بعد أن قضى معظم وقته متنقلا بين مخيم عين الحلوة وصيدا، قرر الشيخ أحمد الأسير الخروج من لبنان لكنه ورغم تنكره وتزوير وثائق سفره، وقع في قبضة سلطات مطار بيروت.
وبحسب وسائل الإعلام اللبنانية، فإن الأسير الذي نزل في بيت عبد الرحمن الشامي، ومنه توجه إلى مطار بيروت، قام بتغيير مظهره حيث أجرى بعض التعديلات على قصة شعره وملامح وجهه وملابسه ثم استقل سيارة أجرة من نوع مرسيدس بيضاء اللون إلى المطار.
أما الوثائق التي حاول الأسير استخدامها للسفر، فهي جواز سفر فلسطيني مزور باسم خالد علي العباسي، ووالدته فاطمة، من مواليد صيدا عام 1972، وبطاقة شخصية مزورة خاصة باللاجئين الفلسطينيين، وتأشيرة سياحية إلى نيجيريا.
ونقلت صحيفة "المستقبل" اللبنانية روايتها لوقائع متصلة بعملية توقيف الأسير.
وبحسب معلومات "المستقبل" التابعة لتيار المستقبل الذي يتزعمه رئيس الوزراء الأسبق سعد الحريري، فإنّه كان قبيل توجّهه إلى المطار يقيم في منزل في منطقة سيروب إلى الجنوب الشرقي من صيدا عند تخوم عين الحلوة، يعود للمدعو "عبد ش."، بحيث كان متوارياً لديه ويتنقل بين منزلين يعودان له في سيروب وجدرا.
وصبيحة اليوم الذي أوقف فيه، استقلّ الأسير سيارة أجرة أقلّته من سيروب إلى ساحة النجمة في صيدا، ومن هناك استقل "تاكسي" لوحده طالباً من السائق أن يقلّه إلى المطار، وكان متنكراً بالمظهر نفسه الذي أوقف به في المطار، وهي السيارة التي جرى تعميم مواصفاتها، وأفيد أنه تم توقيف سائقها الذي تبين أنه لم يكن يعلم من هي الشخصية التي يقلّها.
وإلى المطار، وصل الأسير قبل ظهر السبت حاملاً جواز سفر فلسطينيا مزورا وكان في نيّته التوجّه إلى القاهرة ومنها "ترانزيت" إلى نيجيريا عبر الخطوط الجوية المصرية مستنداً في خطته إلى أن يساعده في الفرار تنكّره والتعديلات التي أجراها على ملامح وجهه وتسريحة شعره وشاربه، غير أنّ التعرّف إليه تم بناءً لصورة كانت الأجهزة الأمنية قد حصلت عليها من شخص في مخيم عين الحلوة كان هو نفسه قد زوّد الأسير بجواز السفر المزوّر ومن ثمّ قام بتزويد الأجهزة الرسمية بالصورة التي تظهر شكله الجديد بعد تغيير ملامحه.
أما صحيفة "النهار" فتروي أن الأسير كان قد وصل من عين الحلوة إلى مطار الرئيس رفيق الحريري بمفرده في سيارة مرسيدس وليس كما قيل من أنه كان في رفقة شخص، وقبض عليه عند نقطة الأمن العام في حرم المطار وليس في الطائرة بعدما أثار جواز سفره الفلسطيني المزور الشكوك لدى عنصر الأمن العام، الذي طلب منه مرافقته.
ولم ينكر الأسير هويته واعترف أنه هو، على رغم خضوعه لعمليات تجميل. أما عن الحديث عن نجاح الأمن العام في توقيف الأسير نتيجة بصمة العين، فنفته "النهار"، وأوضحت أن جهاز الأمن العام لا يملك هذه الآلة التي تخوله مراقبة بصمة العين، بل إن القبض عليه تم بعد مراقبة دقيقة وحثيثة وبسرية تامة من الأمن العام منذ مدة.
صحيفة "السفير" أدلت بدلوها كذلك وقدمت روايتها الخاصة للقبض على الأسير، وهي القصة التي شغلت الرأي العام اللبناني والعربي،
وقالت "السفير" إنه قرابة الساعة العاشرة والربع من صباح أمس الأول، وصلت سيارة الأجرة التي كانت تقلّ خالد العباسي من بلدة جدرا إلى مطار رفيق الحريري الدولي، وعندما قاربت الساعة العاشرة والنصف، وما أن قدّم جواز سفره للعسكري، حتى سأله الأخير: اسمك خالد العباسي، أجابه نعم، فاستأذنه الدخول معه إلى مكتب التحقيق المحاذي. تبلّغ الضابط المعني أن خالد العباسي صار موجودا في المكتب. التقطت له أكثر من صورة، وتم إرسالها بواسطة "الواتساب" إلى الضابط المعني في مكتب المعلومات في المديرية العامة للأمن العام.
وتكمل "السفير"، تكامل جهد مختبر الأمن العام في المطار مع مكتب المعلومات، في الجزم بأن جواز سفر خالد العباسي مزور، عندها صار أمر توقيفه محسوماً، ليبدأ البعد الأمني في المديرية العامة للأمن العام في المتحف.
