هل سيخوض
الإخوان المسلمون في الأردن
الانتخابات النيابية المقبلة؟ وهل سنرى نوابا إسلاميين تحت قبة البرلمان؟ وهل ستعود الجماعة للمشاركة بالاستحقاق الانتخابي بعد غياب ومقاطعة؟ تساؤلات سياسية وعناوين صحفية يتم طرحها وقراءتها في الساحة السياسية الأردنية هذه الأيام.
لكن، لا إجابة واضحة حاسمة حول هذه الأسئلة حتى اللحظة من أصحاب الشأن والقرار، سواء بالمشاركة أو
المقاطعة، بالرغم من إعلان رئيس الوزراء الدكتور عبد الله النسور في 31 آب/ أغسطس الماضي، إقرار مجلس الوزراء مسودة مشروع قانون الانتخاب الجديد لسنة 2015، وذلك بإلغاء الصوت الواحد، واعتماد القائمة النسبية المفتوحة.
وبالتسليم لتفسير مراقبين وسياسيين، يفيد بأن الحكومة قررت التخلي عن الصوت الواحد وإلغاءه من مسودة قانون الانتخابات الجديد، وذلك تشجيعا للحركة الإسلامية على المشاركة في الانتخابات النيابية المقبلة، إلا أن ذلك لم يعمل حتى الآن على إقناع الإسلاميين بإصدار قرارهم بالمشاركة، بل على العكس، فإن للإسلاميين ملاحظات سلبية على مسودة القانون، كما أفاد بذلك الناطق الإعلامي باسم حزب جبهة العمل الإسلامي المهندس مراد العضايلة.
فقد رأى الناطق باسم الذراع السياسي لجماعة الإخوان في تصريح لـ"عربي21" أن "مسودة قانون الانتخابات النيابية التي طرحها رئيس الحكومة عبد الله النسور ظالمة ومشوهة، بالرغم من إلغاء الصوت الواحد"، معتبرا أنها "تعمل على تشتيت الأصوات، وتفتقر نسبة الحسم وعتبة الاحتساب في نظام القائمة النسبية المطروحة"، مطالبا بـ"تعديل المسودة"، في الوقت الذي يعتقد فيه أن "هناك بالفعل إمكانية للتعديل من قبل الحكومة".
وفيما رفض العضايلة الكشف عن الاتجاه العام داخل حزب جبهة العمل الإسلامي، حول المشاركة بالانتخابات من عدمها، اكتفى بالقول: "إن القرار قيد الدراسة"، مستدركا في الوقت ذاته بأن "الرسائل الصادرة من قبل الحكومة تجاه الحزب لا توحي بأجواء إيجابية تدعو للمشاركة"، لافتا إلى أن "قرار الحكومة بإغلاق قناة اليرموك الفضائية، وعدم التراجع عن ترخيص جمعية جماعة الإخوان المسلمين، وعدم الإفراج عن نائب مراقب جماعة الإخوان المسلمين زكي بني ارشيد من السجن، كلها رسائل غير إيجابية بتاتا".
وفي حين تصدر أمنيات وتوجه دعوات من جهات عديدة ومختلفة للحركة الإسلامية من أجل ضرورة المشاركة وعدم مقاطعة الانتخابات النيابية المقبلة، وذلك في ظل طرح مسودة القانون الجديد، إلا أن الناطق الرسمي لجماعة الإخوان المسلمين المهندس بادي الرفايعة، لا يرى فيما تم طرحه من تعديلات في مسودة قانون الانتخاب الجديد، يشجع على المشاركة.
فالرفايعة في حديث مع "عربي21"، يعتبر أن "المسودة التي طرحها رئيس الحكومة عبد الله النسور، تشوبها عيوب كثيرة، يجب التخلص منها"، مشددا على "ضرورة تعديل هذه المسودة ومعالجتها قبل إقرارها رسميا"، مؤكدا أن "دوائر الجماعة تعكف على تمحيص ودراسة المسودة لاتخاذ قرار نهائي فيها من قبل القيادة سيتم الإعلان عنه قريبا".
