بورتريه

أمير عبد اللهيان.. دبلوماسية "ورقة التوت" (بورتريه)

أمير عبد اللهيان بورتريه
أمير عبد اللهيان بورتريه
الأقوى بين مساعدي وزير الخارجية الإيراني الستة..

ويقال إنه الرجل الأقوى والدائم في وزارة الخارجية سواء في عهد "المحافظ"، محمود أحمدي نجاد، أو "الإصلاحي" حسن روحاني.

عمل مع ثلاثة وزراء للخارجية من تيارات مختلفة، بعد أن تقلد أعلى منصب له كسفير في العاصمة البحرينية المنامة. 

الأول وزير الخارجية، منوشهر متقي، في الفترة ما بين عامي 2005 و2010، الذي رشحه في آب/ أغسطس 2007 ليكون سفيرا لإيران لدى البحرين.

والثاني علي أكبر صالحي في الفترة ما بين عامي 2010 و 2013. ووزير الخارجية الحالي محمد جواد ظريف منذ أب/ أغسطس 2013.

حسين أمير عبد اللهيان خريج قسم العلاقات الدبلوماسية من كلية العلاقات الدولية في وزارة الخارجية الإيرانية، وهو حاصل على شهادة الماجستير والدكتوراه في العلاقات الدولية من جامعة طهران.

تقلد مناصب عدة في وزارة الخارجية الإيرانية من بينها، نائب سفير الجمهورية الإيرانية في بغداد، نائب الممثل الخاص لوزير الخارجية لشؤون العراق، ورئيس الدائرة الخاصة في العراق في وزارة الخارجية، ونائب المدير العام لإدارة الخليج، وعضو وفد التفاوض مع الولايات المتحدة الأمريكية، ثم منصبه الحالي نائب وزير الخارجية الإيرانية للشؤون العربية والإفريقية. 

يمثل أحد أجنحة البروبغندا الإيرانية المتعلقة بمنطقة الشرق الأوسط، إذ تتجلى عبقرية إيران من خلال جانبين اثنين، الأول تعدد التصريحات حول قضية ما بشكل يبدو ثمة تضارب وتناقض أحيانا بحيث يشد أحدهم الحبل فيما يرخيه الآخر، تماما مثل شعرة معاوية بن أبي سفيان، الذي تنزل عليه لعنات وشتائم الإيرانيين صباح مساء.

والثاني هو الربط الذكي إعلاميا بين جميع قضايا المنطقة وفلسطين والصراع العربي الإسرائيلي، فهم يربطون مثلا بين "الإرهاب" و"الکيان الصهيوني"، ويقولون إن الهدف الرئيسي ويصدف أنها جميعا جماعات وحركات سنية، "هو القضاء علي محور المقاومة ضد الکيان الصهيوني، ونهب ثروات العالم الإسلامي".

لكن هذه النظرية تصبح غير قابلة للتطبيق، وتوضع على الرف أو في ثلاجة الموتى عند الحديث عن الجماعات "الإرهابية" الموالية لإيران، مثل "منظمة بدر" و"الحشد الشعبي" وغيرها من تنظيمات طائفية مسلحة. 

كما أنهم يحسنون لصق سلبياتهم بالآخرين، ويسترون عوراتهم بما يأخذونه من ورق شجر الآخرين ودول الجوار، وفق ما يراه مراقبون.

فاللهيان مثلا يقول إن إيران "لا تصر بأن الرئيس السوري بشار الأسد يجب أن يبقى رئيسا مدى الحياة في سوريا". بينما في الممارسة الفعلية على الأرض تبدو دمشق أحيانا أهم بالنسبة لهم من طهران،
كما أنها كثيرا وغالبا ما ترقص على جمر الكلمات، حين تدعو على لسان اللهيان إلى "حل سياسي في اليمن وسوريا"، بينما ترسل مقاتلين من أفغانستان والعراق ومستشارين وأسلحة وأشكال الدعم اللوجستي كافة إلى جبهات القتال في تلك الدول.

وفيما تسيطر إيران بخبرائها وعسكرها وأسلحتها على الأرض والجو والفضاء الفعلي والافتراضي في العراق، يقول اللهيان إن طهران "لا تعتزم إرسال قوات إلى العراق، لكن قد تزود بغداد بأسلحة إذا طُلب منها ذلك" في إطار ما أسماه بـ"محاربة الإرهاب". 

وفيما تنفي طهران اتهامات دول غربية وعربية بأنها تزود المقاتلين الحوثيين في اليمن بالسلاح، تنقل وسائل الإعلام عن عبد اللهيان قوله: "لن يسمح لآخرين بتعريض أمننا المشترك للخطر بمغامرات عسكرية".

وفيما تتورط وتغرق إيران حتى أذنيها بالبحرين بالوسائل والطرق السياسية واللوجستية كافة، وحتى عبر المنابر الدينية والإعلامية، فهي تزعم أن "التدخل العسكري السعودي في البحرين قد أسفر عن سقوط المئات من القتلى والجرحى، وأدى إلى إيجاد شرخ عميق بين الحكومة والشعب وخلق أزمة عدم الاستقرار".

لم يكن لدى إيران مشكلة في إقامة تحالفات استراتيجية وتكتيكية مع المنظمات والحركات السنية ما دامت تخدم مصالحها الخارجية، وتحديدا إذا تعلق الأمر بالقضية الفلسطينية التي تعد البوابة التي تمنح الشرعية لأي دولة، وتعطيها قيمة معنوية تفوق أي قيمة أخرى، فقد أبقت طهران "شعرة معاوية" بينها وبين حركة المقاومة الإسلامية (حماس) رغم غضبها من موقف الأخيرة من الموضوع السوري، ورغبتها برؤية بشار الأسد خارج السلطة.

وفيما يسحب العرب أيديهم ويتنكرون لدورهم القومي في الملف الفلسطيني، تواصل دول إقليمية فاعلة مثل إيران وتركيا التوغل أكثر في أرض فلسطين التي حرمها العرب على أنفسهم وعلى غيرهم، بحسب ما يراه سياسيون. 

ويرفض اللهيان اعتبار "الإخوان جماعة إرهابية" يتوقف قليلا حتى لا يغضب مصر التي تحتاجها إيران، ويكمل عباراته بما يرضي القاهرة بقوله: "يمكن أن يكون بعضهم أقدم على أعمال عنف، لكن ذلك لا يعني أن جميعهم إرهابيون".

اللهيان الدبلوماسي الذي تقع جميع خبراته العملية في  المحيط العربي وتحديدا العراق والخليج، يظهر في وسائل الإعلام في كل ثانية، وكأنه وجه تلفزيوني لا يمكن الاستغناء عن طلته، ويبدو ممسكا بجملة لا تفارق مؤتمراته الصحفية وتصريحاته لوسائل الإعلام وهي "الحل السياسي " لجميع مشاكل المنطقة، والهجوم المفتوح على "الإرهاب السني"، مع أن التطبيق العملي لهذه الجملة يعني مزيدا من التدخل العسكري الإيراني المباشر وغير المباشر في الوطن العربي.
التعليقات (0)