هناك، ما أن تسلم الضابط الكبير الموقوف خالد العباسي، حتى كان يخاطب المدير العام للأمن العام الموجود في مسقط رأسه بلدة كوثرية السياد: مبروك سيدي. أحمد الأسير صار في ضيافتنا في المديرية.
ولفتت "السفير" إلى أنه قبل هذه اللحظة، كانت قد اتخذت إجراءات في مطار بيروت وأروقته شاركت فيها قوة مؤلفة من 40 عسكرياً من الأمن العام. المفارقة اللافتة أن هذه القوة لم تتحرك من أماكنها، ولم تصدر عنها أي حركة تلفت انتباه المسافرين.
وتابعت "السفير" أنه منذ ستة أشهر، تلقى الأمن العام إشارة حول نيّة الأسير مغادرة لبنان بأوراق مزوّرة إلى الخارج، وقبل ثلاثة أشهر، تمّ التأكد أنه مصمم على المغادرة وهو اختار التوجه إلى نيجيريا بسبب إمكان حصوله على تأشيرة من السفارة النيجيرية في بيروت عبر إحدى شركات السفر، ومن دون الحاجة إلى الحضور شخصياً.
وتمّ تشكيل أكثر من مجموعة في الأمن العام. مجموعات كانت تراقب حركة اتصالات مشتبه بصلتها بالأسير، مجموعة كانت تتواصل مع مجموعة مخبرين في صيدا وإقليم الخروب والشمال، مجموعة كانت تقوم بوضع كل الصور التي يمكن أن ينتحلها الأسير عبر برنامج "فوتوشوب" متطور، مجموعة كانت تدقق في الأمن العام في رحلات الطيران والمسافرين، خصوصا إلى نيجيريا وعواصم أخرى.
وفيما كان الجهد متمحورا حول كمين مطار بيروت، كادت الصدفة تجعل الأسير يقع في قبضة الأمن العام في مطلع هذا الشهر، وذلك أثناء وجوده في منطقة شرحبيل لولا مصادفة تحرك دوريات عسكرية لبنانية في المنطقة جعلت الأسير يغير مكانه سريعا باتجاه عين الحلوة.
وقد حمل أحمد الأسير وفق "السفير" مجموعة من الأوراق الشخصية، بينها جواز سفره الفلسطيني المزوّر باسم خالد علي العباسي ووالدته فاطمة وهو من مواليد صيدا 1972، وهو صالح لمدة ثلاث سنوات. كما حمل بطاقة هوية مزوّرة خاصة باللاجئين الفلسطينيين، وفيها أنه من مواليد صيدا (1972) ومن سكان حي البراد، كما حمل جواز سفره تأشيرة سياحية إلى نيجيريا بدءا من تاريخ 10 آب 2015 ولمدة شهرين من تاريخه.
وفور وصول الأسير إلى مقر الأمن العام، شرع المحققون بالتحقيق معه، من دون أن يتعرض إلى أي ضغط حيث قدم معلومات عن بعض الشقق وأماكن تخزين السلاح. وعلى الفور، باشر الأمن العام حملة مداهمات، خصوصا في صيدا وضواحيها الشرقية.
أما صحيفة الأخبار المقربة من حزب الله فقالت في روايتها إن الشيخ
الأسير وصل مرحلة اليأس وحاول أن يهرب عبر عرسال، لكنه عَدَلَ عن خطته، وتنقل "الأخبار" عن مصادر أمنية، لم تسمها، أن الأسير كان ينوي أن يتسلل عبر عرسال إلى الداخل السوري، إلى أي منطقة تخضع لسيطرة المعارضة السورية، غير أنه قرر بعدها إن كان سيبقى أو ينتقل منها إلى
تركيا.
وادعت "الأخبار" أن الأسير كان يستقل سيارة أحد مشايخ "هيئة علماء المسلمين" مرتدياً حزاماً ناسفاً في عرسال، علماً بأنه كان مخططاً أن يلحق بأحمد سيف الدين الملقب بـ«السلس» الذي سبقه إلى عرسال، لكن توقيف بعض الأشخاص المقربين منه والتي تزامنت مع عزل الجيش للبلدة البقاعية، دفعت بالأسير إلى قطع الأمل نهائياً في الخروج عبر عرسال بعدما طال انتظاره، لا سيما بعد توقيف أبرز المقرّبين منه: معتصم قدورة وخالد حبلص، علماً بأن الأول كان «الدينَمو» الذي سهر على توفير حاجيات الأسير ونقله من مكان إلى آخر.
وتضيف "الأخبار" أن الأسير عزم على مغادرة
لبنان، لا سيما بعد اقتراب «شبح التوقيف» منه أكثر من مرة، آخرها كانت بعد دهم استخبارات الجيش لإحدى الشقق إثر مغادرته لها بيومٍ واحد، وتزعم الأخبار أن الأسير أصدر شريطه الصوتي الذي قرأ فيها وصيته بعد تلك الحادثة.
وتنفي "الأخبار" أن الأسير تواجد في مخيم "عين الحلوة"، بل تؤكد أنه لم يدخله أصلاً، بحسب مقرّبين من الأسير، كذلك بحسب إفادات الموقوفين لدى المحكمة العسكرية، لكنه كان يتنقل في الفترة الأخيرة بين الشقق في
صيدا التي عاد إليها من طرابلس إثر أحداث بحنين.