يدخل قردان من فصيلة أورانغ أوتان على الحلبة للتواجه في مباراة ملاكمة في عرض يجذب سكانا محليين وأجانب، إلا أنه يتناقض مع توجه سائد في البلاد نحو تأمين رفاهية الحيوانات.
ففي صباح كل يوم يتهافت مئات السياح وغالبيتهم من آسيا لحضور أحد العروض الرئيسة في حديقة "سافاري وورلد" للحيوانات قرب
بانكوك التي يقوم فيها قردة بمحاكاة تصرفات البشر، ولا سيما في ميلهم إلى العنف والجنس.
فترتدي أنثى الأورانغ أوتان تنانير قصيرة وصدرية لباس بحر وتدعي أنها تغوي العازفين من القردة، فيما تقوم قردة أخرى بدور المشجعين.
ويحط القردان على الحلبة بعد مرورهما فوق الحضور على سلك معلق وكل منهما يرتدي سروال ملاكمة قصيرا.
وتقول عايشة وهي سائحة سيريلانكية في الثالثة والعشرين خلال جلوسها في المدرجات لوكالة فرانس برس: "إنه من أكثر الأمور التي رأيتها في حياتي إثارة للضحك. التصرفات التي تقم بها القردة لا تصدق".
إلا أن الجميع ليسوا بهذه الحماسة. وتقول إروين نيوتن (30 عاما) من الولايات المتحدة: "أنا لا أحب هذا الأمر بتاتا. أنا لا أفهم ما المثير في جعل الحيوانات تتصرف بهذه الطريقة العنيفة والقذرة".
بالنسبة للمراقب الخارجي قد تبدو معاملة
تايلاند لحيواناتها متناقضة. ففي هذا البلد البوذي يمكن رؤية كلاب مدللة تجر في عربات أطفال أو معابد توفر ملجأ لكلاب وهررة مشردة.
لكن في الوقت ذاته، الذي قد يقدم فيه للكلاب طبق ساخن في شمال شرق تايلاند، فإنها تبقى البلاد المعروفة بأنها مركز للاتجار بالحيوانات والتي تبقي على تقليدها القائم على رياضات دامية مثل
مصارعة الديكة والثيران.
لكن، ثمة مؤشرات إلى تحول في مواقف الرأي العام. فقد أقر في نهاية العام 2014 أول قانون حول رفاه الحيوانات في ظل حكم المجلس العسكري بعد سنوات من الحملات من مجموعة متزايدة من الجمعيات المحلية للدفاع عن الحيوانات.
ويحظر القانون صراحة "تعذيب الحيوانات ومعاملتها بوحشية" باستثناء النشاطات التي هي جزء من تقاليد البلاد. وتسعى أوساط مصارعة الحيوانات في البلاد إلى إضفاء طابع أقل عنفا على هذه التقاليد.
فخلافا للفلبين حيث تجهز الديكة المعدة للمصارعة بشفرة عند مستوى قوائمها، فإن مصارعة الطيور في تايلاند تتم راهنا مع تغطية قوائم الحيوانات بالقماش.
ويتم الحكم على الديكة على أساس مهاراتها القتالية وليس قدرتها على قتل الخصم. وأما مصارعة الثيران فيما بينها والمنتشرة خصوصا في الجنوب، فهي نادرا ما تؤدي إلى القضاء على الحيوان خلافا لما يحصل في المصارعة بين الإنسان والثور في إسبانيا مثلا. كما أن الثيران تعامل معاملة المشاهير والنجوم.
ويقول شايشان لاواهاسيريبانيا، الأمين العام للجمعية التايلاندية لمكافحة الوحشية ضد الحيوانات: "حتى في مصارعات الحيوانات فإنه يجب وضع قواعد. يجب أن يأخذوا في الاعتبار صحة الحيوان وطول المباراة".
ويقول سودان ويسودثيلوم وهو عالم أناسة في جامعة تاماسات في بانكوك، إن التحول نحو جعل تقاليد البلاد أكثر مراعاة للحيوانات ناجم جزئيا عن تربية الناس للحيوانات المنزلية، لا سيما في المدن.
وفي أرجاء بانكوك ومدن أخرى تنتشر المستشفيات ومتاجر الألبسة وصالونات التجميل الخاصة بالحيوانات المنزلية.
وتحظى التصرفات الوحشية حيال الحيوانات ولا سيما الكلاب بتغطية كبيرة. ففي تموز/ يوليو تصدر خبر توقيف أحد وجهاء إحدى القرى بعدما قتل كلب جاره بسبب شجار بينهما، الصفحات الأولى في وسائل الإعلام التايلاندية.
لكن رغم عمليات أخيرة للشرطة، فإنها لا تزال تايلاند مركزا للاتجار بلحوم الكلاب في شمال شرق البلاد من أجل تلبية الطلب المحلي والإقليمي في لاوس وفيتنام والصين.
وتجذب النزهات على ظهر
الفيلة، السياح أيضا، ما يثير غضب الناشطين الذين يعتبرون أن هذه الحيوانات التايلاندية تعمل لساعات طويلة في نقل السياح يوميا.
وفي نهاية آب/ أغسطس، فقد فيل أعصابه في شمال تايلاند وقتل مروضه قبل أن يهرول في الأدغال مع ثلاثة سياح صينيين على ظهره.
وقد أدى الاستياء من معاملتها إلى إقامة عدد من المحميات التي تراعي هذه الحيوانات، حيث يشجع الزاور على رؤية الفيلة في محيطها الطبيعي من دون أن يركبوا على ظهورها.
إلا أن القوانين لا تنفع إن لم تطبق. ومن الأمثلة على ذلك محمية "تايغر تمبل" في كانشانابوري التي يديرها رهبان. وتشير السلطات إلى وجود 150 نمرا في الموقع من دون ترخيص رسمي وهي تعهدت بمصادرتها.
إلا أن الحكومة لا تزال عاجزة عن ذلك خوفا من ظهورها وكأنها تواجه رجال الدين ولأن المسؤولين يقرون بأن لا مكان آخر لوضع هذا العدد الكبير من النمور.