وبالإشارة إلى أن مشاركة الإخوان في الانتخابات النيابية المقبلة ستكون بمثابة حماية لها من الاستهداف الرسمي الذي ظهر مؤخرا في أكثر من صورة وموقع، قال الرفايعة: "إننا لا نخشى على وجود الجماعة ولا على شرعيتها، فهي متعمقة ومتجذرة في المجتمع الأردني، وحاضرة في كل قرية ومدينة ومخيم، علاوة على وجودها في النقابات ومؤسسات المجتمع المدني، فمن الصعب انتزاع وإلغاء وجودها من الساحة السياسية".
وتابع بأن "قرار المشاركة إن تم، فلن يكون بناء على هذه التخوفات والحسابات، بل سينبع من وجود قانون انتخابي عادل وإجراءات مضمونة سلمية تتمثل بالشفافية والوضوح، عندها من العيب عدم المشاركة في الانتخابات"، وفق تعبيره.
وفيما إن كانت المشاركة ضرورية للجماعة من أجل قياس مدى شعبيتها وحضورها، في ظل ما يتردد مؤخرا عن تراجع لشعبيتها وجمهورها، نفى الرفايعة أن تكون مشاركة الجماعة من هذا المنطلق، منوها إلى أن "شعبية الجماعة وحضورها كبير وراسخ، إذ تمثل وتأكد في أكثر من عملية انتخابية جرت في الآونة الأخيرة، سواء في الجامعات أو النقابات، أو في الحشود التي حضرت بالمهرجانات التي أقامتها مؤخرا"
ولم يوافق الرفايعة على أنه في حال وافقت الجماعة وأصدرت قرارها بالمشاركة في الانتخابات، فإن يكون ذلك يعدّ تراجعا وانقلابا على اشتراطاتها السابقة المتمثلة بضرورة إقرار تعديلات دستورية من قبل الحكومة تعمل على تغيير بنية النظام.
وأوضح الناطق الرسمي في هذا الشأن، أن "العمل السياسي يتميز بالمتغيرات والمعطيات، مع العلم أن القناعة والمبدأ السياسي لدى الجماعة هو المشاركة لا المقاطعة"، مشيرا إلى أن "المقاطعة التي جرت في العامين 2010 و 2013 كانت ضمن إجماع وطني على عدم التعامل مع القانون الانتخابي حينها"، معتبرا أن "المشاركة بالانتخابات على أساس ذلك القانون من قبل الحركة الإسلامية خيانة للشعب وجماهيرها وأنصارها".
بالنظر إلى وجهات نظر وآراء قواعد جماعة الإخوان المسلمين تجاه مسودة قانون الانتخاب الجديد، ومدى قناعتها بالمشاركة، وهل يوجد لدى هذه القواعد ميول للمقاطعة وعدم المشاركة، أفاد الناشط الحراكي ثابت عساف بأن "القواعد التي التقيتها وناقشتها حول هذه الأمور، لا تؤيد الذهاب إلى تجميل أي مجلس نيابي، خاصة في ظل بيئة سياسية غير مناسبة".
وبالرغم من أن عساف لا يمثل القواعد رسميا، إلا أنه من الناشطين على مستوى القواعد، خاصة الشباب منهم، ورأيه مؤشر إلى ما يدور بين القواعد الإخوانية حول قانون الانتخاب الجديد، فقد أكد العشريني عساف الذي اعتقلته الأجهزة الأمنية مرتين، وذلك لمطالبته بإصلاح النظام السياسي، في حديث لـ"عربي21" أن "قواعد الإخوان تثق برأي قيادتها، وتنتظر الموقف الرسمي الذي ستعمل على تنفيذه، سواء كان مشاركة أو مقاطعة"، قائلا: "سمعا وطاعة لرأي القيادة مهما كان".
يشار إلى أن عشرين حزبا سياسيا، تمثل تيارات الموالاة والوسطية والمعارضة، أعلنت رفضها لمشروع قانون الانتخاب الجديد، وذلك خلال مؤتمر صحافي عقد في مقر حزب الجبهة الأردنية الموحدة بالعاصمة عمان.
وقد اعتبرت الأحزاب أن القانون الجديد "مجرد التفاف على قانون الصوت الواحد، وأنه لا يعبر عن مطالب الشعب ولا رؤية الملك، ولا يقدم أي إضافة على مشروع التمثيل السياسي.