بمناطق سيطرة النظام السوري، دون استشارة الثوار.
في غضون ذلك، رجح عضو تجمع المحامين الأحرار، مثنى ناصر، تطور الصراع الحالي بين قوات المعارضة والوحدات الكردية، لافتا إلى تعثر جهود الوساطة التي كانت تهدف إلى نزع فتيل الأزمة.
وأشار ناصر في حديث لـ"
عربي21"، إلى ممارسات صادرة عن الوحدات الكردية وصفها بـ"العنصرية"، وقال: "لم نشهد جهدا جماعيا من قبل فصائل المعارضة فالوضع لا يبشر بالخير، وقد نشهد حصارا لمدينة حلب قبل بدء فصل الشتاء القادم".
وكما يبدو، فإن الاشتباكات الأخيرة التي تدور حاليا في منطقة الشيخ مقصود بين فصائل الثوار وقوات حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي، ليست الأولى ولن تكون الأخيرة، بحسب الناشط الإعلامي حارث عبد الحق، الذي أوضح لـ "
عربي21"، أن الخلافات بين الثوار والوحدات ليست وليدة الساعة، لكنها مشاكل مؤجلة كانت تحل بحلول مؤقتة.
ورأى عبد الحق أن الوحدات الكردية وجدت الفرصة سانحة أمامها بسبب حالة التفرق والتشرذم بين الفصائل العاملة في حلب، المنشغلة بقتال تنظيم الدولة في الريف الشمالي، والنظام في العديد من الجبهات، لتقوم الوحدات الكردية بالتنسيق مع النظام، ولتفرض واقعا عسكريا وسياسيا جديدا في المدينة، بحسب قول عبد الحق.
وعبر الناشط الإعلامي عن اعتقاده بعدم صوابية حسابات القوات الكردية، وقال: "إن التهاون وعدم الحزم من قبل الفصائل لا يعني التفريط بمصالح الثورة بحال من الأحوال، والرد من قبل الفصائل سيكون حازما"، وفق تعبيره.
وتحدث عبد الحق عن "التنسيق" فيما بين الوحدات والنظام، ورأى أن النظام السوري "زج" بالوحدات الكردية المدعومة من قبل التحالف الدولي إلى صراع مفتوح مع الثوار، الذين سيتعرضون لضغط أكبر من قبل التحالف في حال دخلوا الصراع مع القوات الكردية، وفق تقديره.
ولم يستبعد عبد الحق افتتاح المعبر البري الرابط بين مناطق النظام ومناطق سيطرة القوات الكردية قريبا، معتبرا أن النظام يحاول كسب ود الوحدات الكردية، للحفاظ على الطرق الواصلة بين مناطق سيطرة الأخيرة في عفرين ذات الأغلبية الكردية، ونبل والزهراء الشيعيتين، المحاصرتين من الثوار.
ووافق زكريا ملاحفجي، رئيس المكتب السياسي لـ"تجمع فاستقم كما أمرت"، وهو أحد فصائل الثوار، حديث عبد الحق الذي تحدث فيه عن وجود تنسيق بين النظام والوحدات الكردية. وزاد ملاحفجي على ذلك بالقول: "التنسيق قائم بين الطرفين منذ بداية الثورة السورية، وفي كثير من الجبهات هم يقاتلون في صف واحد، والحديث الحالي عن افتتاح معبر يؤكد دخول قوات النظام إلى المناطق المحررة".
وردا على سؤال لـ"
عربي21"، حول إمكانية استعداء الوحدات للفصائل في حلب، على الرغم من قوة الأخيرة، قال: "الآن الوضع مختلف، فالنظام دخل في تحالف جديد مع القوات الروسية، والوحدات دائما هي في طرف الحلف الأقوى. ولا أرى في هذا الاستقواء الكردي إلا ثمرة من ثمار التدخل الروسي الأخير والمباشر في سوريا" حسب تعبيره.
وخلص ملاحفجي بالتشديد على أن الثوار، ومنذ بدء الثورة، حرصوا على التعامل بمبدأ حسن النية مع الوحدات الكردية، على خلاف الأخيرة التي لم توفر جهدا في الطعن المباشر بالمعارضة، حسب قوله.
ومن المرجح أن تشهد الأيام القليلة القادمة تطورا للصراع في مدينة حلب، وقد يتطور ليدخل فيه النظام كطرف ثالث بعد أن عزز الأخير من تواجده العسكري عبر استجلابه للسلاح الثقيل من محافظة حماة إلى شرق مدينة حلب، الذي يشهد هو الآخر معارك طاحنة هدفها كسر الطوق والحصار المفروض على مطار كويرس العسكري من قبل تنظيم الدولة.