تساءلت مجلة فورين بوليسي الأمريكية: "لماذا لا يتم الحديث عن تحرير
الموصل من قبضة تنظيم الدولة"، في الوقت الذي توقعت فيه المجلة أن تكتفي الحكومة
العراقية بتحقيق الاستقرار في مدينتي الرمادي والفلوجة، خاصة في ظل التباطؤ الظاهر للعيان في الحرب ضد تنظيم الدولة.
بناء على ذلك، رأت المجلة عبر تقرير كتبه الباحث في معهد واشنطن مايكل نايتس، على صفحاتها، أنه وفقا لهذا الوضع العسكري في العراق، فإن "الولايات المتحدة ستبقى في العراق بعد انتهاء فترة ولاية الرئيس الأمريكي
أوباما، وهي نتيجة لا يريدها أحد، وخاصة أوباما نفسه".
وفي محاولة من الباحث نايتس، لتفسير سبب الإحجام عن الحديث عن تحرير الموصل التي تعدّ المدينة العراقية الثانية، قالت: "يركز التفسير السائد لهذا الوضع، إما على تحفظ أوباما وتردده بشأن تخصيص المستوى الضروري من الموارد لهزيمة تنظيم الدولة الإسلامية بصورة أسرع، أو على عدم قدرة العراقيين على الاستفادة من الدعم الدولي في المجهود الحربي".
ورأى أن السبب وراء مشكلات هذه الحرب هو "وجود رئيس متردد أو حلفاء غير أكفاء. ومع ذلك، فإن الحقيقة هي أكثر إزعاجا، فالجيش الأمريكي ليس الحليف الذي يمكنه أن يكون، بسبب افتقاره للخيال والمرونة".
ولفت نايتس إلى أن من الأسباب التي تقف عائقا أمام تحرير الموصل من بين يدي تنظيم الدولة أنه "منذ البداية، واجهت وزارة الدفاع الأمريكية صعوبة في تنفيذ مهمتها لإضعاف تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وهزيمته، فـ"القيادة من الخلف" هي في الواقع شديدة الصعوبة، وأحد أوجه الفشل الرئيسية للجيش الأمريكي هي أنه لا يزال عالقا في حقبة زمنية، كما في عام 2007، عندما كان لديه 185,000 جندي منتشرين في جميع أنحاء العراق. إلا أن الواقع يختلف في الوقت الحالي: فهناك حوالي 3,000 جندي أمريكي في العراق، وغالبا ما يجب عليهم البقاء "داخل الأسوار" في قواعد آمنة".
واعتبر أنه بالرغم من مواصل وزارة الدفاع الأمريكية متابعة جهود التدريب والتسليح، والتجهيزات الضخمة، إلا أنها "ما زالت غير مرنة بما يكفي لاستخدام قوتها الجوية للحصول على أكبر قدر من التأثير".
وبين كاتب التقرير أن "إحدى أولى مبادرات القيادة المركزية الأمريكية كانت الدفع باتجاه محاولة مبكرة لتحرير الموصل، عاصمة تنظيم الدولة الإسلامية في العراق، وقد نتج عن استراتيجية "الموصل أولا" برنامج تدريب وتسليح كبير يهدف إلى بناء ألوية هجوم جديدة كليا للجيش العراقي من أجل تحرير الموصل. واستخدمت وزارة الدفاع الأمريكية نهج "قاطع الكعكة" لتصميم "صندوق تدريب وتجهيز العراق" الذي تبلغ قيمته 1.6 مليار دولار، وهو نسخة مصغرة للبرامج الأمريكية الضخمة التي أنتجت نسخا عراقية مطابقة للألوية العسكرية الأمريكية في الفترة ما بين 2005 و 2008".
لكن نايتس استدرك قائلا: "إن صندوق تدريب وتجهيز العراق" كان دون المستوى، حيث تم تدريب 9,000 جندي فقط من بين 24,000 جندي كان من المقرر تدريبهم وتجهيزهم بحلول حزيران/ يونيو 2015. ويعود ذلك جزئيا إلى أن الولايات المتحدة ليست في وضع مشابه لذلك الذي كان قائما في عام 2005: إذ إنه ليس لديها الموارد أو الوقت لمقاربة بطيئة تقوم على نهج التجربة والخطأ في بناء وحدات كاملة".
وفي حين توخى "صندوق تدريب وتجهيز العراق بناء ألوية عسكرية شديدة التعقيد على الطراز الأمريكي، يتم إمدادها جميعا بمجموعات كاملة من المعدات توفرها الولايات المتحدة. ومع ذلك، أشار العراقيون إلى أنهم لا يستطيعون استيعاب ذلك الكم من المعدات الجديدة أو صيانته بسبب قدراتهم اللوجستية غير المتطورة".
وحول دور القوة الجوية الأمريكية، أشار نايتس إلى أنه "تم إعاقة القوة الجوية الأقوى في العالم في العراق عبر مزيج من قواعد الاشتباك الصارمة والعدد القليل جدا من راصدي الأهداف الموثوقين على الأرض فيما يتعلق بشن الغارات الجوية".
ولتفعيل القوة الجوية الأمريكية، أفاد تقرير فورين بوليسي بأنه "يجب توفير دعم جوي قريب مرن ودون شركاء أينما يهاجم تنظيم الدولة الإسلامية قوات برية حليفة، إضافة الحصول على المزيد من العيون على الأرض، الذين يؤتمنون بما يكفي لإخبار القوات الجوية الأمريكية بإطلاق الأسلحة عندما يحتاج حلفاؤها المساعدة أكثر من أي وقت".
إلى ذلك، اعتبر نايتس أنه يجب إيجاد "طريقة مبتكرة لتغذية بيانات موثوقة من أجهزة الاستشعار على الأرض إلى الطائرات الحربية الأمريكية التي تقاتل تنظيم الدولة الإسلامية، وقد يعني ذلك بناء فرق أسلحة جوية عراقية خضعت للتدقيق قادرة على الاندماج مع أنواع مختلفة من الوحدات المتنوعة كالجيش العراقي، والبيشمركة الكردية، وحتى عناصر خضعت للتدقيق من "وحدات الحشد الشعبي" ذات الغالبية الشيعية ومقاتلي العشائر السنة".
وقال: "إن الجيش الأمريكي يحتاج إلى الإبداع. وقد يعني ذلك تكييف معدات بسيطة جاهزة للاستخدام مثل كاميرات رأس "جو برو"، واتصالات صوتية، وأجهزة نظام تحديد المواقع العالمي GPS، لكي تستطيع القوات الخاصة العراقية والكردية التي تم تدقيقها إعطاء التحالف منظور من الأرض عن ساحة المعركة".
وأنهى الباحث مايكل نايتس تقريره في مجلة فورين بوليسي، معتقدا أن "ابتكارات ساحة المعركة السريعة والبسيطة التكلفة هي في صلب الحمض النووي للجيش الأمريكي، وأن ذلك الابتكار ما زال في صلب الحمض النووي للجيش الأمريكي، وقد تكيّفت وزارة الدفاع الأمريكية، وابتكرت أساليب لتحقيق النجاح في العراق قبل نصف عقد من الزمن خلال فترة زيادة القوات والحرب المضادة ضد العبوات الناسفة، مشددة على أنه "لم يفت الوقت بعد للقيام بذلك مرة أخرى وتحرير مدينة الموصل".