مع انطلاق الثورة السورية، نشر النظام قواته داخل المدن مستغلا بذلك كل المرافق العامة، والأبنية الحكومية، وحتى المتنزهات والمواقع الأثرية، فنشر قناصته فوق الدوائر الحكومية ومتاريسه على أطراف أبنيتها، بينما تمركز عناصره داخلها فتحولت إلى
ثكنات عسكرية.
ولم يكن حال قلعة
حماة الأثرية استثناء من ذلك، فبعد أن كانت معلما أثريا في حماة ومنتزها للأهالي، احتلتها قوات النظام عقب اجتياح المدينة في أواخر عام 2011، ونصبت متاريسها العسكرية على أطراف القلعة، كما تم استقدام آليات عسكرية ضخمة، ومنصات إطلاق صواريخ وقذائف، لتتحول القلعة إلى ثكنة عسكرية ضخمة تنشر الرعب في أكثر من عشرة أحياء في المدينة تطل عليها القلعة.
موقعها الإستراتيجي
تطل القلعة على أحياء الحاضر، والشمالية، والسخانة، وحي طريق حلب، ومخيم العائدين في الطرف الشمالي من المدينة، والمغيلة، والمدينة، والباشورة، والطوافرة، وحي أبي الفداء وسط المدينة.
ويعد حي الباشورة الأثري والقريب من القلعة؛ من أكثر المتضررين، بحسب شهادات سكانه، حيث يقول أبو عبد الرحمن لـ"
عربي21": "منذ أن احتل النظام القلعة لم نعد نستطيع السير في الحي بشكل طبيعي بسبب خوفنا من
القناصة".
وأضاف: "نشعر أننا مراقبون في بيوتنا بسبب جنود النظام الذين يتمركزون على أطراف القلعة المقابلة لبيوتنا، فقمنا بإغلاق نوافذنا بالأحجار خوفا من دخول الرصاص العشوائي وتلصص الجنود علينا".
ويوضح أبو عبد الرحمن أن الكثيرين من أبناء الحي أصيبوا بإطلاق الرصاص العشوائي الذي يصدر من القلعة أثناء الاشتباكات، هذا عدا عن عمليات القنص المتعمد للناس في حال خرجوا من بيوتهم في وقت متأخر من الليل.
ويقول ناشطو المدينة إن القلعة أصبحت مركزا لقصف المناطق الخارجة عن سيطرة النظام، حيث تم قصف حي طريق حلب منها عند تحريره من قبل الثوار في عام 2013، فهي بموقعها وسط المدينة تشكل مرصدا ونقطة قوة كبيرة للنظام، ومنذ سيطرة النظام عليها أصبحت منطقة عسكرية وفرغت ساحتها من الأهالي الذين كانوا يقصدونها للتنزه، حيث نصب النظام متاريسه على أبوابها وتحولت بين يوم وليلة إلى منطقة عسكرية.
ملهى ليلي
وتعد الخدمة في قلعة حماة حلما بالنسبة لعناصر النظام كونها نقطة عالية ومعزولة عن ضربات الجيش الحر، وهذا ما يجعلها مكانا آمنا وبعيدا عن الاشتباكات، بالإضافة للمزايا التي توفرها مساحتها الجغرافية الكبيرة، من غرف أنشأها النظام بداخلها، عدا عن المقاهي التي كانت فيها وحولها جنود النظام إلى مكان لإقامتهم وسهراتهم اليومية، حيث يفيد ناشطون يسكنون في الأحياء القريبة بأن القلعة تصبح في الليل مثل الملهى، وتصل أصوات الأغاني منها إلى الشوارع.
وأفاد الناشط ياسر الحموي، في حديثه لـ"
عربي21"؛ بأن عناصر النظام يجلبون النساء إلى داخل القلعة بشكل شبه يومي، ويأتي إليهم أصدقاؤهم للاحتفال والسهر، مشيرا إلى أنها أصبحت أشبه بفندق ومكان ترفيه لجنود النظام.